منذ متى كنا نلقي بالا للشائعات؟ لا أعتقد أن مسار أي ناخب وطني جاء للإشراف على العارضة التقنية لأسود الأطلس، سلم جزئيا أو كليا من شائعات الرحيل والإنفصال أو حتى الهروب من العرين، إما ما كان مقصودا نثره في الفضاء للإلهاء أو ما كان رمادا ينفخ فيه لتعمى العيون، وإما ما كان بالونا للإختبار. لذلك لا يجب أن نطيل الوقوف عند الشائعة التي انتشرت في توقيت غريب عن احتمال خروج وحيد خاليلودزيتش من عرين أسود الأطلس على بعد شهر تقريبا من دخول الفريق الوطني للإختبار الحاسم، تصفيات كأس العالم قطر 2022والتي لن نسامح أنفسنا إن فشل الفريق الوطني في بلوغها، كما لا حاجة للتحري والتدقيق عن بواعث ذر هذا الرماد في الفضاء، برغم أن أجدادنا قالوا قديما «لا نار من دون دخان»، أي أن من بادروا لنشر هذه الشائعات وإقرانها بإسمين قيل أن الجامعة تفاوضهما لتعويض وحيد، كانت لهم أسبابهم، وهي تترواح بين جس للنبض وبين التعبير عن التمني، بعد أن اقتنع هؤلاء أن لا أمل للأسود مع الشيخ وحيد في بلوغ المونديال. لست بحاجة إلى التذكير بما سقته عند انتهاء الفريق الوطني من وديتيه أمام غانا وبوركينا فاسو، على إيقاع رتابة في الأداء الجماعي وضعف في المبنى التكتيكي، فقد قلت أن كل الهواجس والمخاوف التي سكنتنا جراء ما كان الفريق الوطني يقدمه جماعيا من أداء مخيف حتى لو اقترن بالإنتصارات، لا يمكنها أن تذهب بنا لحد المجازفة بترحيل وحيد والفريق الوطني على بعد أسابيع من مارطون تصفيات المونديال، والذي سيستنزفنا بجولاته الست خلال 3 أشهر لا غير، فلا الرجل مقتنع بأنه فشل في بلوغ الأهداف الموضوعة ولا الجامعة تستطيع إقالته وهو ينتصر وديا ولا ينهزم في أي من مبارياته الإقصائية التي أهلته لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2021 متصدرا لمجموعته. إلا أنه مع هذا اليقين المتجدد، بأن وحيد خاليلودزيتش لن يغادر الفريق الوطني في هذه الظرفية بالذات، لا مقالا ولا مستقيلا، وجب أن نطرح سؤال تدبير المجموعة، من ينادى عليهم من اللاعبين وهم لا يتطابقون كليا مع المعايير العادلة، ومن لا ينادى عليهم من لاعبين يبدو أن الفريق الوطني لا يستطيع أن يستغني عنهم في هذه الظرفية بالذات، وقد ساءلنا الناخب الوطني عن سبب استبعاده للظهير نصير المزراوي برغم حاجة الفريق الوطني الماسة إليه، بخاصة لما عمد وحيد إلى توظيف الكاريزماتي أشرف حكيمي في الرواق الأيمن مهاجما أكثر ما هو مدافع. وإن نحن تساءلنا عن استبعاد نصير المزراوي سابقا، وقبلنا على مضض بما سيق وقتها من مسببات، فإن غياب نصير عن لائحة الفريق الوطني الذي سيلاقي في الأسبوع الأول من شتنبر منتخبي السودان وغينيا بهامش خطأ جد مقلص، وهو في قمة جاهزيته بالنظر لحضوره في كل وديات ناديه أجاكس أمستردام، سيفجر مسكوتا عنه لا يمكن أبدا القبول به في توقيت صعب وحساس، يحتاج فيه الفريق الوطني لكل قواه الحية وبخاصة إلى ما يديم على عرينه الهدوء والسكينة. وإذا لم تكن الجامعة بحاجة إلى تكذيب هذا الذي ينثر في فضاء الفريق الوطني من شائعات، فإن من مسؤوليتها مواجهة أي انفلات محتمل ورأب أي صدع يوشك أن ينفجر، كما أن من مسؤوليتها استباق الوضعيات الصعبة والمعقدة بتجهيز من ينقذ حلم التأهل للمونديال من التبخر إذا لم تكن نتيجتا مباراتي السودان وغينيا لا قدر الله على قدر الأمل المعقود، وعلى قدر الرهان الأوحد للفريق الوطني، ألا وهو تصدر مجموعته ليضمن التأهل للمواجهة الفاصلة شهر مارس المقبل. تضع الجامعة كامل ثقتها في المدرب البوسني وحيد خاليلودزيتش، تلك بديهية لا تناقش، ولكن أن تكون الجامعة غافلة عن إلتقاط الإشارات التقنية التي أرسلتها المباريات الأخيرة، وبخاصة وديتي غانا وبوركينا فاسو، ولا تتصرف إزاء ذلك بما تقتضيه مصلحة الفريق الوطني فهذا ما سيكون بالفعل لعبا بالنار..