هي الودية الثالثة في تاريخ المنتخبين الأرجنتين والمغرب، فبعد ودية 1994 التاريخية والتي خسرها الأسود مثاليا بالأرجنتين 3 – 1 بحضور الاسطورة مارادونا، وبعد خسارة الأسود الصغيرة بالمغرب عام 2004 في مباراة نموذجية، تأتي الودية الثالثة بعد 14 عاما لتؤرخ لعودة التلاقي بوجه لا يليق بالأرجنتين ومع منتخب أقل بكثير من الأزمنة الأخرى رغم وجود أسطورة أخرى حكم عليها القدر أن لا تكون حاضرة باسم ميسي. الهزة العنيفة كل الملاحظين بالعالم يؤكدون على أن المنتخب الأرجنتيني الحالي نسخة سيئة لا تقارن عبر تاريخه العالمي السابق مع نجومه العظام، ولم يستطع حتى بعد خروجه الصاغر من مونديال روسيا تحقيق العودة المنتظرة كمنتخب كبير على الأقل لإراحة أنصاره من أن هناك جيلا جديدا يمكنه أن يعطي لنجمه العالمي ليونيل ميسي ذاك الانطباع القتالي والروحي للوصول إلى الألقاب التي يتمناها البرغوت البارصاوي كنقص جلي في أرشيفه الذهبي، طبعا الخسارة غير المنتظرة من فنيزويلا لم تكن مهضومة أولا من تأسيس التشكيل الذي جاء فاقدا للتوازنات البشرية لغياب أبرز أسمائه، وثانيا لعدم وضع الدوليين في أدوارهم المعهودة، وثالثا لغياب الفعالية الهجومية التي كان فيها ميسي هو العقل المدبر لكل الفرص التي أهدرت ، ورابعا ما زال الأرجنتين يعيش على هزة المونديال ولا يقدم نفسه كمنتخب قادر على دخول الكوبا أمريكا المقبلة في شهر يونيو بالتدبير الجيد لأنه أصلا لا يضع نفسه كمرشح. أقنعة الرعب غائبة وإن تفاعلت الغيابات الوازنة على نحو غريب بين الإبعاد والاصابة والتهميش، فالمدرب سكالوني هو من يتحمل مسؤولية ذلك لأنه خلال سبع مباريات الودية التي تلت المونديال الأخير، هو من تكلف بالإختيارات البشرية في غياب الدعامات الأساسية أبرزها ميسي ودي ماريا وأوطاميندي وإيكاردي وهيغواين وحتى ديبالا الغائب الحاضر في الإحتياط ولم يستطع وقتها إلى اليوم إيجاد التشكيل القار والنواة الأصلية التي يبحث عنها أي مدرب، وفي هذه البيانات الرقمية الهامة، هناك من يقول أن سكالوني مشتت بين قناعات الدوليين مع تواجد خلافات بينه وبين البعض أو حتى بين ميسي وأغويرو، وهو ما نفاه الناخب، ولذلك بدا منتخب الأرجنتين في غياب هذه الدعامات عدا العائد ميسي بعيدا كل البعد عن الفريق المتكامل إن لم نقل أنه يوجد في مرحلة بناء عسيرة. ميسي أنقذ اللبس وكان لخروج الأرجنتين من مونديال روسيا انزعاج كبير لدى الارجنتينين وحتى الأسماء الوازنة لدرجة غيبت الوديات السابقة هذا الرعيل المذكور بنسب متفاوتة وأبرزها ميسي ودي ماريا وأغويرو، لكن بعد مرور ست وديات، نادى الأنصار والمراقبون ضرورة عودة الركائز حتى يستعيد الطانغو على الأقل هيبته وإن كان شكل خروج الأرجنتين قد ترك أثرا نفسيا عميقا على كل اللاعبين وبخاصة الأسماء المذكورة، لكن قبل مباراة فنيزويلا وبعد أن وجهت الدعوة لميسي ودي ماريا فقط قبلا معا العودة، لكن سكالوني عاد ليغيب كلا من إيكاردي لوجود مشاكل بينه وبين ناديه أنتير ميلانو، وأغويرو الذي تارت حوله الكثير من علامات الإستفهام دون أن يفهم ما هو السبب الحقيقي لعدم اختياره ولو أن المدرب أكد أن علاقته به جد طيبة في وقت يقال أن خلافا بين أغويرو وميسي هو السبب الرئيسي لعدم استدعائه، ولذلك تبين أن عودة ميسي ودي ماريا كانت جديد المرحلة، لكن قبل أن يصاب دي ماريا ويعلن بعدها عن خروجه من المعسكر. سكالوني يخلق انقلابا وبتحيين آخر مباريات الأرجنتين بين فوزه على المكسيك بهدفين لصفر وبين خسارته أمام فنيزويلا، لوحظ انقلاب تكتيكي وبشري واستراتيجي لدى الرجل، ولم نر بين مباراة المكسيك الودية وبين فنيزويلا أي تحصين للنواة التي ركز عليها في جميع الوديات السابقة، لكن بين الوديتين الأخيرتين تغيرت التشكيلة جملة وتفصيلا ومن حضر بفنيزويلا ليس هو الرعيل الذي لعب مباراة المكسيك بداية من الحراسة (رولي) وفي خط الدفاع ميركادو يمينا – أكونيا يسارا – فونيس موري – كانيمان، وفي خط الوسط: بيريرا يمينا – اسكاسيبار (باريديس د55) – ميزا (سيميوني د73) وهجوما لاميلا يمينا (لوسيلسو د59) – دي بول يسارا (سيرفي د46) – إيكاردي (ديبالا د8) أي بشاكلة 4 – 3 – 3، إلا أنه أمام فنيزويلا لم يلعب مطلقا بالتشكيل الكامل وغير الخطة إلى 3 – 4 – 3 بأرماني كحارس وبدفاع ثلاثي فويت – ميركادو (كانيمان د46) – ليساندرو مارتينيز (بلانكو د46) وبوسط رباعي، مونسيال – لوسيلسو (بيريرا د78) – باراديس – تاغليافيكو وبثلاثي هجومي، ميسي – لوطانو مارتينيز ( نيديطو د70) – غونزالو مارتينيز (سواريز د46)، وهذه التداعيات الإنقلابية هي التي وضعت الأرجنتين في الحجم الصغير والكارثة حتى بحضور ميسي بعد الثلاثية التي تحمل مسؤوليتها خط الدفاع. لو لم يكن ميسي ولم يبد ميسي إنزعاجه من الهزيمة ظاهريا ولكنه تألم فعلا لكارثية الخط الدفاعي وحتى طريقة الأداء الهجومي الذي تولاه فرديا من دون أن يساعده لا لو نتانو مارتينيز ولا حتى غونزالو مارتينيز ولا حتى من رجال الوسط المفترض أن يكونوا عونا لميسي من قبيل باراديس ولوسيليسو، ومع ذلك كان ميسي هو نجم الليلة ومعه أيضا صنع الهدف الوحيد وقدم الكثير من الفرص التي لم تترجم إلى أهداف وفي غياب حلول استرتيجية للمدرب، وهو ما يؤكد جملة وتفصيلا أن الغائبين تركوا فراغا مهولا في دور صناعة اللعب أو حتى الوصول إلى المرمى لأنه لو كان المدافع أوتاميدي المصاب حاضرا لكان خط الدفاع رصينا، ولكان دي ماريا وأغويرو وإيكاردي حلولا أخرى لمباراة فنيزويلا الذي عرف كيف يغزو تحليليا منتخب الأرجنتين بجديد المرحلة وعودة ميسي. المغرب لإنقاذ ماء الوجه ومن الطبيغي جدا أن يبحث المدرب سكالوني عن كبش الفداء ليستعيد نغمة الفوز والثأر من ودية فنيزويلا، ومن الطبيعي أيضا أن يكون أسود الأطلس في طريق الطانغو كخصم يفترض أن يهزمه الأرجنتينيون لإستعادة البريق المفقود، وهذا هو منطقهم الرئيسي لأن سكالوني يريد الفوز لتصحيح أخطائه الدفاعية، لكن ما هو حاضر أن الأرجنتين لن يلعب بقائده ميسي ولا حتى بجناحه الأيمن غونزالو مارتينيز ، وهي خاصية ثقيلة في ميزان رجل واحد يقلب المباراة في أي وقت، ولكن الإصابة التي اجترها أمام فنيزويلا هي التي ستغيبه وستضع سكالوني أمام حل آخر هو إشراك ديبالا مكان ميسي لكون سكالوني قال في أحد ندواته أن ديبالا لا يمكنه أن يلعب جنبا إلى جنب مع ميسي، وهذا هو مستجد مباراة المغرب التي سيلعب بها بنفس التوازنات البشرية مع تغيير بعض الوجوه في خط الدفاع وتغيير حتى خطة المباراة باسترداد رباعي الدفاع وليس بثلاثي موحد، ولذلك سيجتهد سكالوني في قراءة تشكيل المغرب بأسمائه لأنه أساسا يعرف مسبقا من هو الفريق الوطني.