أعتز كوني أعاصر الجيل الثالث بالمنتخب المغربي الوجوه الجديدة من شأنها أن ترفع من درجة المنافس بعرين الأسود شيفشينكو وراء اتخاذي قرار عدم العودة إلى البطولة تجربتي الطويلة بدينامو كييف علمتني الصبر وتحمل المسؤولية
عاد بدر قادوري إلى عرين الأسود بعد أكثر من سنة، حيث كانت مواجهة الطوغو عن التصفيات المزدوجة لكأسي العالم وأمم إفريقيا آخر حضور للظهير الأيسر الذي قضى سنوات طوال مع المنتخب المغربي، بدليل أنه يمارس حاليا مع الجيل الثالث للأسود، ما يؤكد أن بدر قادوري هو من اللاعبين الذين استطاعوا أن يصمدوا كثيرا بفضل جديته وانضباطه، وكانت المواجهة الودية أمام منتخب إيرلندا الشمالية شاهدة على عودة بدر قادوري، وهي العودة التي كانت إيجابية بحكم الأداء الجيد الذي ظهر به وأكد أن بدر قادوري برغم الغياب الطويل فإنه لم يفقد شيئا من إمكانياته وأكد أنه قادر على سد الثغرة التي يشكو منها المنتخب المغربي. ويحسب لبدر قادوري أنه من اللاعبين الذين استطاعوا رسم طريق احترافي مميز بدليل أنه يلعب للموسم التاسع بنادي كييف الأوكراني، إذ قليل هم اللاعبون الأجانب الذين يستطيعون أن يتأقلموا مع الأجواء في أوكرانيا ويتكيفوا مع نمط الحياة هناك. بدر قادوري يكشف عن سر صموده وبقائه طول هذه المدة بدينامو كييف وعن عودته الأخيرة إلى عرين الأسود وكذا مواضيع أخرى تتابعونها في هذا الحوار.
المنتخب: بداية كيف تلقيت دعوة المنتخب المغربي لمواجهة منتخب إيرلندا هنا في بيلفاست؟ بدر قادوري: طبعا، هذا شرف كبير لي أن أعود إلى المنتخب المغربي بعد غياب طويل بسبب الإصابة، حيث تعود آخر مباراة حملت فيها القميص الوطني أمام منتخب الطوغو أي أزيد من سنة، أنا فخور لأشارك زملائي في تمثيل الكرة المغربية، صحيح إنه يبقى إحساس آخر لا مثيل له عندما تمثل بلدك وتشارك اللاعبين في الدفاع عن قميصه ما يجعل أكثر سعادة. المنتخب: يبدو أنك اشتقت لأجواء المنتخب المغربي ومنافساته؟ بدر قادوري: بالطبع، أنا كبرت تحت كنف المنتخب المغربي، وتربطني به قصة عشق لا مثيل لها، ذلك أني حملت ألوان المنتخب المغربي لسنوات طويلة، لذلك لم يكن سهلا أن أبتعد عليه خاصة إذا كان هذا الابتعاد هو راجع لظروف قاهرة، حيث الإصابة التي ألمت بي وفرضت علي الإبتعاد طويلا، كل ما أتمناه أن تكون هذه العودة موفقة وأقدم المستوى الذي ينتظره مني الجمهور المغربي والطاقم التقني. المنتخب: عودتك إلى عرين الأسود تؤكد أن أصبحت أقدم لاعب داخل المجموعة؟ بدر قادوري: (ضاحكا)، لقد مر الوقت بسرعة، اليوم أجد نفسي أني أعاصر الجيل الثالث بالمنتخب المغربي، هي خطوة أيضا أعتز بها وتزيدني سعادة لأن ما أعيشه حاليا أو بالأحرى ما عشته طوال السنوات لا يتأتى لأي لاعب، سأواصل المسار مع المنتخب المغربي وتقديم ما يمكنني تقديمه للكرة المغربية لأني مدين لها بالشيء الكثير وأنا رهن إشارة بلدي كلما حصلت على دعوة من المدرب. المنتخب: هل كنت تنتظر دعوة المنتخب المغربي بعد هذا الغياب الطويل بسبب الإصابة؟ بدر قادوري: أنا أحاول أن أجتهد مع فريقي دينامو كييف سواء في التدريب أو المباريات والكلمة الأخيرة تبقى للمدرب بحسب حاجته لخدماتي، أشعر اليوم أني تجاوزت مخلفات الإصابة وفي كامل جاهزيتي أدافع على القميص الوطني، أعتقد أن هذا هو الأهم بالنسبة لي. المنتخب: الوجوه الجديدة وكذا رغبة غيرتس في استقطاب لاعبين جدد يؤكدان أن المنافسة ستكون قوية على المراكز؟ بدر قادوري: هذا برأيي في صالح المنتخب المغربي، لأنه كلما اتسعت دائرة التركيبة البشرية للأسود كلما ارتفع حجم المنافسة، كما أن المراكز ستصبح غالية ومستوى اللاعبين من دون شك سيرتفع، سمعت أن مجموعة من اللاعبين الذين يمارسون بالخارج يريدون الإلتحاق بالأسود، وهذا شيء جيد بالنسبة لنا أيضا، نحن اللاعبون ما دامت أن الجاهزية ستحدد اختيارات المدرب غيرتس. المنتخب: أي شعور كان يخالجك وأنت تتابع المنتخب المغربي بعيدا عن المنافسة بسبب الإصابة؟ بدر قادوري: لقد قضيت فترات عصيبة، ذلك أن هذه الوضعية لم أتعود عليها كثيرا وانتابني حزن كبير، خاصة أن النتائج لم تبتسم لنا خلال التصفيات المزدوجة لكأسي العالم وأمم إفريقيا 2010، كنت أتمنى أن أشارك مع المنتخب المغربي في جميع المباريات، إذ ليس أقسى على لاعب الكرة أن يبتعد مكرها على المنافسة، كل ما أتمناه الآن هو أن تكلل عودتي بالنجاح وأن أقدم للمنتخب المغربي الأداء المرجو. المنتخب: ألم ينتابك شعور الإعتزال دوليا نظير غيابك الطويل عن المنتخب المغربي وكذا بعد الإصابة والنتائج السلبية التي سجل الأسود؟ بدر قادوري: لا ليس لهذا الحد، فبالرغم من السنوات التي قضيت مع المنتخب المغربي فإن سني ماا زال يسمح لي بالعطاء، إذ في 31 يناير سأكمل سن الثلاثين، وهذا برأيي سن النضج والعطاء، خاصة إذا كان اللاعب يعتني بنفسه، ثم إني لست من اللاعبين الذين يشهرون اعتزالهم أكثر من مرة ويترددون في ذلك، أنا دائما رهن إشارة المنتخب المغربي وأتطلع دائما إلى المزيد، وعندما أشعر أني لم أعد قادرا على تقديم الإضافة للأسود وقتها لن أتردد في الإنسحاب. المنتخب: ألم تضايقك الإنتقادات التي تعرضت لها في بعض الفترات من طرف الجمهور المغربي؟ بدر قادوري: الإنتقادات هي جزء من اللعبة، لكن قد تتحول إلى مؤثر سلبي عندما تتجاوز حدود المعقول، صراحة هناك فئة من الجماهير همها الوحيد هو انتقاد اللاعبين، فبدل أن يكون دورها فعال وإيجابي فإنها تتحول إلى عامل سلبي يساهم في حصد النتائج السلبية، أتمنى من هذه الفئة أن تساهم في استعادة توازن الأسود وأن تتحول إلى مساند حقيقي للاعبين. المنتخب: لنعرج إلى موضوع فريقك دينامو كييف، أي سر تحمله بخصوص بقائك الطويل بالبطولة الأوكرانية؟ بدر قادوري: ليس هناك من سر سوى أن عدم تغيير الأجواء متعلق بالقدر الذي جعلني أبقى طوال هذه المدة، صحيح أن الوقت مرَ بسرعة لدرجة أني وعند إلتحاقي بدينامو كييف لم أنتظر أن أبقى طوال هذه المدة بهذا الفريق، لكن المهم بالنسبة لي أن أجد كل أسباب الراحة والممارسة التي تساعدني على تطوير أدائي، وإلا لما بقيت طوال هذه المدرة بأوكرانيا. المنتخب: لكن ما أعرف أن أحوال الطقس هناك لا تساعد كثيرا كما أن البطولة الأوكرانية لا تعرف متابعة إعلامية كبيرة، ألم تفكر في تغيير الأجواء؟ بدر قادوري: كما أكدت أني بدوري لم أكن أنتظر أن أبقى طوال هذه المدة بأوكرانيا، صحيح أن أحوال الطقس هنا جد باردة، لكن تجدني قد تعودت عليها ولم يعد ذلك يشكل لي أي عائق، لأن تسع سنوات ليست بالمدة القصيرة، على أن لكرة الأوكرانية لها مكانة على الصعيد الأوروبي وأنجبت العديد من النجوم، يبقى فقط إن كان المستقبل سيمنحني الفرصة لتغيير الأجواء. المنتخب: لكن ما أعرف أن هناك العديد من الأندية التي كانت ترغب في انتدابك، من فرنسا وألمانيا والبرتغال وغيرها، ما الذي جعلك لا تغير الأجواء؟ بدر قادوري: هذا صحيح، لقد توصلت بعدة عروض أوروبية طيلة السنوات التسع التي قضيت مع دينامو كييف، مع الأسف أنه وأمام أي عرض فإن رئيس الفريق يلح على أن أمدد العقد مقابل الرفع من مستحقاتي المالية، تشبثه هذا أيضا كان يدفعه، بل يتعمد إلى الرفع من القيمة المالية مقابل بيعي، ما يدفع بالعديد من الأندية إلى التراجع عن انتدابي، لذلك لم أجد بدا في البقاء هنا بدينامو كييف أمام الرغبة الملحة لرئيس الفريق. المنتخب: الأكيد أنك نسجت علاقة مميزة مع جمهور دينامو كييف وهو ما يفسر أنك حملت شارة العمادة قبل مجيء شيفشينكو؟ بدر قادوري: الحمدلله أن الجمهور يحترمني رغم أن له نزعة عنصرية تجاه الأجانب الذين يمارسون بالفريق، هناك احترام متبادل كما يكنون لي عشقا خاصا نظير السنوات التي قضيتها بأوكرانيا، بل حتى محيط الفريق يحترم طقوسي الإسلامية وعاداتي وهذا شيء مهم بالنسبة لي ومن الأمور التي جعلتني أبقى على طول هذه المدة، بل أفتخر أني حملت شارة العمادة في عدة مباريات. المنتخب: ماذا علمتك هذه التجربة الطويلة والفريدة بدينامو كييف؟ بدر قادوري: علمتني الصبر وتحمل المسؤولية، لقد دخلت عالم الإحتراف وأنا في مقتبل العمر وتعلمت العديد من الأشياء التي ساعدتني ليس في حياتي الكروية ولكن أيضا في حياتي العادية، فكأي لاعب تدرجت عبر عدة محطات وارتكبت أيضا أخطاءا، لكن الأهم كان بالنسبة لي أن أستفيد منها وأخطط بالشكل الأمثل لتجنب كل ما من شأنه أن يؤثر على مساري لتحقيق الأحلام التي كانت تراودني، لأنه لا شيء سهل في هذه الحياة، بل لا بد من العمل والمثابرة من أجل النجاح، فالتخطيط الجيد برأيي هو ما يسهل حياة المرء. المنتخب: هل أنت راض على المسار الذي وقعت عليه إلى الآن؟ بدر قادوري: طبعا لن أكون إلا راضيا على ما حققت، الحمدلله أن المحطات التي مررت بها كانت ناجحة سواء على صعيد الأندية، حيث لعبت لنادي من طينة الوداد وكذا بمحطة احترافية هامة بأوكرانيا علمتني العديد من الأشياء ناهيك أيضا عن السنوات الطويلة التي قضيت بالمنتخب المغربي، وهذه خطوة أفتخر بها كثير لأنه ليس سهلا على أي لاعب أن يعمر طويلا بعرين الأسود، لا يسعني إلا أن أفخر بما حققت، علما أني ما زلت بحث عن المزيد. المنتخب: أصبحت الآن تعد من قدامى اللاعبين بالمنتخب المغربي، أكيد أنها وضعية مخالفة عن السابق؟ بدر قادوري: ألعب الآن مع الجيل الثالت بالمنتخب المغربي، وهذا طبعا يزيدني مسؤولية أخرى سواء داخل الميدان أو خارجه، علي أن أكون قدوة لباقي اللاعبين وأن أضع تجربتي وخبرتي رهن إشارتهم، السنوات التي قضيت في مجال الكرة علمتني العديد من الأمور واستخلصت منها أيضا مجموعة من الدروس، كل ما أتمناه هو أن أفيد بتجربتي التقنية المنتخب الوطني وكذا اللاعبين. المنتخب: هل تفكر في العودة يوما ما للممارسة في البطولة المغربية؟ بدر قادوري: حتى أكون صريحا، فإني لا أفكر في العودة إلى البطولة المغربية، هذا قرار اتخذته حتى تبقى صورتي جيدة مع الجمهور المغربي، لا أريد أن أكون عرضة للإنتقادات وأن أختم مشواري على هذا الإيقاع، تعرف أن مستوى اللاعب يتراجع بعد تقدمه في السن، أريد أن أعود إلى البطولة في مستواي الذي يعرفني به الجمهور وليس بعد أن يتراجع، لأني استخلصت العبرة من زميلي شيفشينكو في الفريق، اللاعب الذي كان نجما بميلان الإيطالي والذي أحرز أيض الكرة لذهبية كأفضل لاعب في أوروربا، اليوم أصبح عرضة للإنتقادات من طرف جمهور دينامو كييف لدرجة أنه أصبح يختار المباريات السهلة ليشارك لتفادي الإنتقادات، لا أريد أن أسقط في الفخ الذي سقط فيه، لأن هناك من اللاعبين الذين اعتزلوا الكرة مرفوعي الرأس وخرجوا من الباب الواسع كزيدان أو نورالدين نيبت، كل ذلك يدفعني لعدم العودة إلى المغرب لأختم مشواري وذلك لأحافظ على الصورة الجميلة التي يعرفني بها الجمهور المغربي. حاوره ببيلفاست: عبداللطيف أبجاو عدسة: عبداللقادر بلمكي