أكيد أن التوقف القسري للأنشطة الرياضية بالمغرب على غرار باقي بلدان المعمور، سيكون له تأثيره المباشر على الجانب الاقتصادي في الرياضة وعلى الإعلام الرياضي الوطني الذي لا يمكن أن يظل بمعزل عن الكوارث والأزمات والأوبئة، لأنه جزء من منظومة إعلامية مركبة، خاصة وأن الرياضة أصبحت أداة فعالة لتحقيق السلم والأمن الاجتماعيين. فما هي تداعيات فيروس كورونا المستجد على الصحافة الرياضية الوطنية على خلفية تعليق الأنشطة الرياضية على الصعيد الوطني والتظاهرات القارية والإقليمية والدولية التي كان مقررا أن يستضيفها المغرب أو يشارك فيها؟ وكيف تتعامل مع هذا الوضع المستجد والتغلب على إكراهات العمل اليومي ، في ظل ندرة المادة الإعلامية الرياضية ، ولاسيما في غياب تغطية الأحداث الرياضية في مختلف الأنواع ، وفي مقدمتها كرة القدم، وأخبار اللاعبين المحترفين المغاربة الممارسين بالبطولات الأجنبية ، وما السبيل لسد هذا الخصاص المهول لتلبية حاجيات القارىء والمستمع والمشاهد ؟ في هذا السياق، يقول بدر الدين الإدريسي، رئيس تحرير جريدة ” المنتخب” الرياضية المتخصصة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، ” نحن في حرب مع هذا الفيروس، وتداعيات التوقيف الاضطراري للمنافسات الرياضية في كل أنحاء المعمور اقتصاديا كثيرة جدا، وبالطبع فإنها تحدد مدى قدرة وسائل الإعلام المختصة في الشأن الرياضي على المقاومة من أجل البقاء ،لاسيما وأنها متعاقدة مع المتلقي من أجل نقل المنتوج الرياضي ومواكبته ونقده، فما الذي ستفعله هذه الإصدارات وقد توقف الإنتاج الرياضي؟”. يرى الإدريسي أن هناك مجموعة اختيارات في صورة بدائل لمواجهة الأزمة الطارئة بعضها “صعب وينطوي على مخاطر كثيرة ” كأن تتوقف الجريدة إلى حين انتهاء الأزمة، أو التقليل من أيام الإصدار”، لكنه شدد على ضرورة الحفاظ على العلاقة المباشرة مع المتلقي بمواصلة الإصدار ومتابعة تطورات الفيروس للمساهمة في الإخبار ورفع مستويات الوعي القومي، وفتح الملفات الرياضية الثقيلة التي لم يكن ممكنا التعرض لها في زمن ذروة الأنشطة الرياضية. وقال بهذا الخصوص “عندما لا يكون للمتلقي منتوج رياضي يشاهده كما هي عادته، فإنه يعوض ذلك بالإقبال على قراءة هذه الملفات والتحقيقات والروبورطاجات التي كانت محجوبة تحت ضغط الأنشطة ولم تحظ بالأهمية التي تستحقها”. من جهته، اعتبر عبد اللطيف المتوكل، رئيس القسم الرياضي لجريدة “رسالة الأمة “، أن لتوقف الأنشطة الرياضية بالمملكة تداعيات على الأقسام الرياضية في الصحافة الورقية، بسبب شح الأخبار ، وتقيد الصحافي بوقت محدد لإنجاز مهامه. وأبرز أنه أمام هذه الوضعية “بات لزاما على الصحافي الرياضي أن يتكيف مع ما يجري، من خلال تنويع اهتماماته، والتركيز على الاجتهاد في تعقب أوضاع الأندية والجامعات، وأخبار الرياضيين، وكذا المسيرين والإداريين وكيف يخططون لمواجهة تبعات الجمود في شقيه الرياضي والمالي، وكذا الإجراءات المعتمدة لحماية كل المكونات، ومن ضمنها الرياضيون، من الإصابة بالوباء، والبرامج التي تتضمن توجيهات ونصائح وإرشادات للاعبين طيلة المدة التي سيقضونها في منازلهم”. وأشار إلى أن الصحفي الرياضي أصبح هو الآخر ملزما بمواكبة تداعيات هذه الجائحة التي تخيم على العالم ورصد أخبار الرياضة الدولية، واللاعبين والمدربين الذين تعرضوا للإصابة بالفيروس، والإجراءات الاستباقية التي يتم اعتمادها هنا وهناك، وفتح ملفات لها علاقة بالأضرار المالية المترتبة عن توقف النشاط الرياضي، وبمشاكل وهموم الرياضة الوطنية، وتعميق النظر فيها، لتعويض النقص الحاد في المعلومات والأخبار. وفي ظل حالة الشلل الرياضي هاته، شدد حسن البصري، الصحفي بجريدة “الأخبار”، بدوره، على ضرورة الانتقال من الوضع الإخباري إلى الوضع الاستقصائي. وقال بهذا الخصوص ” في ظل توقف المنافسات لا يمكن أن نسرح الصحافيين الرياضيين ونمنحهم إجازة تنتهي بانتهاء الوباء . الآن علينا أن نستغل الظرف لنطور أداءنا المهني في التكوين عن بعد، ونساهم في نشر القيم الرياضية الإيجابية ونتجنب في كتاباتنا عبارات التخويف والتهويل، ونساند المبادرات الإنسانية التي يعلن عنها بين الفينة والأخرى أبطالنا، وندعم روحهم التطوعية، بل وننخرط فيها أيضا”. ويرى أن وسائل الإعلام تعيش “أزمة حقيقية، خاصة الإعلام المكتوب في ظل حظر التجمعات وإغلاق العديد من الأكشاك، لكن الحياة مستمرة مع تعديل في محتويات المادة الإخبارية والتركيز على الحدث، في أفق تقليص حجم السحب”. أما رشيد جامي ، رئيس قطاع الرياضة بالإذاعة الوطنية، فأكد أن نسبة 90 في المائة من البرامج الرياضية بالإذاعة الوطنية تعتمد على النقل المباشر للأحداث الرياضية خصوصا كرة القدم ، وبالتالي فإن الوضع الحالي مؤثر وسيصيب الوسيلة الإعلامية كيفما كانت طبيعتها مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو إلكترونية بشح وندرة مهولين على مستوى المادة الإخبارية. وقال إنه يتم في الظرف الراهن تناول المواضيع الرياضية من زاوية تأثير تأجيل أو إلغاء النشاط الرياضي وطنيا ودوليا، معربا عن اعتقاده بأنه من السابق لأوانه الحديث عن تأثير ذلك على نسبة الاستماع “لأن التوقيف في بدايته، وطبيعي أن نستحضر هذا المعطى للتعامل معه بذكاء وتحويله إلى مادة مستهلكة في الشق المتعلق بالإعلام الرياضي”. من جانبه، أكد رياض غازي ( موقع ديربي) أن تعليق الأنشطة الرياضية بفعل فيروس كورونا أثر على نسبة المشاهدة والمبيعات وقد يؤثر مستقبلا على سوق الإشهار بالنسبة للمؤسسات الإعلامية المتخصصة في الرياضة. في المقابل، يرى أنه من “الواجب أن نحول الوجهة ونكون فاعلين أكثر في مواجهة هذا الفيروس، بمقالات توعوية وآراء مختصين في هذا المجال لأن القضية باتت وطنية وإنسانية، ويجب توظيف منابرنا الإعلامية لمواجهة هذه المعضلة”. وأشار علي بلعياشي إلى انخراط القسم الرياضي ل “راديو بلوس” في حملات توعية الرأي العام من خلال استضافة أطباء رياضيين ولاعبين ومدربين ورؤساء أندية باستوديوهات الإذاعة بهدف توجيه رسائل تحسيسية بالتدابير الوقائية المتخذة من طرف الأندية لتفادي الإصابة بالفيروس. وفي سياق متصل، توقف أمين بيروك عند انخراط “راديو مارس ” في الحملات التوعوية والوقائية من مخاطر تفشي فيروس كورونا المستجد، من خلال برامج تفاعلية مباشرة مع المستمعين داخل الوطن وخارجه، ومواكبة الأخبار المتعلقة بهذا الوباء واستضافة الأطباء الرياضيين لبعض الجامعات الرياضية والأندية الوطنية والإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الصدد . ولم يخف جمال سطيفي، رئيس القسم الرياضي بجريدة “المساء” كون توقف النشاط الرياضي نتجت عنه ندرة في المادة الإعلامية الرياضية، مبينا أنه يتم التركيز في المرحلة الحالية على تداعيات فيروس كورونا دوليا ومحليا ” لكننا سنكون ملزمين بالبحث عن زوايا معالجة جديدة تجمع الإنساني بالرياضي، خصوصا أن هناك حملات يقودها رياضيون لنشر الوعي الصحي”.