قبل أيام معدودة على انطلاق الموسم الجديد من البطولة الإيطالية لكرة القدم، تسعى الأندية جاهدة الى اقناع المسؤولين بعودة الجمهور الى الملاعب ولو جزئيا، في بطولة تعاني أصلا من تدني الحضور في المدرجات حتى قبل تفشي فيروس كورونا المستجد وما ترتب عنه من توقف ثم الاستئناف خلف أبواب موصدة. ومن المقرر أن ينطلق الموسم الجديد من "سيري أ" يوم السبت على أن يصل الى نهايته في 23 أيار/ماي 2021 من أجل افساح المجال أمام المنتخب الوطني لكي يتحضر لنهائيات كأس أوروبا التي أرجئت من هذا الصيف لعام 2021 بسبب "كوفيد-19". وكان الموعد المبدئي لانطلاق الموسم الجديد في 12 أيلول/شتنبر لكن تم تأخيره لأسبوع، على أن يتم تعويض هذا التأخير بخوض مرحلة في الثالث من كانون الثاني/يناير المقبل، أي بتقصير فرصة عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة. واختتم الموسم المنصرم من الدوري الإيطالي الذي توج بلقبه يوفنتوس للمرة التاسعة تواليا، في الثاني من غشت بعد قرابة عام على انطلاقه في 28 غشت 2019، وذلك نتيجة توقفه لأكثر من ثلاثة أشهر بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد. ولن يكون الجمهور حاضرا في المدرجات حين يفتتح الموسم في عطلة نهاية الأسبوع الحالي ولم يحدد أي موعد لإمكانية العودة حتى وإن كانت جزئية. وفي حديث مع وكالة فرانس برس، أشار عالم الاجتماع والمدون المتخصص في كرة القدم بيبو روسو الى "خوفي هو أننا للأسف اعتدنا أصلا على الملاعب بدون جمهور"، مضيفا "هذا الانقطاع يمكن أن يكون المسرع النهائي نحو بطولة من دون جمهور، لاسيما في إيطاليا حيث يوجد أصلا ميل واضح لهجر الملاعب التي تكون عادة ممتلئة لمباريات يوفنتوس أو في سان سيرو (حيث يلعب قطبا ميلانو)، لكنها شبه مهجورة في المدن الأخرى". وحسب موقع "كالتشيو إي فينانتسا" المتخصص بالناحية الاقتصادية لكرة القدم، شهد الموسم المنصرم ارتفاعا في الحضور الجمهوري قبل أن تعلق البطولة في آذار/مارس بسبب جائحة "كوفيد-19". لكن معدل الحضور في مدرجات الملاعب الإيطالية في مباريات البطولة، والبالغ 70 بالمئة من قدرة الاستيعاب كمعدل وسطي، لا يزال بعيدا عن البطولة الإنكليزية الممتاز والبطولة الألمانية (أكثر من 90 بالمئة)، أو البطولة الإسبانية (76 بالمئة)، وعلى نفس مستوى الدوري الفرنسي بحسب هذا الموقع. وكان الموقع ساخرا الى حد ما في مقالته حين قال "إذا أردنا المزاح، فيمكننا القول إنه في العديد من الملاعب الإيطالية، كان التباعد الاجتماعي بين المشجعين ممكنا أصلا قبل التوقف بسبب فيروس كورونا"، بسبب المدرجات شبه الخالية. من المؤكد أن غياب الجمهور عن المدرجات يؤثر كثيرا على أجواء المباريات وحماس اللاعبين بشكل خاص، لكن تأثيره أكبر على الأندية بسبب حرمانها من المردود المالي للتذاكر. وفي تصريح أدلى به أواخر غشت، قال مدرب المنتخب الإيطالي روبرتو مانشيني "شاهدت بعض المباريات في ملاعب فارغة، لكني أحجمت عن ذلك لأن الأمر كان محزنا". ولا يختلف شعور عميد يوفنتوس جورجيو كييليني عن مانشيني، إذ رأى أنه "بدون الجماهير، يبدو الأمر كأننا في مباريات تدريبية، حتى وإن كنت تلعب من أجل أهداف مهمة". أقيمت بعض المباريات الودية أمام الجمهور، لكن بالنسبة للبطولة فما زال القرار ساريا باللعب خلف أبواب موصدة، على الرغم من جهود يوفنتوس الذي طالب بافتتاح جزئي لملعبه في المرحلة الأولى التي تجمعه الأحد بضيفه سمبدوريا. وعلى البطولة الإيطالية الذي كشف مؤخرا عن ارتفاع حجم الخسائر المرتبطة بالأزمة الصحية، وجميع البطولات الاحترافية الأخرى، الانتظار حتى تشرين الأول/أكتوبر للحصول ربما على الضوء الأخضر من السلطات للسماح بحضور الجمهور. وتركز إيطاليا جهودها في الوقت الحالي على العواقب المحتملة لإعادة فتح المدارس الاثنين، بعد ستة أشهر من الإغلاق. ويدرك الجميع أهمية الجمهور في كرة القدم أو أي رياضة أخرى، إن كان على صعيد التشجيع أو المردود الاقتصادي، وهو ما أشار اليه رئيس رابطة الدوري باولو دال بينو بالقول "من دون جمهور، فإن النظام (كرة القدم) معرض لخطر الانهيار". والى جانب مسألة "متى" و"كيف" سيعاد فتح الملاعب أمام المشجعين، هناك سؤال آخر يتعلق باستعداد المشجعين أنفسهم للعودة الى المدرجات في الدولة التي كانت في بادىء الأمر الأكثر تضررا بالفيروس على الصعيد الأوروبي حيث وصل عدد الوفيات الى أكثر من 35500 شخص حتى الآن. وقال جانفرانكو تيوتينو، الصحافي في صحيفة "غازيطا ديلو سبورت" وشبكة "راي"، لوكالة فرانس برس بهذا الخصوص "علينا أن نرى ما إذا كان الناس سيعودون الى الملعب. لأنه حتى لو تم تركيب فواصل، يبقى الوضع خطرا عند المداخل مع وصول المشجعين أو مغادرتهم من نفس الأبواب بشكل أو بآخر". ورأى أنه "في كافة الأحوال، سنكون أمام معدل إشغال (للمدرجات) أقل (مما كان عليه الأمر قبل تعليق البطولة)، وهناك قلق عند البعض من أن التذاكر ستكون باهظة الثمن لأنه سيكون هناك عدد أقل من الأماكن المتاحة، والتدابير الصحية ستزيد التكلفة على الأندية" التي ستحاول تعويض ذلك من ثمن التذاكر. وتساءل "إذا كانت باهظة، فهل سيعود الناس؟".