بلغ نادي ليفربول الإنكليزي ومدربه الألماني يورغن كلوب المجد القاري والعالمي في العام 2019، وبات التركيز منصبا من الآن فصاعدا على التتويج بلقب طال انتظاره ويبدو أقرب من أي وقت مضى: البطولة الإنكليزية لكرة القدم بعد ثلاثين عاما. أكد ليفربول المتوج في ماي الماضي بلقب مسابقة عصبة أبطال أوروبا للمرة السادسة في تاريخه والأولى منذ 13 عاما، أنه أفضل فريق في العالم بتتويجه بلقب كأس العالم للأندية السبت في الدوحة بالفوز على فلامنغو البرازيلي، بطل مسابقة كوپا ليبرطادوريس الأميركية الجنوبية، بهدف وحيد لنجمه البرازيلي روبرطو فيرمينو بعد التمديد. لكن، إذا نجح ليفربول أخيرا في الفوز بلقب كأس العالم للأندية للمرة الأولى في تاريخه بعد فشله في ثلاث مناسبات (كأس انتركونتيننتال عامي 1981 و1984 ومونديال الأندية 2005)، فهناك أمر واحد فقط يلهث فريق مرسيسايد (شمال غرب إنكلترا) وراءه منذ زمن بعيد وهو استعادة السيطرة المحلية وأمجاد السبعينيات والثمانينيات عندما ظفر باللقب 11 مرة رافعا غلته من الألقاب إلى 18 لقبا في تاريخه الممتد ل127 عاما. كان ليفربول قريبا جدا من تحقيق مبتغاه في العام الماضي، وكان بحاجة إلى نقطة واحدة كي يجلب لقب البطولة الممتازة إلى مدينة جون لينون للمرة الأولى منذ موسم 1989-1990، بدلا من أن تذهب للموسم الثاني تواليا الى مدينة مانشستر وقطبها الأزرق سيتي. ورغم أن ليفربول توج موسمه الرائع بإحرازه لقب مسابقة عصبة أبطال أوروبا بعد أيام عندما تغلب على مواطنه توتنهام هوتسبر 2-صفر في المباراة النهائية على ملعب واندا متروبوليتانو في مدريد، فإن ذلك لم يداوي الإحباط الكبير لجماهير النادي عقب مرارة الفشل المحلي. لكن على غرار التتويج بلقب عصبة أبطال أوروبا 2019 الذي محا به خيبة خسارة المباراة النهائية لعام 2018 أمام ريال مدريد الإسباني، يواصل ليفربول التقدم على الطريق الذي رسمه مدربه كلوب والذي يرتكز على أن الإصرار مفتاح النجاح. بعد تحقيقه تسعة انتصارات متتالية في السباق النهائي المحموم مع مانشستر سيتي على لقب البطولة في الموسم الماضي، أضاف ال"ريدز" ثمانية متتالية في بداية الموسم الحالي، رافعا الرقم القياسي للنادي إلى 17 فوز ا متتاليا. الأكثر إثارة للإعجاب، خسر ليفربول مرة واحدة فقط في آخر 56 مباراة في الدوري الممتاز، مع ثمانية تعادلات، ما يمثل نحو 89 بالمئة من النقاط التي حصل عليها خلال هذه الفترة. منذ بداية موسم 2019-2020، حصد ليفربول 96 بالمئة من النقاط (49 نقطة من 51)، ما يعني أنه في حال استمرار نتائجه الرائعة سيكون بإمكانه تحطيم رقمه القياسي في عدد النقاط التي جمعها في موسم واحد، والذي حققه الموسم الماضي عندما وصل إلى 97 نقطة. يغرد ليفربول خارج السرب هذا الموسم، فهو يبتعد بفارق 13 نقطة عن أقرب مطارديه ليستر سيتي بعد تغلبه عليه الخميس في المرحلة التاسعة عشرة برباعية نظيفة، وبفارق 14 نقطة عن مانشستر سيتي حامل اللقب في العامين الأخيرين صاحب المركز الثالث قبل خوض مباراته في المرحلة التاسعة عشرة ليل الجمعة ضد مضيفه ولفرهامبتون. سيكون بإمكان المتشائمين استحضار ال "ريمونطادا" المجنونة لمانشستر يونايتد على نيوكاسل عام 1996 أو أرسنال على الشياطين الحمر في عام 1998. لكن كارثة فقط يمكن أن تقلب المعطى وتحرم ليفربول من لقب بات في المتناول إلى حد كبير. يدين ليفربول بتألقه إلى كلوب (52 عاما) الموجود في النادي منذ أربع سنوات، والذي بات قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح أحد أهم الوجوه البارزة في تاريخ النادي منذ الاسكتلندي بيل شانكلي، المدرب الأسطوري للفريق في الفترة بين 1959 إلى 1974، حين قاده إلى ثلاثة ألقاب محلية (1964 و1966 و1973) وكأس الاتحاد الأوروبي (1973). بفضل شغفه وطاقته، والاتساق الكبير لخياراته في التعاقدات واهتمامه بأدق التفاصيل، جعل من فريق كان مترنحا في أوائل عام 2010، ماكينة لحصد الانتصارات في الوقت الحالي. بلغ ليفربول مع كلوب نهائي مسابقة اوروبا ليغ (2016)، قبل أن يقوده إلى المباراة النهائية لعصبة الأبطال عام 2018 ثم التتويج بلقبه في العام التالي، لكن دون أن يحرز أي لقب في إنكلترا. بتواضع خادع أو تردد في كشف أسراره، يقول الألماني صاحب الابتسامة العريضة إنه أول من فوجئ بنجاحه، موضحا في تصريح للموقع الالكتروني لليفربول "سأؤلف كتابا عن الأمور التي أقوم بها اذا علمت لماذا أفعلها (...) لكن لا يمكنني أبدا تأليف كتاب لأنني لا أعلم كيف تم ذلك". حتى تعليماته التي غالبا ما أشاد بها اللاعبون، يبدو أنها تخرج من تلقاء ذاتها. وأضاف "عندما نبدأ اجتماعا مع الفريق، فإن الشيء الوحيد الذي أكون متأكدا من قوله هو الجملة الأولى". وتابع "عموما، لا أتذكر ما أقوله. إذا لم يقم اللاعبون بإبلاغ وسائل الإعلام بما قلته لهم مباشرة بعد ذلك، فلن أعرف حتى أنني قلت ذلك". كافأ ليفربول مدربه الألماني بعد هذه النجاحات بتمديد عقده لمدة عامين آخرين حتى عام 2024. وعلق كلوب "عندما تم تعييني في خريف 2015، شعرت وكأننا صنعنا من أجل بعضنا البعض (...) والآن أشعر أنني قللت من شأن هذا الشعور" الذي تحول الى "قصة حب" تنتظر نهاية سعيدة في بطولة إنكلترا.