رغم أن لغة الأرقام تبعث على التفاؤل، لأن للوداد مباراة مؤجلة أمام شباب الريف الحسيمي، إلا أن الجمهور الودادي يشعر بخيبة أمل وهو يتابع بقلق انكسارات الفريق وعدم قدرته على مجاراة مباريات البطولة المغربية حتى تلك التي تصنف في خانة المباريات السهلة. تعاقب على الوداد خمسة مدربين، فقد بدأ أولى التحضيرات للموسم الرياضي الحالي بابن الفريق فخر الدين وحين ضاق الحال لجأ إليه مجددا، بعد تجارب متباينة مع كل من دوس سانطوس والصحابي ثم كارزيطو. «المنتخب» تدعوكم لقراءة متأنية في مشوار ذهاب عسير.
البطل يجدد جلده نال الوداد لقب بطولة الموسم الماضي، ولأن القاعدة الكروية تقول «الفريق البطل لا يتغير»، فإن مسؤولي الوداد باشروا مجموعة من الأوراش دفعة واحدة، وأصروا على تغيير جلد فريق ما زال منتشيا بلقب البطولة. أنهى المدرب فخر الدين مهامه كمدرب للفريق، وظل يتابع ما يقرأ في الصحف عن مفاوضات رئيس الوداد مع المدربين الأجانب، وحين داهم الفريق موعد التحضير للبطولة والكأس دعي «لفريخ» على عجل لجمع أشلاء الفريق والإشراف عليه وتدريبه خلال أول مواجهة برسم دوري حب لملوك بصفرو، لكن فاكهة الوداد أكلها مدرب من البرازيل جاء إلى المغرب مرفقا بابنه ومساعده، من أجل قيادة الوداد إلى ألقاب أخرى، بينما ركب فخر الدين الطائرة صوب العيون لتدريب شباب المسيرة. أدت شركة لاسمير رواتب المدرب، وأبرمت شراكة مع المؤسسة النفطية ظلت نفطا على ورق. المحراث قبل البعير فضل رئيس الوداد عبد الإله أكرم، وضع المحراث قبل البعير، وشرع في فتح باب الانتدابات قبل أن يهيكل مكتبه المسير ويعين اللجان العاملة ويوزع الاختصاصات على الأعضاء، فالرجل فضل تدبير كل الملفات بطريقة انفرادية وحين وضع المدرب الجديد في مكانه وانتدب بعض اللاعبين أعلن عن تشكيلة مكتب مسير بادر إلى مباركة عمل الرئيس دون أن يسأل أحد عن سر اختيار المدرب الجديد، وسر تجديد العقد مع المدير التقني في غفلة عن الجميع، فالمنصب أخرس الألسنة وإن كانت بوادر التصدع حاضرة من خلال وضع العضو القيادي طاسيلي جانبا وتحويله إلى مسؤول بدون حقيبة. إسهال المدربين من منتصف يونيو إلى نهاية دجنبر تعاقد الوداد مع فريق من المدربين بدءا بفخر الدين الذي جمع أشلاء الفريق في شهر يونيو، مرورا بالبرازيلي دوس سانطوس، الذي انتدب ابنه جوزي والشوشان لمساعدته. خاض فريق عمل دوس سانطوس مجموعة من المباريات الرسمية والودية، كدورة «إفريقيا كاب، و"دورة أبها"، وعلى مستوى البطولة، فاز الإطار البرازيلي في مباراتين وتعادل في مباراتين، كما أقصي من الدور الأول لكأس العرش ليغادر الوداد والفريق يحتل الصف الأول. تسلم فؤاد الصحابي الفريق وطلب منه المسؤولون تحقيق أول انتصار في عقر الدار أمام أولمبيك آسفي بفريق يعاني من الغيابات الوازنة ومن الانقسامات. فاز الصحابي لكن الانتصار لم يشفع له للاستمرار، فقد كان المكتب المسير بصدد التفاوض مع مدرب أجنبي يدعى كارزيطو حقق في ثلاثة أشهر انتصارين فقط، الرجل جاء محاطا بابنه ناتالي الذي أسند إليه مهمة مدرب لفريق الأمل بعد أن أصبح المنصب شاغرا، علما أن مهمته في المستندات الرسمية هي معد بدني، لكن المكتب المسير لا يمكنه أن يغضب المدير التقني رفائيل المساند الرسمي لسيدريك المهيء البدني الصوري. الانتداب العشوائي ليست العشوائية في الانتدابات أسيرة ملف المدربين بل تنطبق أيضا على اللاعبين، ففي غياب لجنة تقنية قادرة على وضع الرجل اللاعب المناسب في المكان المناسب، وفي غياب مدير تقني عارف بخبايا الكرة المغربية، يصبح انتداب اللاعبين مجرد نزوة يتحكم فيها لوبي من أشباه وكلاء اللاعبين، والنتيجة تعاقد الوداد/البطل مع إحدى عشر لاعبا على دفعات دون مراعاة لمقاييس تقنية، فقد عاد إلى الوداد ابنها منقاري وانضم إلى تداريب الفريق كل من بلبودالي الذي لم يختبر في أي مباراة على غرار زميليه ليتيم وأمداح ولمساسي وأونداما والمعروفي وياجور وجيفرسون والعليوي وكابوس، لكن من بين هذا الجيش من المنتدبين أربعة فقط هم الذين شاركوا في مباريات الذهاب والباقي تحول إلى صفقات مقايضة خاسرة. انتدابات لم تتم والطبيب آخر من يعلم من حسن حظ الوداد أن ميزانية النادي كانت تعرف انتعاشة بعد تسويق لاعبين إلى البرتغال وهما فوزي عبد الغني ومحمادو، مما سهل الانتدابات وعجل بها، بل إن الوضع كاد أن يكون أسوأ لو نجح المسؤولون في انتدابات أخرى لم يحالفها التوفيق كصفقة مدافع الماص العمراني وعدوة وبنجلون. ومن المفارقات الغريبة أن يكون طبيب الفريق الدكتور هيفتي آخر من يعلم بصفقات الوداد، التي غالبا ما يتابعها عبر صفحات الجرائد، كبقية مناصري النادي، وهو وضع يكشف غياب الحس الاحترافي وعدم القدرة على اتباع المساطر المعمول بها في الانتدابات لأن الهاجس الأكبر هو الفوز على الغريم في ضم هذا اللاعب أو ذاك والنتيجة عناصر تخفي إعاقات سرعان ما كشفت عنها المباريات كحالة المعروفي والعليوي وكابوس. ورغم أن الوداد يحمل لقب البطولة، إلا أن مجموعة من التسريحات قد تمت على المزاج، إذ أبعد كل من الترابي وفوزي ومويتيس وماكوكو والعلاكي ثم محمادو. البحث عن تشكيلة نموذجية خاض الوداد أزيد من 15 مباراة ودية، وشارك في دورتين دوليتين الأولى في الدارالبيضاء وهي ذات طابع إفريقي والثانية في العربية السعودية وطابعها دولي، ناهيك عن مباريات مغاربية أمام فرق جزائرية، وأندية مغربية من القسمين الأول والثاني، كان الهدف منها سواء مع المدرب البرازيلي أو الفرنسي ذو الأصول الإيطالية البحث عن التركيبة الأمثل، إلا أن البحث عن اللاعب المناسب للمركز المناسب دام أزيد ستة أشهر. لأول مرة في تاريخ الوداد تتغير ملامح الفريق ويصبح التقيد بالمركز مجرد لعبة أرقام ليس إلا، لأول مرة لعب المنقاري ظهيرا أيمن، ولأول مرة انتقل بين المراكز الدفاعية، ولأول مرة يخضع اللاعبون لتجارب في مختبر المدرب ويتحولون إلى فئران تجارب، وحده الحارس لمياغري ظل حريصا على التمسك بقفازتيه والمكوث في مرماه. الإنفلات الداخلي في ظل هذا الوضع المليء بالمتغيرات، جثمت غيمة الضغط فوق سماء الفريق لاسيما بعد أن أقصي الفريق بطريقة مذلة من منافسات كأس شمال إفريقيا، وتولد عن الضغط الانفجار النفسي، الذي من تداعياته حصول العديد من اللاعبين على بطائق حمراء، حتى أصبح من المستحيل إجراء مباراة دون أن يخسر الفريق عنصرا من عناصره. أشهر الحكام بطاقات حمراء في وجه كل من أجدو وأيت لعريف واللويسي وبيضوضان والمياغري وياجور وباسكال والعليوي، وأصبحت البطائق الصفراء تهطل مدرارا على اللاعبين كاشفة التسيب الحاصل في المجموعة. تساءل الوداديون عما إذا كانت إقالة حميد حسني خطأ استراتيجيا، وعقدوا سلسلة من الاجتماعات مع اللاعبين لمعرفة ما إذا كانت هناك مؤامرة «خارجية» تحاك ضد الوداد، قبل أن يتبين زيف الادعاء، وتحولت الصراعات من ملاعب الكرة إلى ردهات المحاكم التي شهدت صراعا بين المكتب الحالي والعضو المشطب عليه طاسيلي، مما جعل الرئيس يخوض حربا بجبهات متعددة. الديربي نعمة أم نقمة ؟ كان فوز الوداد في مباراة الديربي نعمة في طيها نقمة، فقد كلف الانتصار على الغريم التقليدي خسائر عديدة مالية وتقنية، إذ أن لعنة "الويكلو" حكمت عليه بخوض مباراتين بدون جمهور خسر الأولى أمام الفتح وتعادل في الثانية، لكن الهزيمة الأكبر كانت في الجانب المالي، وبلغة الأرقام ضربت لعنة الديربي الوداد ولم يتمكن من الفوز في المباريات التي تلت اللقاء الكلاسيكي، فقد خسر أمام الفتح وتعادل أمام الدفاع الجديدي وانهزم أمام المغرب الفاسي وتعادل أمام حسنية أكادير، وهي نتائج أرخت بظلالها على الفريق ورفعت من درجة الاستنفار في صفوفه، إذ أن الأرقام تؤكد عجز كارزيطو على تحقيق الانتصارات ففي أزيد من 1100 دقيقة لم يسجل الوداد سوى انتصارين أمام كل من الرجاء وشباب المسيرة، والباقي وزع بين تعادلات وهزائم، وهو وضع غير مألوف لجماهير الوداد التي راهنت على التواجد في كل الجبهات العربية والإفريقية والمحلية، قبل أن تشاهد فريقها وهو يخرج صاغرا من منافسات كأس العرش ويندحر في دوري شمال إفريقيا ويختفي في وسط ترتيب البطولة المحلية. أوقفوا المهزلة شخصت اللافتة التي حملها فصيل "الوينرز" حصيلة خريف الوداد، واختزل النتيجة في نداء «أوقفوا المهزلة»، ففي اليوم الأول من العام الجديد رفع المناصرون شعارات الغضب وعبروا بمختلف الوسائل الحضارية طبعا، عن حجم القلق الذي يسكنهم بعد تردي الوضع داخل الفريق، وهتفوا بعبارات وأهازيج تختزل أزمة الوداد، ألقت بالمسؤولية في معسكر اللاعبين تارة والمسؤولين تارة أخرى. ومن خلال الشعارات التي رددها الحاضرون بكورال جماعي، وسط إجراءات أمنية مشددة لمختلف الفصائل الأمنية، دعا أنصار الوداد المكتب المسير إلى انتداب لاعبين في المستوى بعيدا عن التعاقدات الترقيعية، وانتقدوا طريقة تدبير شأن الوداد، نادوا بمحاربة التكتلات في أوساط اللاعبين ووجهوا نداء لمحاربة الشيشة والخمر في أوساط الممارسين، وطالبوا بحضور مسؤول من المكتب المسير لنقل نبض المحبين وتبليغه انتقاداتهم، كما تحولت الوقفة الاحتجاجية إلى مناسبة لرثاء الأب الروحي للوداد عبد الرزاق مكوار والترحم عليه. ومن أبرز الشعارات التي رددها الغاصبون: «حيدو النقابة وجيبو اللعابة»، «ملي مشا مكوار وكلشي ولا شفار»، «الشيشة مصيتوها والبيرة قاديتوها والوداد شوهتوها»، «هاذ الشي ماشي معقول جيبو لينا شي مسؤول». ولم تشهد الوقفة الاحتجاجية اصطدامات مع رجال الأمن، بل على العكس وجهت تحية للسلطات التي طوقت المكان ونقلته عبر "الطولكي والكي" مباشرة لأصحاب القرار، إذ ردد المشاركون في التظاهرة السلمية في ختام الوقفة التي دامت ساعة كاملة، لازمة «تحية ودادية للسلطة المحلية». وأكدت النواة الصلبة لفصيل «الوينرز»، أن ما قام به مناصرو الوداد أمام مركب بنجلون هو مجرد إنذار للمسؤولين في انتظار إشهار البطاقة الحمراء إذا لم يستجب المسؤولون ويبادروا بوقف النزيف، وقال أحد قياديي التنظيم إن الجميع مدعو لوقفة احتجاجية أخرى يوم السبت القادم في نفس المكان والتوقيت. وانتقد الحاضرون سياسة جلب اللاعبين والانفلات الذي يميز أداء كثير منهم، كما طالبوا بإقالة المدير التقني رفائيل حامدي الذي عجز في ظرف خمس سنوات عن رسم سياسة تقنية واضحة للفريق.