طبعا الأمور بخواتيمها والعبرة لا تكون إلا بالنهايات، ولا أخال نجمنا الكبير أشرف حكيمي إلا سعيدا ومنتشيا بتتويجه رفقة النيراتزوري بلقب السكوديتو الإيطالي، قبل أربع دورات من نهايته، فمع الفوز الذي حققه الإنتر بميدان كروطوني أول أمس السبت بهدفين نظيفين، حمل ثانيهما بصمة الأسد الطائر، ومع تعادل المطارد المباشر أطلانطا، يكون الإنتر قد حافظ على فارق النقاط الذي يضمن له وضع تاج الكالشيو على رأسه من الآن. الخواتيم الجميلة التي قصدتها ترتبط بنادي إنتر ميلان الذي نجح في كسر احتكار اليوفي للقب السكوديتو لتسعة مواسم متتالية، وقصدت بها تحديدا أشرف حكيمي الذي قرر الصيف الماضي أن يدخل جحيم البطولة الإيطالية مع نادي بيع جلده بثمن بخس، مفضلا ذلك على الإكتواء بنار دكة البدلاء داخل ريال مدريد. تذكرون أن حكيمي مع اقتراب نهاية فترة إعارته من ريال مدريد لنادي بروسيا دورتموند الألماني، كان هدفا لشائعات كثيرة ربطته بأكثر من فريق بخاصة مع وجود كم هائل من العروض، وقد كان حكيمي لماحا مع الصحافة الموالية للفريق الملكي الذي نشأ بداخله عند رده على سؤال تكرر بكثير من الصيغ: «هل أنت على استعداد للعودة مجدادا لسانتياغو بيرنابيو، حتى لو اقتضى الأمر أن تجلس مجددا احتياطيا لداني كاربخال؟» لا جواب جاء من حكيمي بالقطع أو بالجزم، كل الذي قاله وقتذاك أنه سيذهب بمعية وكيل أعماله لمدريد لمجالسة فلورنتينو بيريز بهدف وضع النقاط على الحروف، وقد وضعها تلك النقاط ساخنة على حروف مرتعشة، فحكيمي الذي بلغ درجات عالية من التنافسية ومن الصلابة بموسميه الرائعين اللذين قضاهما بألمانيا رفقة أسود الفيستيفال، لم يكن أبدا ليسمح لنفسه بالعودة لجحيم الإحتياط بمدريد، حتى لو أنه بكامل القدرة على منافسة الإسباني كاربخال، ولأن لا بيريز ولا زيدان يمكنهما أن يضمنا لحكيمي تلك الرسمية المبحوث عنها، فقد قرر قبول عرض قادم من إنتر ميلان بقيمة مالية جيدة قياسا بما كانت عليه السوق في ظل جائحة كوفيد 19. كان مفاجئا لنا ولكثير من الخبراء، أن يكون أشرف حكيمي قد فضل عرض إنتر ميلانو الإيطالي على عروض أخرى جاءته من أندية تفوق «النيراتزوري» وجاهة وقيمة تسويقية وقدرة على اصطياد الألقاب، بالنظر إلى أن الإنتر تغيب لسنوات كثيرة عن البوديوم، بل إن هناك من سيعتب على أشرف أنه سيدخل بطولة لا تتناسب مع ملكاته الفنية، بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك بأن لام أشرف على أنه رجح كفة المردود المالي، والحال أن العكس تماما هو ما حصل، إذ سيظهر جليا أن حكيمي رجح في مقام أول المشروع الرياضي، وأنه ما قرر الإنضمام للإنتر على البقاء ولو احتياطيا في مملكة الريال، إلا لأنه اقتنع بالمشروع الرياضي الذي أجاد أنطونيو كونطي كثيرا في رسم تضاريسه، مشروع غايته القصوى هي العودة للبوديوم، ولما لا الوصول إلى اللقب. وبرغم ما يصادفه أي قادم جديد لبطولة إيطالية هي مهد الكتناشيو وموطن المشانق التكتيكية، من متاعب للتوافق مع المناخات الفنية المضغوطة بل والقاصمة للظهر، إلا أن حكيمي نجح بفضل تكوين قاعدي من المستوى العالي في التطابق أسبوعا بعد الآخر مع الفكر التكتيكي للمدرب كونطي، بل إننا سنقف بالعلامات التكتيكية الكبرى على ما جهر به كونطي لحكيمي وبعده للصحافة الإيطالية، من أن الأسد المغربي كان علامة كبرى بل وفارقة في المجسم الفني والتكتيكي الذي وضعه كونطي للإنتر، ليكون هذا الموسم تاريخيا واستثنائيا بكل المقاييس، وقد اتضح ذلك بقوة في الهوية التي اختارها كونطي للإنتر وجرى تنزيلها بشكل رائع خلال الموسم إلى الحد الذي جعل «النيراتزوري» عصيا على المنافسين، كما اتضح ذلك في الأرقام الخرافية لحكيمي هذا الموسم (7 أهداف و6 تمريرات حاسمة) والتي تفوق بها على نفسه بل وأكد من خلالها أن كونطي راهن بالفعل على الورقة الرابحة، وتلك هي الخواتيم الجميلة التي بها نعتبر..