بين «المونديال» و«الكان» لا قياس مع وجود أكثر من فارق تابعت تطور المنتخبات الإفريقية و الكامرون سيعود أقوى التجارب علمتني أن حماس الأفارقة بكأس العالم يقدم انطباعا خادعا كشف الناخب الوطني الزاكي بادو عن اختلاف وجهة نظره مع الفئة التي تقيم أداء المنتخبات الإفريقية التي شاركت مؤخرا بمونديال البرازيل، وتحاول إسقاطها على الكان القادم. الزاكي قال ل «المنتخب» أن حماس المونديال يقدم في الغالب انطباعا خادعا كما أن الكأس العالمية تختلف في سياقها عن باقي التظاهرات والمسابقات الأخرى. الزاكي في التحليل التالي يقدم قراءته لمشاركة المنتخبات الإفريقية، كيف يتوقع ظهورها بالكان وما هي أهم الإنطباعات التي خرج بها عقب متابعة فصول حدث عالمي قال عنه أنه قدم مستويات راقية وإيقاعا مرتفعا. - المنتخب: تابعت ولا شك فصول مونديال لا يحضره المنتخب المغربي مرة أخرى أي خلاصات خرجت بها والمونديال يبلغ مراحله الحاسمة؟ الزاكي بادو: بكل تأكيد وتظاهرة من هذا العيار الثقيل جدا والتي لا تتكرر سوى كل أربع سنوات لا ينبغي تجاهلها أو ترك الفرصة تمر دون الحرص على مواكبة الجديد الذي تقدمه. أهم خلاصة هو المستوى العالي جدا والإيقاع المرتفع على الرغم من الأجواء التي تقام فيها المباريات وكذا الأجندة المضغوطة لمباريات الأندية الأوروبية، شخصيا تفاجأت بالمستوى ونسبة الأهداف المسجلة تعكس أنه فعلا كأس العالم أوفى بوعوده على مستوى الفرجة. كانت هناك إستثناءات قليلة جدا لمباريات لم ترتق للمطلوب لكنها استثناءات لا تنفي كون المونديال قدم صورة متطورة لمنتخبات حسنت من أدائها واشتغلت بشكل كبير في الفترة الأخيرة. - المنتخب: ألم تشعر بالحسرة وأنت الذي سبق لك وأن شاركت بالمونديال لغياب المنتخب الوطني؟ الزاكي بادو: علينا أن نتجرد من هذه العاطفة وأن نحاكم الأمور بموضوعية، والموضوعية تقول أن من حضر كان يستحق حضوره والمنتخبات الإفريقية التي نابت عنا تستحق حضورها قياسا بالمستوى العام للمنتخب المغربي. بالنسبة لي الحديث عن الحسرة أو الندم لا يقدم ولا يؤخر شيئا، المهم هو الإستفادة من دروس الغياب. - المنتخب: لو طلبت منك ودائما بشكل افتراضي، أن تجيب عما إذا كان المنتخب الوطني قياسا باللاعبين الذين يتوفر عليهم بإمكانه تقديم مستوى مقبول بالمونديال، كيف تجيب على ضوء احتكاكك الأخير بالمجموعة؟ الزاكي بادو»سنكون كمن يكذب على نفسه قبل الترويج للأوهام و تصديرها للرأي العام إن نحن تحدثنا قياسا مع المعيقات و الإكراهات التي واجهت المنتخب المغربي الحديث عن حضوره بمسابقة من هذا الحجم. ومع ذلك ثقتي كبيرة في كون لاعبو المنتخب المغربي من الجيل الحالي لهم من المقومات والإمكانيات ما يؤهلهم للمشاركة بالمونديال دون مركب نقص، وكل ذلك مشروط بعمل على المستوى المتوسط واشتغال في العمق وتأهيل المجموعة نفسيا واستعادتها للثقة بانتصارات متتالية. لو نحن اشتعلنا وفق هذا التصنيف فإن المحصلة النهائية بكل تأكيد ستكون إيجابية. - المنتخب: لنصل الآن لبيت القصيد، أكيد أن المونديال شكل بالنسبة لك فرصة لمراقبة تطور أداء المنتخبات الإفريقية، كيف تقيم حضورها؟ الزاكي بادو: سأكون كاذبا لو قلت أن تركيزي كان كبيرا على هذه المنتخبات فقط، لأن المونديال هو مناسبة لتصحيح الكثير من المفاهيم والإستفادة من آخر صيحات التكتيك والمناهج الخططية. بالنسبة لي التجارب السابقة علمتني أن المونديال عادة ما يقدم انطباعا خادعا عن المنتخبات الإفريقية على وجه الخصوص، وهنا أستحضر تجربة منتخب السينغال فقد شارك بمونديال 2002 وتغلب على فرنسا وبلغ ربع النهاية وخسر منا في أول مباراة إعدادية بهدفين ونحن كنا في طور التجديد والبناء. - المنتخب: ما الذي يمكن أن نفهمه من هذا التقييم؟ الزاكي بادو: أنا أختلف مع الذين هللوا مثلا لأداء بعض المنتخبات الإفريقية وحاكموا أخرى، بالنسبة لي سررت كثيرا بتطور المنتخب الجزائري وتمثيله المشرف للعرب وحتى غاناونيجيريا والمستويات الكبيرة التي قدمتها. لكني أختلف بخصوص تقييم مشاركة الكامرون، هناك الكثير من الجزئيات التي كانت فاصلة في مشاركته الكارثية منها قوة المجموعة واللعب مع المنتخب المضيف، لكني تابعت الكامرون ولمست أن لديه فرديات محترمة ستجعله يعود أقوى قريبا. - المنتخب: وأنت تتابع أداء المنتخبات الإفريقية، ما الذي ترسخ بذهنك بخصوص ما قدموه بالدورة الحالية؟ الزاكي بادو: السرعة على مستوى التنفيذ واللياقة العالية والجاهزية الذهنية، أعتقد أن هناك تطورا على هذه المستويات وهو أمر سنشتغل عليه داخل الفريق الوطني في الفترة القادمة. صحيح ما تزال بعض مظاهر السذاجة حاضرة في أداء بعض المنتخبات وهو ما ساهم مثلا في خروج كوت ديفوار، لكن أداء غالبية المنتخبات كان موفقا. - المنتخب: رغم كل ما أشرت إليه، ألا يعتبر المونديال فرصة لقراءة بعض المنتخبات التي ستكون رقما صعبا بالكان القادم؟ الزاكي بادو: وهنا أنا أختلف أيضا مع هذا الطرح، لأن التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا للأمم كفيلة بإفراز الكثير من المفاجآت ومنها إمكانية عدم مشاركة منتخب من المنتخبات بالكأس القارية القادمة. مسألة أخرى سبق وأن أثرتها وهو كون حماس المونديال يفرض نفسه وهو المتحكم في التألق والظهور القوي بخلاف الكان، وهنا لا بد من استحضار تجارب المنتخب الوطني بفرنسا وكأس إفريقيا ببوركينافاصو وقبلها مشاركتنا بالمكسيك مع دور مصر، لذلك أقل أنهما سياقان مختلفان ولا يتيحان المقارنة. - المنتخب: ومع ذلك كان الحدث مناسبة بالنسبة لمتابعة دقيقة لمنتخبات تمثل أفضل المدارس الكروة بالقارة وهو أمر سيفيدك حتما؟ الزاكي بادو: هذا لا شك فيه، وهو أمر سنحاول نقله للاعبين، متابعة نيجيرياوغانا وكوت ديفوار والجزائر التي قدمت مستويات لافتة، مسألة هامة و إن كان كما قلت سياق المونديال مختلف عن الكان، إلا أن كأس العالم تركت أمامي هامشا من الإستنتاجات الذي سيفيدني بكل تأكيد. - المنتخب: كيف تابعت بلوغ الجزائر الدور الثاني وخروجها أمام ألمانيا؟ الزاكي بادو: لقد تذكرت وأنا أتابع هذه المباراة لقاءنا أمام ألمانيابالمكسيك، لم أتفاجأ على الإطلاق، ألمانيا تعرف كيف تفوز وحتى في أسوإ حالاتها، والجزائر قدمت سابقا أداء أفضل أمام ألمانيا بإسبانيا وفازت يومها لكن في دور المجموعات وما عشناه بالمكسيك عاشه الجزائربالبرازيل. الجزائر قدمت أفضل مشاركة لها وفي اعتقادي ربحت منتخبا قويا للمستقبل؟ - المنتخب: كيف تعلق على ظاهرة إستقالة مدربي المنتخبات الإفريقية؟ الزاكي بادو: هذا عامل جيد ولافت سيكون فارقا على مستوى توازن واستقرار هذه المنتخبات قبل الكان، لقد جربنا بدورنا وصفة الإهتزاز الذي يحدث بعد استقالة مدرب يكون قد اشتغل لفترة فاقت 4 سنوات. وحيد وكيشي ولموشي تركوا منتخباتهم وهو ما يتطلب وقتا لاستعادة التوازن، وما فاجأني فعلا هو عامل التوفيق والحظ الذي له دوره فوحيد مثلا بعد لقاء بلجيكا طالبوا برأسه والإنفصال عنه وبعد التأهل للدور الثاني تحول لبطل قومي وناشدوه البقاء. - المنتخب: الزاكي بادو كحارس سابق كيف تقيم أداء حراس مونديال البرازيل؟ الزاكي بادو: تطور كبير لمسته على مستوى حضور بعض الحراس، أعجبني الرايس حارس منتخب الجزائر والذي يستحق اللعب لنادي أوروبي، وكان موفقا والواقع أنه حارس محترم. حارس منتخب المكسيك أوتشوا أظهر بدوره قدرات عالية، لكن أعتقد أن الحظ ساهم في تألقه ولو عاد وتعامل مع الكرات التي صدها عشرات المرات لربما أخفق. وحارس الإكوادور بدوره أثارني بمستواه الرائع، وتيم هاوارد حارس المنتخب الأمريكي، هؤلاء هم الأكثر تميزا دون إغفال تألق الحارس نويير. - المنتخب: هل حرك شغف المونديال الزاكي ليحاول المراهنة على ربح تحدي بلوغ هذا الحدث العالمي بروسيا لو كتب له الإستمرار ناخبا وطنيا؟ الزاكي بادو: ولهذا أنا متعاقد مع الجامعة والعقد الذي يربطني يجعل من بين الأهداف التأهل للمونديال. بكل تأكيد سأشعر بالفخر الشديد لو ساهمت في تواجد المنتخب المغربي بالمونديال القادم مدربا كما كنت لاعبا، ولنا من الإمكانيات ما يؤهلنا للتواجد بهذه المسابقة وهذا لا أشك فيه.