لا نار من دون دخان، ولا نار يمكن أن تثير الذعر والرعب في ريال مدريد، ولو فكرت الصحافة الإيطالية في فرض نوع من «البريسينغ» على الفريق الملكي في موضوع إبننا أشرف حكيمي، الذي غدا ولله الحمد من النجباء في صف المبدعين العالميين، وهي تقذف كألسنة اللهب أخبارا عن قرب إتمام إنتر ميلان لصفقة ضم الدولي المغربي أشرف حكيمي لصفوفها، فإن لريال مدريد جدار صد قوي يرد كل الصواعق، وظهرا لا ينكسر حتى لو كان ما يوضع عليه بوزن الجبال.. شغلتنا طبعا الأخبار المتواترة في شكل أخبار حصرية، وهي تأتينا من إيطاليا تتحدث عن أن نادي إنتر ميلان بتوجيه من مدربه كونطي يطبخ على نار هادئة صفقة جلب أشرف حكيمي لصفوفه، وبيننا من أقلقه ذلك، فبفرض أن حكيمي لن يعود للريال بنهاية عقد الإعارة لدورتموند الذي انتهى رسميا بخوضه السبت الأخير لمباراة الوداع أمام هوفنهايم، فإن ما يتمناه كثير من المغاربة أن يذهب حكيمي لبايرن ميونيخ أو لمانشستر سيتي أو لليوفي، لا إلى إنتر ميلان، برغم أن ما تدلنا عليه أخبار الميركاطو الصيفي، أن كونطي بدعم قوي من ملاك الإنتريستا، يخطط لتشكيل فريق يذكر بإنتر مورينيو الذي توج بعصبة الأبطال الأوروبية، وحتى بإنتر السنوات الغابرة التي كان فيها «النيراتزوري» سيد زمانه محليا وأوروبيا، ومن ضمن ما يخطط له أن يأتي لميلانو عاصمة الموضة والجمال بأشرف حكيمي، لأنه يرى فيه واحدا من الأساسات التكتيكية التي ستقوم عليها منظومة اللعب. ولو أن أشرف حكيمي محجم عن الكلام المباح ولا يتحدث إلا لماما، منذ حديثه الحصري مع جريدتنا «المنتخب»، إلا أن هناك من جاء يؤكد أن حكيمي ووكيل أعماله يوجدون في مفاوضات مفتوحة ولكن عليها أكثر من ستار سري مع إدارة الإنتر وبخاصة مع المدرب كونطي، بل إن هناك من زاد في التأكيد على أن كونطي حصل من حكيمي ووكيل أعماله على موافقة مبدئية، ومن هنا تفسر الأرقام المتداولة والتي تقول بأن ريال مدريد وافق من حيث المبدأ على أن ينتقل حكيمي للإنتر مقابل 40 مليون أورو بعقد ينص على بند إعادة الشراء، إلا أن كل هذا يبنى على الإحتمال، وما جرى الحديث عنه مجرد فرضيات قد تتأكد على أرض الواقع وقد تغدو بعد حين مجرد زبد البحر أو سرابا لا يمسك به أحد. المطلق في كل هذا أن أشرف حكيمي المرتبط بريال مدريد لغاية 2022، سيعود من اليوم إلى مدريد بعد أن أنهى فترة إعارة من سنتين لبروسيا دورتموند الألماني، وحتما ستكون له جلسة بمعية وكيل أعماله مع فلورنتينو بيريز رئيس الريال الثعلب الذي لا تنطلي عليه أي حيلة، والمدرب زين الدين زيدان، بغية وضع النقاط الساخنة على الحروف المرتجفة، وبغية تقديم أجوبة شافية لأسئلة المرحلة، ومن هذه الأسئلة، هل تريد ريال مدريد «حكيمها» الذي غادرها قبل سنتين وقيمته السوقية لا تزيد عن 5 ملايين أورو وعاد بعد الإعارة وقد تضاعفت هذه القيمة السوقية 10 مرات؟ وإن أرادته فعلا، هل لتجعله ندا قويا للظهير كاربخال، أم ليعيش في ظل الظهير الإسباني؟ يحتاج حكيمي وهو المرتبط وجدانيا وفكريا بريال مدريد، إلى أجوبة تشفي الغليل، فمن حقه على الريال أن لا ترمي بعرض البحر كل جهوده الرائعة التي بذلها طوال سنتي الإعارة لدورتموند، إلى أن أصبح مع الإنجليزي أرنولد نجم ليفربول من بين أحسن الأظهرة الدفاعية في العالم، من حقه على الفريق الذي به نشأ أن يعطيه كل أحزمة الأمان، فإذا كان زيدان لا يرى اليوم مجالا للحديث عن تواري كاربخال وتمكين حكيمي من الرسمية، فإن الأفضل لحكيمي وللريال وللفريق الوطني أن يذهب حيث يمكنه أن يشتم رائحة الحرية الكاملة ويتنفس عبق الرسمية، وعندها سيكون من حق الريال أن تختار لحكيمي الفريق الذي يناسبه ويضمن له استمرار التوهج واللمعان. كل ما سمعناه اليوم هو كلام بضمير مستتر، فلا الإنتر قال أنه تقدم بعرض رسمي للريال، ولا حكيمي قال رأيه صراحة بشأن مستقبله القريب، ولا ريال مدريد تزحزح عن صمته إزاء هذا الذي يكتب ويقال، أما نحن فما زلنا عند يقيننا الكامل بأن حكيمي لا يستحق العودة مجددا إلى ظلام الإحتياط، لأن ذلك سيكون بمثابة نسف فعلي لأحلامه وهدر بشع للمكاته وجريمة في حق الإبداع، وريال مدريد ليس ممن يقتلون الإبداع ويحطمون أحلام أبنائهم..