عادة ما يسعد المدربون على مستوى العالم بتنوع الخيارات المتاحة لديهم في كل المراكز كونها تعزز هامش الإختيار وتدعم الفرص والحظوظ، هذا الأمر ينطبق على خط هجوم الأسود من خلال إنفجار الأسدين حمد الله والعرابي هذا الموسم بشكل بركاني وغيابهما عن عرين الفريق الوطني لقناعات لا يمكن إلا أن نحترمها لرونار، لكن مقابل هذا الإحترام الواجب لأفكاره يفرض تألق اللاعبين مقاربة مختلفة معهما قبل "الكان". وكما كان الوضع في المونديال حين اصطحب رونار 4 عبوات في هذا المحور، سيكرر الأمر حتما في "الكان" المقبل وبين انتصاره لقناعات الوفاء للنصيري وبوطيب ومعهما الكعبي وعليوي، سيكون عليه التحلي بالمرونة التي تفرضها أرقام العرابي وحمد الله كي لا يكرر خطأ تجاهل زياش في الغابون رغم إصابة 4 لاعبين أساسيين فضاع على الفريق الوطني فرصة الإستفادة من سلاح قوي وملهم حقيقي. حمد الله «غول» البركان الخامد تحول لحمم هادرة صهرت كل من وقف في طريقها في ظرف زمني وجيز داخل العالمي السعودي، نادي النصر الذي وجد في المسفيوي السابق الضالة التي فتش عنها لمواسم طويلة، فبمجرد التعاقد مع البرتغالي فيتوريا مدرب بنفيكا السابق حتى تحول حمد الله لثور هائج وأسد جائع إلتهم كل من وقف في طريقه. بل أن المدرب فيتوريا وضع الصفقة الأغلى داخل الفريق للدولي النيجيري أحمد موسى، على الهامش وجعل من حمد الله مرتكزا لكل بناءات وتكتيكات الفريق الأصفر وعصب الرحى أو السد الذي تصب فيه فيها أنهار النصر. حمد الله وهو يصل للنصر السعودي حرا طليقا بعد قرار المخالصة الذي أنهى به علاقته بناديه القطري السابق، وقع عقدا خرافيا بأكثر من 3 ملايير سنتيم في الموسم الواحد ليرافق توقيعه ضغط شديد، سيما بعد رفض البعض لهذا التوقيع الذي يهم لاعبا عربيا عائد لتوه من إصابة خطيرة. إبن آسفي استغل ثقة المدرب البرتغالي لينفجر ويثور دون مقدمات ويبصم بالعشرة وبسخاء قل نظيره على أنه صفقة الموسم داخل النصر. العرابي يكتب التاريخ صحيح أنه بعيد هذا الموسم عن اللحاق بالهداف بغداد بونجاح الذي يتفوق عليه ب 11 هدفا في سباق الهدافين في بطولة نجوم قطر، إلا أن يوسف العرابي وللموسم الثالث تواليا يطابق نفسه كواحد من الهدافين التاريخيين الذين مروا من هذه البطولة. الموسم الأول شهد تتويج العرابي مع نادي الخويا بلقب البطولة قبل أن يتغير إسمه ومعها لقب الهداف ب 24 هدفا متخطيا بغداد بونجاح تحديدا وليكرر الثنائية في الموسم المنصرم التي ظل فيها بنفس النسق التهديفي وعزز رصيده بهدف واحد، لينهي الموسم متفوقا على يوسف المساكني وب 25 توقيعا. هذا الموسم عادل العرابي والبطولة القطرية مستمرة أفضل سجل تهديفي له ب 25 هدفا منها 6 جزاءا فقط، وليواصل كتابة التاريخ في هذه البطولة، ويكفي أن نستدل على ذلك كون العرابي في ثالث موسم له هناك على التوالي يكون قد سجل 80 هدفا مع تسجيل ملاحظة مهمة أخرى تتمثل في أن اللاعب تحول لهداف تاريخي للدحيل بأن دخل نادي المائة في لقاء السد. ثنائية الرمح والبندقية تواجد اللاعبين معا في عرين المنتخب الوطني ليس بالأمر غير المسبوق ولا هي خطوة لو فكر فيها رونار قبل السفر صوب أرض الأهرامات ستكون الأولى من نوعها، فقد تعايش اللاعبان في وقت سابق مع إيريك غيرتس ومع الطوسي وخاصة مع الزاكي الذي اعتمد عليهما بشكل كبير. بل أن العرابي سيعزز سجله مع الأسود في عهد الزاكي ليكون لغاية اليوم من بين لاعبي الجيل الحالي هو هداف الأسود ب 15 توقيعا، كما أن حمد الله تمكن مع الناخب السابق من تحسين أرقامه ولينهي صلته بالأسود في آخر مباراة إعدادية سبقت «كان 2015» الذي لم يحتضنه المغرب شهر أكتوبر 2014 في مراكش أمام منتخب إفريقيا الوسطى بالهاتريك من أصل الرباعية النظيفة التي أكملها لاعب طورينو السابق عمر قادوري. المثير في ثنائية الرمح المسفيوي والكلاشينكوف الدحلاوي هو أنها الأكثر تميزا بين كل الثنائيات الدولية المتاحة في "الكان" ولا يوجد ثنائي هجومي إفريقي في كل البطولات العالمية للاعبين الأفارقة في سجله هذا الموسم 70 هدفا سوى ثنائية حمد الله والعرابي. ويبدو أمرا مثيرا لكل أشكال الغرابة أن يتوفر لمنتخب لاعبين بهذا الزاد من الخبرة وبهذه الأرقام المدهشة والخرافية ويدير ناخبه الوطني ظهره لهذا العتاد المدمر ليستعمل أسلحة أصابها الصدأ. أرقام مهاجمي الأسود هذا الموسم يعتبر رونار من المدربين الذين يصرون على الغرق مع أفكاره، دون إبداء أي جانب من جوانب المرونة في الإنفتاح على بعض المقترحات ومنها أسماء لاعبين بإمكانهم خدمة الأسود، ليقرر مثلا اصطحاب حمد الله والعرابي صوب مصر طالما أن هذا لن يضره شيئا، بل على العكس من ذلك تماما سيكون في جرابه سلاح قوي وخرطوش مهم وعيار مدمر يعدد أمامه الخيارات. وما يزيد الضغط على رونار هي المقارنات التي يفرضها حمد الله والعرابي مع الرباعي الذي يثق فيه المدرب، بدءا بيوسف النصيري صاحب 8 أهداف بالليغا وبوطيب الذي لديه بين تركيا ومصر 9 أهداف هذا الموسم والكعبي الذي سجل الموسم المنصرم 6 وله في بداية هذا الموسم بالصين 3 أهداف، مع تأخر كبير في منسوب اللياقة لأنه حين ينطلق "الكان" يكون كومندو المنتخبات في قمة التنافسية على أن يكون محترفو الصين في نصف المسار، وعليوي الذي لم يتجاوز رصيده 6 أهداف. ولو نحن احتكمنا للغة الأرقام القائلة بتوفر حمد الله والعرابي على غلة 70 هدفا تضع حمد الله تحديدا متصدرا لترتيب هدافي البطولة ب 26 هدفا والكأس ب 12 هدفا وكأفضل هداف للموسم الحالي متجاوزا ميسي، مع محصول هزيل لأضلع هجوم الفريق الوطني لا يتجاوز لاعبوه الأربعة 25 هدفا، فإن المقارنة هنا تلخص هول الفوارق. فلم لا يجرب رونار ثنائية حمد الله والعرابي التي تبدو واقعيا أفضل وأقوى بكثير من كل الثنائيات الأخرى والتي فضحتها أصفار مالاوي والأرجنتين و الكامرون وكوت ديفوار و الغابون في تصفيات المونديال٬وغيرها من المباريات التي انتفت فيها الحلول التهديفية بغياب زياش.