مقاصة نجدي أتى الوقت الذي اضطر فيه عمر نجدي نجم الرجاء أن يحزم حقائبه ويرحل إلى أرض الكنانة بعد أن وقع لنادي مصر المقاصة الذي يبقى من بين الأندية المغمورة والصاعدة حديثا إلى الدرجة الأولى ضمن البطولة المصرية، حيث لا يضاهي قيمة ووزن الزمالك والأهلي أو الاسماعيلي، لذلك يبدو أن انتقال لاعب من طينة عمر نجدي الذي بدأ نجمه يكبر وعوده يتقوى داخل قلعة الخضر إلى هذا الفريق المغمور في خارطة الكرة المصرية أمرا نوعا ما مفاجئا ولم يكن منتظرا. صحيح أننا لا ننقص من قيمة البطولة المصرية التي تبقى من بين البطولات العربية والإفريقية القوية، لكن انتقال عمر نجدي من الرجاء كفريق مرجعي بتاريخه وألقابه ووزنه على الصعيد الإفريقي والعربي يبقى مستفزا، فعندما نقارن بين الرجاء والمقاصة سنجد مدى التباين الكبير الذي يفصل الفريقين تاريخا وإسما وألقابا، لذلك كنا في الواقع سنسعد لو أن عمر نجدي طار إلى إحدى البطولات الأوروبية اعتبارا أن ذلك سيفيده وسيفيد أيضا الكرة المغربية، لذلك يبقى التساؤل هو ما الذي حدا بعمر نجدي دخول هذه التجربة المفاجئة. الأكيد أن عمر نجدي رفع راية مضطر أخاك لا بطل، لأنه بغض النظر عن تواضع إسم الفريق المصري في النسيج الكروي العربي والإفريقي وبغض النظر أيضا إلى أنه تقنيا لن يستفيد عمر نجدي من هذه التجربة ما دام أن الفريق أولا لا يلعب على واجهات قارية وثانيا لأن البطولة المصرية لا تفوق بطولتنا فنيا وتقنيا، فإن سلطة المال كانت حاضرة والعرض المغري هو ما دغدغ مشاعر عمر نجدي وجعل يقبل الإنتقال لفريق لا يضاهي الرجاء إسما ولكن له الجرأة لدفع مبلغ يسيل له اللعاب لم ينتظر معه لا نجدي ولا الفريق الأخضر لقبول ما تقدم به الفريق المصري من مال. امحمد فاخر مدرب الرجاء تحسر على رحيل لاعب من طينة عمر نجدي واعتبره خسارة لفريقه، بينما اعتبر عبد السلام حنات أنه لم يجد بدا لترك الحرية والإختيار للاعب آثر دخول هذه التجربة، بل لم يكن مقبولا الضغط على لاعب بالبقاء لما سيكون عليه من أثر سلبية على أدائه في حال ما بقي مع الفريق، بينما سعدت خزينة الرجاء بهذا الإنتقال لأنها ستكون أكبر المستفيدين من هذه الصفقة قياسا لما يمكن أن تضخه من سيولة مالية هامة خاصة أن الرجاء يمر بضائقة مالية. الرجاء خسرت لاعبا هو الآن في قمة عطائه وبحاجة لخدماته، خاصة أن الفريق الأخضر هو مقبل على منافسة دوري أبطال إفريقيا التي تتطلب استعدادا خاصا ولاعبين مجربين وبمستوى يضاهي مستوى الخصوم والحيتان الإفريقية الكبرى، لكن الرجاء وعلى غرار عمر نجدي وجد نفسه مضطرا أن لا يقف حجر عثرة أمام رغبة لاعب لتغيير الأجواء من أجل المال. كثير هم اللاعبون الذين يضطرهم المال إلى اختيار محطات لا تجسد أحلامهم ولا يستفيدون منها تقنيا، فلو سألنا مثلا عمر نجدي أو غيرهم من اللاعبين الذين فضلوا، بل أرغموا على دخول بطولة مغمورة عن السبب الذي دفع بهم إلى هذا الاختيار أكيد أن الإجابة ستكون مختصرة في أن المال يبقى هو السبب الرئيسي، لذلك سنعذر كل لاعب خطا هذه الخطوة وسنعذر أيضا مدى التوجس الذي يصيب كل لاعب يمارس اللعبة خوفا من زمن غادر ويلهث وراء المستديرة من أجل ضمان مستقبل مريح، وسنحمل كل المسؤولية على أنديتنا التي تبقى غير قادرة بعد أكثر من نصف قرن من الممارسة على إقناع لاعبينا بعدم الوقوع في إغراءات احتراف من أجل المال وإقناع نجدي وغيره بعقود مالية في المستوى على غرار جيراننا، لذلك يصيبنا الكثير من الأسى والتحسر ونحن نتابع العشرات من اللاعبين يوثرون دخول تجارب احترافية من أجل المال ويعودون إلى بطولتنا بعد موسم أو موسمين، لأنه أريد للاعبينا أن يختصرون المسافات لضمان مستقبلهم، لذلك سيضل لاعبونا ينشدون الإحتراف كيفما كانت البؤرة لأن المهم هو المال، فعندما تنجح أنديتنا في الممارسة ضمن واقع احترافي بالمعنى الحقيقي الذي تحمله الكلمة أكيد أن نجدي وباقي أبرز لاعبينا سيرفضون اللعب للمقاصة وسيرحبون بالإحتراف الحقيقي وفي أبرز البطولات.