أتركوا القانون يقول كلمته بالقطع لست أنا وحدي من يتفاجأ لهذا الذي حدث ويحدث داخل إتحاد الخميسات الفريق الذي كنا نظن أن السيد محمد الكرتيلي قد تجاوز فيه صفة الرئيس المرجعي ليبلغ فيه صفة الكفيل التاريخي والأب الروحي.. لقد دارت معارك شرسة في الردهات والكواليس، وطبخت جموع وجموع، وتغممت مدينة زمور بغبار البلاغات، وعلى الحواشي وفي الهوامش تناثرت التهم، وقيل كلام كثير لا أريد أن أعطي لنفسي كامل الصلاحية في التحقق من صدقيته لأن هذا شأن لا يعنيني، ولكن أستغرب أن يبلغ التشهير بالأشخاص وبالذمم هذه الدرجة وتظل الجامعة ساكتة.. بدأت الحكاية في صورة طراطيش كلام، أصوات متنكرة ترتفع بين الحين والحين تقول بأن الأمور داخل إتحاد الخميسات ليست على ما يرام، وتطور الأمر إلى الحديث عن تجاوزات خطيرة لا يمكن السكوت عليها، ومع سقوط إتحاد الخميسات المثير للجدل وللشفقة أيضا إلى القسم الوطني الثاني زادت حدة الشكوى، ومن جلباب الفريق خرجت جبهة سمت نفسها «الحركة التصحيحية» وجندت ما تستطيع من أجل أن تحطم في الكرتيلي الجسد والصولة، فقد أصبح يمثل لهذه الحركة التصحيحية غيمة تحجب الشمس ولا بد من تفتيتها.. وأيقنت مع تصاعد وثيرة الإحتجاج والتشهير التي ستبلغ ذروتها مع عقد جمع عام إستثنائي عقدته هذه الحركة التصحيحية ونصبت من خلاله السيد شيبار رئيسا، وقد كان لوقت طويل نائبا محصنا للسيد الكرتيلي أن تمة شيئا غير مفهوم في حبكة هذا المسلسل، مذاق غير طبيعي في الطبخة، لماذا يصمت الكرتيلي إزاء هذا الإنقلاب المعلن؟ هل لأنه فطن إلى أن ساعة الرحيل قد حانت؟ أم فقط لأنه كان موقنا أن هذه الحركة ليست سوى سحابة صيف، سوى صيحة في واد؟ أما وإن كان الكرتيلي قد فطن أن ساعة الرحيل قد أزفت، فلا أظنه من عيار الرجال الذين يخرجون من النوافذ، لا سنواته ولا معاركه ولا كل المساحات الكبيرة التي شغلها في جغرافية كرة القدم الوطنية تسمح بأن تكون النهاية بهذا الشكل البديء. وجاءني الدليل على صحة ما تصورته، من أن الكرتيلي ليس من النوع الذي يباع تاريخه في "الخوردة"، فقد حرك كل حواسه للدفاع عن نفسه، عقد جمعا عاما تكميليا، قال بصحة وثائقه وحساباته، وحشد اللاعبين والمؤطرين ليرفعوا صوت الولاء، واليوم لا أحد غيره يأمر وينهى داخل إتحاد الخميسات.. وقد قلت بأنني لا أنصب نفسي مدافعا عن الكرتيلي وأنا موقن من أنه "فران وقاد بحومة"، كما أنني لا أنصب نفسي مرافعا عن الحركة التصحيحية التي قامت من رماد الإحباط، ولكنني أقيس على ما يجري داخل إتحاد الخميسات بالتحديد لأقول بحاجتنا في هذه الظرفية بالذات، والكل يعي درجة حساسيتها وخطورتها، إلى ما يرسخ داخل الأندية صغيرها قبل كبيرها ثقافة إحترام القانون، الإحترام الذي يذهب إلى ما هو أبعد من التقيد بالنصوص وباللوائح ليصل إلى درجة تقديس هذا القانون.. ولأن الجامعة هي وصي شرعي على الممارسة وعلى سيادة القانون في تدبير الشأن الكروي، فإنني لا أفهم كيف تسمح بتداول كل هذه التجاوزات التي يتحدث عنها داخل إتحاد الخميسات وداخل أندية أخرى.. فإذا ما كانت الحركة التصحيحية داخل إتحاد الخميسات تقول ببطلان الجمع العام العادي الذي عقده الفريق الصيف الماضي لعدم وجود أي منخرط مستوفي للشرط القانوني، فما الذي سمح أصلا بعقد هذا الجمع؟ ولماذا صودق على تقريريه؟ ولماذا يحصل إتحاد الخميسات برغم وجود هذا "المانع القانوني" على الضوء الأخضر ليعلب البطولة أصلا؟ وإذا ما كان السيد الكرتيلي يقول جازما أن هذه الحركة التصحيحية لا تملك أي سند قانوني لعقد جمع عام وللقول بوجود رئيس جديد، فمن سمح قانونا لهذه الحركة بأن تعقد ما قالت أنه جمع عام؟ ثم إذا كان هناك حديث "صريح" بوجود تجاوزات واختلالات قانونية ومحاسباتية فلماذا لا يتم التحري عنها ومتابعة من تسبب فيها إن كانت قد حددثت فعلا؟ يوجد اليوم على طاولة الجامعة للدراسة والإفتاء ملف قدم طرفاه وثائق وإشهادات وحتما ستكون الجامعة بحاجة مع هذا كله ومع المتغير الإستراتيجي الكبير الذي يلوح في الأفق مع إطلاق العصبة الإحترافية الموسم القادم، إلى غرفة مستقلة لفض النزاعات، تتأسس من رجال القانون، لا تصلهم بالجامعة سوى صلة واحدة ووحيدة هي البث في كل النزاعات المعروضة على الجامعة والتي لها طبيعة قانونية.. وإلى أن تبث الجامعة في ملف إتحاد الخميسات، أرجو صادقا أن يترك اللاعبون بعيدا، فأن يطلبوا تحت الحاجة إلى التوقيع على بلاغ المساندة الذي حرر لهم هو ضرب في الصميم لجوهر القانون بهيئته الحالية، والذي يقول بصفة جازمة أن اللاعبين هم أُجَراء ولا دخل لهم في أمور التسيير، إنهم مرتبطون أساسا بالفريق كشخصية إعتبارية وليس بزيد أو بعمر.. ----------------- بالطبع لا أريد أن أقيم قياسا من أي نوع وأنا أعرف أنه مستحيل لوجود فارق كبير وشاسع، لذلك أوصيكم بعدم الربط بين ما يجري داخل إتحاد الخميسات من جدل وتعارض وحرب بلاغات، وما يحدث اليوم داخل نادي برشلونة الشهير، فمع رحيل خوان لابورطا الرئيس السابق الذي يوصف في تاريخ البارصا على أنه رئيس هلامي جلب للفريق الكاطلاني من الألقاب ما لم يستطعه رئيس غيره، ومع مجيء روسيل جرى حديث مبطن عن وجود تجاوزات مالية، بخاصة لما تبين أن خسائر برشلونة في الموسم الماضي ناهزت 80 مليون أورو ليصل إجمالي الديون إلى 430 مليون أورو (حوالي 460 مليار سنتيم). وألمح روسيل بمجرد أن تسلم مقاليد الأمور إلى إحتمال مقاضاة لابورطا بعد أن يكتمل الجرد المالي، ولأن هناك تقاليد راسخة داخل برشلونة، فقد انعقدت جمعية عمومية للنادي وتمت الموافقة على رفع دعوى قضائية ضد لابورطا بفارق بسيط في الأصوات، إذ وافق 468 عضوا على إتخاذ هذا الإجراء وعارضه 439 عضوا، فيما إمتنع 113 عضوا عن التصويت. ساندرو روسيل الرئيس الجديد للبارصا قال أنه لا مجال للتغاضي عن إقامة دعوى قضائية ضد خوان لابورطا بسبب دفاتره المحاسباتية المثيرة للشكوك، والتي صرح فوس نائب رئيس البارصا بأنها تتمثل في أن لابورطا أنفق عدة ملايين من الأورو في شراء تذاكر الطيران من فئة رجال الأعمال لنفسه ولمديري الفريق، كما أنفقها على الأمن الخاص وعلى المخبرين وعند تردده على المطاعم الفخمة.. ولأن خوان لابورطا أصبح لجماهير البارصا عنوانا لفخر أزلي بحكم أن فترة ولايته ما بين 2003 و2010 تميزت بالفوز أربع مرات بلقب الليغا وبلقب عصبة أبطال أوروبا مرتين، دون إحتساب لقب كأس الملك وألقاب السوبر الأوروبي والإسباني، فإن هذه الجماهير إنقسمت على نفسها، بين مؤيدة لقرار المقاضاة وبين رافضة له، على أن هناك فئة من الجماهير تتشبت بفرضية تجنب قرار المقاضاة حتى لا يؤثر سلبا على مسيرة البارصا الطامح هذا الموسم لاقتناص ألقاب أخرى. الغريب أن روسيل الرئيس الحالي لبرشلونة، كان نائبا للابورطا عند انتخابه رئيسا لبرشلونة سنة 2003، وكان هو المسؤول عن الشؤون الرياضية، وإليه يرجع الفضل في انتداب البرازيلي رونالدينيو الذي سيحقق معه البارصا لقبين لليغا ولقبا لعصبة الأبطال، غير أن روسيل إستقال من منصبه عام 2005 متهما لابورطا بالديكتاتورية وأيضا بالإنصياع الكامل ليوهان كرويف، الذي سيجعل منه لابورطا قبل أشهر من نهاية ولايته رئيسا فخريا لبرشلونة، وهو القرار الذي ألغاه روسيل بمجرد إنتخابه رئيسا جديدا شهر يونيو الماضي، لأنه منصب غير موجود أصلا في تقاليد برشلونة.. الشعور لحد اليقين بوجود حملة مبرمجة ضده تريد تقويض صرح المجد الذي بناه لبرشلونة، والذي يريد لابورطا استغلاله وهو يؤسس حزبا سياسيا خاصا به ويطمح للفوز في إنتخابات إقليمكاطالونيا، هو ما جعله اليوم يرد على روسيل برفع دعوى قضائية.. إنها بالتأكيد حكاية جديرة بالمتابعة لطالما أن المنتصر فيها سيكون هو القانون..