فرسان العاصمة بثوب الحالم وفرسان دكالة بالأمل الدائم تباين كبير في النفسيات وفي الجاهزية والملعب وحده العامل الحاسم هو طبق كروي مغري لنصف نهائي كأس العرش بين فريقين يحدوهما طموح كبير لبلوغ نهائي كأس العرش، ففي غياب أقطاب الكرة المغربية وسقوطهم تباعا، يبدو أن لقب هذا الموسم يبقى مفتوحا على كل الإحتمالات وبحظوظ متساوية، لكن ما ليس متساويا هي الصورة التي يقدمها الفريقان هذا الموسم، بين طرف متوهج ومتألق أكان على الصعيد القاري اسمه الفتح الرباطي وفريق ما زال يبحث عن سكة النتائج الإيجابية والصورة الجيدة التي ينتظرها الجمهور لفريق اسمه الدفاع الجديدي، وبين هذا وذاك أكيد سيطلع نصف النهائي هذا بمستوى جيد بين فريقين يجمعهما نفس الطموح، طموح الصعود إلى المباراة النهائية. أحلام الكأس الفضية يبقى لكأس العرش نكهة خاصة في قلوب الجماهير المغربية نظير القيمة التي يحظى بها، ولطالما لهثت الأندية من أجل الصعود إلى منصة التتويج ومعانقة الكأس الفضية، الدفاع الجديدي والفتح الرباطي كلاهما طبعا يحمل رغبة جامحة للصعود لمنصة التتويج، على أن هناك تباينا بينهما، الفتح تذوق حلاوة كأس العرش في أربع سنوات 1967 و1973 و1976 و1995، بينما الدفاع الجديدي لم يسبق له أن أحرزها وما زال يبحث عن تزيين خزانته بهذه الكأس، والأكيد أن هذه الوضعية ستدفع بالفريقين إلى بذل مجهود أكبر، الفتح الرباطي يريد أن يستعيد نغمة الفوز بالكأس حيث يعود آخر تتويج له لسنة 1995، فيما يريد الفريق الجديدي أن يفك هذا اللغز المحير وذلك نظير النقلة النوعية التي عرفها وكذا تألقه في السنوات الأخيرة، حيث يرى أن الوقت قد حان ليفوز بلقب مكافئ لسنوات الإنتظار. الفتح وقصة اسمها التألق يمر الفتح الرباطي بأزهى أيامه، وما يحققه هذا الموسم يبقى مثيرا، فلا أحد كان في الواقع ينتظر أن يسجل فريق العاصمة هذا المسار الذي وقع عليه في منافسة كأس الإتحاد الإفريقي، حيث بلغ نصف النهائي وحقق نتيجة ملفتة في مباراة الذهاب بعد أن عاد بفوز ثمين أمام الإتحاد الليبي بهدفين لواحد في انتظار الإياب، وبات الأقرب لبلوغ المباراة النهائية، ولا يقتصر تألق الفتح على كأس الاتحاد الإفريقي، بل إنه استطاع أن يبصم أيضا على بداية متوهجة وسجل نتائج جيدة على صعيد البطولة وأمامه فرصة الصعود أكثر إلى طابور المقدمة حيث يحتل المركز السادس بمبارتين مؤجلتين. والواقع أن هذه النتائج التي سجلها الفتح لم تأت من فراغ، بل نتيجة مجهودات كبيرة قام بها الفريق الرباطي هذا الموسم، أكان على صعيد الإستقرار التقني وذلك بالحفاظ على المدرب الحسين عموتا أو احترافية المسيرين وسيرهم على خط معقلن وهيكلة النادي على أسس احترافية، كلها إجراءات أهلت الفتح لأن يعطى القدوة والمثال لجميع الأندية التي ترغب في الهيكلة الحقيقية، لذلك يبقى وصول الفتح لهذه المرتبة تحصيل حاصل لعمل متواصل على جميع المستويات. إرتباك لفارس دكالة لم يكن الدفاع الجديدي يتوقع أن يبصم على ذات الحضور المتذبذب بعد الثورة البشرية التي قام بها وكذا الحضور الجيد الذي بصم عليه في الموسم الماضي، حيث انتدب مجموعة من اللاعبين الوازنين وعزز صفوفه بلاعبين جيدين، لكن وأمام اندهاش الكل وبخاصة الجماهير الجديدية وقع فارس دكالة على انطلاقة متواضعة زكاها بنتائج جد متواضعة كان آخرها خسارة أمام المغرب الفاسي عن الجولة الثامنة بثلاثة أهداف لواحد وأضحى يحتل المركز ال 11 بثماني نقاط، وهو في الواقع مركز لا يمت بأي صلة لما يجب أن يسجله الفريق الجديدي مقارنة بالسيولة المالية التي وضعها مسؤولوه والتركيبة البشرية التي يتوفر عليها. الدفاع الجديدي وبعد هذه البداية المحتشمة يتطلع لنفض الغبار عنه واستعادة توازنه ما دام أن الجمهور الجديدي ينتظر الشيء الكثير من هذا الفريق الذي حقق نتائج جيدة في الموسم الماضي وسيسعى من دون شك إلى إعادة نفس الكرَة هذا الموسم وذلك مع توالي دورات البطولة. منافسة بثلاثة مدربين في مثل هذه المباريات تحضر لمسة المدربين، حيث يطغى أيضا الهاجس التقني والأسلوب التكتيكي، على أن الوضعية التقنية تبقى جد مختلفة بين الفريقين، فالدفاع الجديدي لم يستقر حاله التقني هذا الموسم بعد أن قاده جمال فتحي منذ انطلاق الموسم قبل أن تناط المهمة لمساعده محمد عبد المنعم الذي كانت له الفرصة لقيادة فارس دكالة في بعض المباريات بتجربة كانت ناجحة واليوم سيدخل المدرب الجديد خالد كرمة التجربة مع الدفاع حيث سيكون أول اختبار له في المواجهة المقبلة أمام الفتح، وبذلك سيكون الفريق الجديدي على موعد مع ثالث مدرب سيقوده في هذه الكأس، جمال فتحي في دوري السدس عشر والثمن، ومحمد عبدالمنعم في دور الربع فيما سيقود خالد كرامة الفريق في دور النصف القادم، ليبقى الدفاع الجديدي الفريق الوحيد الذي قاده ثلاثة مدربين، وهي وضعية متناقضة مقارنة بالفتح الرباطي الذي ينعم بالاستقرار التقني في شخص المدرب الحسين عموتا، وتلك وضعية تجسد التباعد الكبير بين الفريقين إن على المستوى التقني أو على المستوى النفسي. عندما تذوب الفوارق بعيدا عن الأرقام والمستويات والمشاكل، فالأكيد أن المباراة تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات، إذ رغم ما يعيشه الدفاع الجديدي من مشاكل فإنه يبقى فريقا محترما بلاعبين وازنين بإمكانهم تحقيق الفرق في أي لحظة ويكفي ذكر رفيق عبدالصمد وأحمد شاكو ومجيد الدين وغيرهم لمعرفة أن الفريق الجديدي رغم كل ما يقال يظل فريقا قويا، خاصة أن مجموعة من العناصر ستعرف عودتها في هذه المواجهة ككروشي وحمال والضيفي مع تسجيل غياب الدمياني وذلك بداعي التوقيف الذي تعرض له من طرف المكتب المسير الجديدي، بيد أن الدفاع سيفتقد خدمات لاعب وازن كان من المفروض أن تكون له لمسته خاصة في مثل هذه المباريات التي تتطلب خبرة، وعندما نتحدث عن الخبرة أكيد أننا نذكر رضا الرياحي الذي أجبر على الابتعاد مكرها بفعل الإصابة البليغة التي تعرض لها مؤخرا في مواجهة الفتح. معطيات تؤكد أن المباراة ستكون صعبة على الطرفين والفتح من جانبه سيتخذ كل التدابير لتفادي تمرد الدفاع على وضعيته وكذلك على النتائج المتواضعة التي سجل هذا الموسم. النهائي الرابع والكأس حلم وقف الحظ أمام الدفاع الجديدي في النهايات التي خاض وعددها ثلاث، وهو ما يفسر أن النحس ما فتئ يطارده، إذ ليس سهلا أن يخوض الفريق ثلاث نهايات دون أن يحقق حلم الصعود إلى منصة التتويج، الدفاع الجديدي يستعد لخوض رابع نهاية له في تاريخه، لكن قبل ذلك عليه أن يتجاوز عقبة الفتح الذي لا يبقى أي فريق وهو الذي يمر من أزهى أيامه، الفتح من جانبه يبحث عن التتويج الخامس في تاريخه، وهو ما يؤكد أن المباراة ستكون غاية في الندية والتشويق، على أن لاعبي الفتح سيكون أمامه