أخاف من الإحتراف هل فعلا نجح الإتحاد الجزائري لكرة القدم ترسيخ في ثقافة الإحتراف الصحيج في بطولتيه الأولى والثانية بعد تطبيق مراسيمه بداية من الموسم الكروي الحالي؟ ربما تسرع الإتحاد الجزائري في قراءة جغرافية 32 ناديا من الدرجتين معا لتفعيل ما نطق به قانون الإحتراف من مؤدى الأصوات العالية من مسؤولين ومدربي الأندية حول الإرهاصات والإنتقادات الموجهة للإتحاد الجزائري وجهاز الرياضة في الدولة من خلال المعضلات الكبرى التي تعيشها الأندية الجزائرية في هيكلتها الإدارية والفنية وحتى اللوجيستكية دون احتساب الركيزة المالية كدعم غائب من الدولة إلى جانب مشاكل عالقة مطروحة في ملف الإحتراف طالب به مسؤولو الأندية بإعادة النظر في ديون الأندية ومراكز التكوين وسوق الإنتقالات وضرورة استصدار قانون اللاعب، فضلا عن إشكاليات إضافية تعيق سير الأندية التي لا تملك ملاعب جيدة وتنظر فوق ذلك الأراضي الخاصة بإنجاز مراكز التكوين والإعتمادات الخاصة بالفئات الصغرى، والغموض الذي يلف قانون انتداب اللاعبين الأجانب على اعتبار أن رئيس الإتحاد الجزائري محمد روراوة كان قد منع الأندية من انتداب أجانب جدد وعدم تجديد العقود المنتهية مع تحديد عددهم في كل فريق بلاعبين فقط بهدف إعطاء الأولوية للاعب المحلي، وأكثر الدلالات التي يعيشها الإحتراف الكروي بالجزائر في أسوإ حالاته هو الإنتقاد الشديد اللهجة لأن ميشيل مدرب مولودية الجزائر حين أكد على أن الإحتراف المطبق بالجزائر أضحى بمثابة أسطورة في عالم الخيال، ولا شيء تغير في نظره رغم مرور ستة أشهر على تطبيقه بحكم أن لاعبي الفريق ما زالوا يتلقون رواتبهم إما بعد كل ثلاثة أشهر أو ما يزيد، كما أن المدرب يتلقى راتبه بصفة غير منتظمة، قياسا مع توقف البطولة لشهر ونصف. وكل هذه الإشكالات المعقدة لدخول الإحتراف الجزائري حيز التطبيق منذ غشت الماضي، لا تنبئ بتفاؤل المرحلة ما دامت أقلية الأندية هي من تمثل لكل بنود الإحتراف، وتملك المواصفات العالية للتسيير الإحترافي ودفتر تحملات متكامل في ميزانيته وأوراشه وإدارته على الرغم من الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها الأندية المنادية برفع رسالة عاجلة إلى رئيس الدولة هو من نادى بدخول الكرة الجزائرية عالم الإحتراف. إلىكل هذه الخطوات التي تتخبط فيها الكرة الجزائرية من أزمات مالية لا تتماشى مع متطلبات القيمة الإحترافية ودفتر التحملات المتكامل في صياغة كل القرارات المبنية على هيكلة النادي، هل تفلت الكرة المغربية من هذه التجربة الجزائرية الغامضة في تطبيق بنود الإحتراف بالكامل؟ وهل ينجح المغرب في ترسيخ مكونات دفتر التحملات على الأندية إن كانت قادرة أم لا في احتواء مشروع الإحتراف؟ ربما كان المغرب ذكيا في التعامل مع واقع الإحتراف مقارنة مع التسرع الكبير للإخوة الجزائريين في تطبيق انطلاق الإحتراف عام 2010 و2011، لكون المغرب وإلى حين اللحظة لم ينته بعد أو لم يحسم في قانون الإحتراف بشكل رسمي على مستوى المؤسستين التشريعيتين مجلس النواب ومجلس المستشارين، وما زال يضع حجر البناء لأي بند حتى لا يسوده الغموض من منطلق ربح مرحلة أولى في حسم ملفات قانون اللاعب وقانون المدرب والقانون الجديد للعقوبات، وهي الملفات التي صودق عليها في انتظار أن يكون دفتر التحملات العام بهياكل القانون الداخلي للنادي وأولويات ما تفرضه مرحلة التجديد (إدارة محترفة، أنترنيت، موقع خاص، مركز تكوين، ملاعب للتدريب، الإنارة)، وغيرها من الخصوصيات المالية (رواتب، منح ومختلفات أخرى بشكل منتظم)، إضافة إلى عناصر تمويلية إشهارية مدرة للدخل (رعايا الإشهار، والبث التلفزيوني..) وكل هذه المقومات التي ترحل بالنادي الهاوي إلى النادي المحترف أو المقاولة الرياضية، ستجعل منه ناديا محترما لضوابط الفيفا، ومن يتجاهل هذه الضوابط فلن تتعامل معه الفيفا، وقد تكون له عواقب وخيمة، لذلك ما أخافه شخصيا هو أن تعيش الأندية المتهالكة مثلما تعيشه اليوم أندية الحسيمة والنادي القنيطري وقصبة تادلة والوداد الفاسي وشباب المسيرة والدفاع الجديدي وربما يتجسد ذلك حتى مع الصاعدين إلى الدرجة الأولى، من خصاص مالي مهول لا ينسجم مع دفتر التحملات الإحترافي المقبل، وأخاف من أن لا تكون السلطات المقربة جزءا من فشل الإحتراف في بنياته التحتية والفنية والمالية، فضلا عن الخوف الذي يحوم حول قناعات احتراف المسيرين للخروج من عهد «الشكارة» إلى عهد التجديد والتكنولوجيا والبحث عن الموارد المالية المستجيبة لدفتر التحملات والنادي المحترف.