المال وكفى! قد يكون الإختلاف بينا وبين الدوري السعودي الأفضل خليجيا على قطر والإمارات والكويت رغم تكامل الإمكانيات المادية العالية والتجهيزات الراقية في البلدان المعنية، لكن على المستوى الفني والإحترافي، يبدو الأمر متباعدا قياسا مع الحكايات التي سردها أكثر من مدرب ولاعب مغربي ربح المال بالخليج، لكنه لم ينفع منتخبه على الإطلاق بالطراوة والجاهزية المفروض فيها أن تكون لازمة الدولي المحترف.. قيل أن الكرة الخليجية تتأسس على مران واحد في المساء لشدة حر الصباح والظهيرة، وقيل أن أكثرية اللاعبين الخليجيين يعتبرون الكرة متعة وتسلية، وقد يأتون إلى التداريب بسيارات فاخرة، أو قد لا يأتون دون إعتذار للمدرب رغم أن لذات البلدان إمكانيات كبيرة لشراء أي نجم عالمي ولهم متاحف عالمية في التجهيزات الرياضية والملاعب الراقية والمراكز التكوينية، وقيل أيضا أن المحترف الأجنبي من أي جنسية كانت في المعمور أضحى يفكر في مشروع مستقبله المالي الضخم بالخليج أكثر منه بأوروبا وبأضعاف ما كان يتقاضاه كفرصة لا تعوض في فترة زمنية يعتبرها أي لاعب فرصة عمر خالدة.. وربما كان المال ضرورة أقول عنها خاصية طبيعية في حياة أي لاعب يعيش لمستقبله ما بعد الكرة كحق مشروع، كما كان المال في مشروع تصدير الوجوه المغربية إلى الخليج منذ زمن تكاثر فيه الترحال الخاضع لمنطق اللاعب العادي وأكثر منه نسبيا بالملايين والملايير من البطولة الوطنية إعتنت بها الأندية وتقاسم اللاعب على إثرها مشروع مستقبل مضمون بمنزل مؤمن له ومنزل للعائلة وسيارة ورصيد قوي في البنك وفتح مشاريع إضافية، وهي أولوية تشغيل بالمباشر بالمعنى العام للكلمة. وما فعله عادل هرماش ويوسف العرابي كمحترفين قادمين من فرنسا كان بإيعاز من سلطة المال القوية التي بنى عليها اللاعبان قرارهما الحالم بمعزل عن دفوعات الفرق الأوروبية الخاصة بالراتب الشهري، والمال كان هو المشروع الأكبر للاعبين معا بصفقات خيالية تفوق 200 مليون كراتب شهري صاف بدون ضرائب كقمة في الذكاء ، علما أن اللاعبين معا كانا يتقاضان مبلغا زهيدا وبالضرائب أيضا، وهما الآن في قمة هرم المال الأغلى وبالأضعاف الأضعاف (الله يزيد هم حتى لا نحسدهم)، لكن ما يعنينا من هذا الأمر هو تفكير اللاعبين الذي انصب في الغلاف المالي أكثر منه في قيمة ما سيفعلانه مع الهلال طيلة أربع سنوات قد تكون محمولة بالمفاجآت السارة والمشؤومة وقيمة تغير طرف الإحتراف حتى ولو كانوا حاليا مع رونالد كومان كمدرب لمدة عامين، لأن المشهد الخليجي يختلف في طبيعته المناخية القاسية على المشهد الأوروبي المؤطر بالتدريب لحصتي مران في اليوم عدا حصة واحدة بالخليج.. وربما قد يجد هرماش والعرابي صعوبة في الإنسجام مع هذه الأجواء لأنهما ألفا بفرنسا أجواء باردة ومعتدلة طيلة الموسم عدا الصيف في لهيبه الحار، وهو ما يعاكس طبيعة المناخ الخليجي لما يفوق 42 درجة حرارة طيلة اليوم، ويصعب معها التدريب يوميا بذات المردود والتحضير الذي مارساه بفرنسا، وأخاف من أن يسقطا في فخ الإنحدار ويؤثر ذلك على قيمة المنتخب الوطني مثلما أكده عبد السلام وادو بأن الكرة بالخليج هي من أجل المال ومصلحة الذات، لكن أن يعطي اللاعب الدولي ذات الفاعلية والجاهزية القوية بالمنتخب فهو قمة في الكذب، لذلك أخاف من فشل هرماش كثابث رئيسي بالوسط المغربي، وأخاف من فشل العرابي لأنه سيجد صعوبة في توقيع الأهداف في عز الحر.. وقد يجدها ضئيلة حتى في عز المساء لأنه فقد كثيرا من المقومات التدريبية التي أسس عليها تكوينه الإحترافي رغم أنه لا يلعب كمهاجم أساسي بالمنتخب.... في الأخير أجد نفسي محشورا مع غزارة القراءات المطولة لبعض ردود الفرنسيين القاسية حول اختبار العرابي للخليج من أجل المال، كما أجدني متألما من تحاليل الصحفيين الفرنسيين حول تفكير العربي الهاوي كهداف كان مطلوبا بأندية كبيرة وهوى إلى الحضيض مفضلا المال على التألق.