ماذا بعد؟ أخيرا حققت الكرة المغربية الهدف المنشود وحجزت تأشيرة التأهل إلى النهائيات الإفريقية التي ستحتضنها غينيا الإستوائية والغابون، تحقق الأمل بعد مسار لم يكن سهلا علينا نحن المغاربة من لاعبين وطاقم تقني ومسؤولي وجمهور، وبالرغم من أن الكرة المغربية وقياسا بتاريخها في القارة السمراء لا تجعل من أمر التأهل إلى النهائيات الإفريقية إنجازا فإن الجمهور المغربي اضطر هذه المرة إلى القفز فرحا بعد مباراة تانزانيا، إلى الخروج إلى الشوارع إحتفالا بهذا التأهل، إلى الهتاف باسم المغرب واللاعبين، لأنه أولا وبكل بساطة اشتاق وشده الحنين للنتائج الإيجابية ولساعات الفرح، فمن فرط الكبوات والإخفاقات أمسى التأهل إلى النهائيات إنجازا، وثانيا إن من يتابع لائحة المنتخبات التي أقصيت كنيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا والجزائر سيتأكد له أن التأهل إلى النهائيات الإفريقية لم يعد حكرا على المنتخبات الكبيرة فقط، ما يؤكد أن خارطة الكرة الإفريقية قد تغيرت كثيرا، ولم يعد هناك منتخب كبير وآخر صغير، ناهيك أن طريق المجموعة التي شارك فيها المنتخب المغربي لم يكن معبدا ولا سهلا من أجل الوصول إلى شط النهائيات، بدليل أن المنتخبات الأربعة ظلت متشبثة بهاجس التأهل إلى آخر جولة التي حددت المنتخب المتأهل إلا مع إعلان الحكم عن نهاية المباراة. هكذا إذن أريد لهذه التصفيات أن تبوح بكل أسرارها، الأسرار التي خرجنا منها بعدة خلاصات حيث تبقى إيجابية وتجعلنا نتفاءل بالمستقبل، خاصة أننا على الأقل نجحنا في تكوين أولا منتخبا شابا نفض عليه غبار التواضع الذي لازمه منذ سنوات وكذلك والأهم من هذا تنقية الأجواء التي كانت تحيط بعرين الأسود والتي كانت أحد أهم الأسباب التي قادتنا إلى الخيبات والكبوات.. ثم لا ننسى أن غيرتس أخيرا وجد التوليفة الأساسية للمباريات حتى أصبحنا نعرف مسبقا وقبل المواجهات التشكيلة التي سيلعب بها غيرتس، وتلك خطوة تؤكد أن المنتخب المغربي في أحسن حالاته وسبب يحيلنا إلى أن الأسود تعافوا من كل الأعراض.. طبعا نتفق أن الإنتصارات غالبا ما تخبئ الكثير من العيوب والسلبيات، لذلك لن نأمن كثيرا لما تحقق من انتصارات وكذا بعد التأهل إلى النهائيات الإفريقية، لأن كرة القدم علمتنا أن لا ننام في العسل بعد كل إنجاز لأن العمل الجاد هو الكفيل للوصول إلى تحقيق النتائج المتوخاة، لذلك سيكون من العبث أن نصاب بالغرور خاصة أن الكثير من المتتبعين أكدوا أن المنتخب المغربي قادر على الفوز بكأس أمم إفريقيا القادمة.. برأيي أن التفكير في الفوز بكأس أمم إفريقيا سيكون أمرا سابق لأوانه، لأن الأهم برأيي هو ما حققه غيرتس من لبنات من أجل إعادة بناء صرح المنتخب المغربي على أسس صحيحة وليست مزيفة مثلما كان الأمر في السابق، غيرتس جاء أولا ليعيد بناء هذا المنتخب، فبعد ما تحقق التأهل إلى النهائيات الإفريقية التي تعتبر خطوة جد هامة في مشروعه سيستمر غيرتس في عمله على مستوى البحث على قطع غيار جديدة، على الزيادة في جرعات الإنسجام والتناغم التقني وكذا توطيد أسلوب عمله داخل المنتخب لأن الأصعب هو القادم، حيث تنتظرنا النهائيات الإفريقية وبعده سندخل رحى تصفيات مونديال 2014 ومنه سيكون علينا أن نحافظ على هذا النسق التصاعدي الذي يسير عليه الأسود، لذلك برأيي هذا هو الأهم لأن المغالاة في التفاؤل وكذا بيع الوهم للجماهير من شأنهما أن يكسرا المسار المعقلن الذي يسير عليه فريق العمل التقني للمنتخب المغربي، لأن الأهم تدبير مرحلة ما بعد التأهل دون أن نغالي كما قلت في التفاؤل.