الهيئة العلمية وآثارها 3. ابنُ عبد الملِكِ المراكشي أبو عبد الله محمد بن عبد المالك الأنصاري، ثم الأوسي من أهل مراكش، العلامة الحافظ التاريخي النقَّاد وُلد سنة: 634، وتوفي سنة 703، روى عن أبي الحسن الرُّعَيني وصحبه كثيراً، وأبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن هشام، وأبي الوليد بن عُفَير وغيره، وأجاز له أبو جعفر بن الزُّبير صاحب صلة الصِّلة، وكان رحمه الله نبيل الأغراض، عارفا بالتاريخ والأسانيد، نقَّاداً لها، حسن التهدِّي، جيد التصرف، أديباً بارعاً ذا معرفة باللغة العربية والعروض، ومشاركة حسنة في الفقه. ألَّف كتابا جمع فيه بين كتابَي ابن القطَّان الفاسي، وابن الموَّاق المراكشي على كتاب الأحكام لعبد الحق مع زياداتٍ نبيلةٍ من قبله. وأما كتابه "الذيل والتكملة لكتابي الموصل والصلة"؛ فإنه العمل العلمي الضَّخم الذي اشتهر به، وقد استوفى فيه تراجم عدَّةٍ ممن لم يذكره ابن الفرضي وابن بشكوال في كتابيهما، وترجم لمن أتى بعدهما من الأعلام تراجم حافلة مستوعبة لآثار المترجمين وأخبارهم ومروياتهم وشيوخهم من النقد للروايات والنظر في تلك الآثار، مما يدلًّ على إطلاع واسع، واستحضار نادر وهو في تسع مجلدات، يوجد أكترها مفرَّقا في مكتبات العالم، وقد ولي ابنُ عبد الملك قضاء مراكش مدةً ثم أُخر عنه وكانت وفاته بتلمسان. 4. ابنُ رَشيد أبو عبد الله محمد بن عُمر بن رشيد الفِهري السَّبتي رحالة شهير، ومن الأئمة الحفَّاظ الوعاة والخطباء المصاقع. مولده بسبتة سنة 705، وبها نشأ وتوفي بفاس في فاتح محرم عام 721، ودفن بمطرح الجلَّة من القِبَاب. كان محدِّثاً مسنداً متضلِّعاً بالنحو واللغة والعروض، ريَّان الأدب، حافظاً للأخبار والتواريخ والسيَر مشاركاً في الأصلين، عارفاً بالقراءات السَّبع، خطيباً مبدهاً، كثير الترحال والتجوال في البلاد. دخل الأندلس في سنة 692 فقدَّم للخطابة والإمامة بمسجد غرناطة الأعظم، وأقام بها مدةً. ثم قفل راجعا إلى فاس، فنال بها أيضا مراتب عالية تليق بقدره. ورحل إلى المشرق مرَّتين فتجول وأكثر الأخذ عن المشايخ، تم عاد وألَّف رحلته "ملء العيبة في ما جمع بطول الغيبة في الوجهتين الكريمتين إلى مكة وطيبة" واستقرَّ بفاس حتى توفي. وله غير الرحلة كتب أخرى تأتي تسميتها، وله خطب ومقطعات وأخبار أدبية يأتي بعضها في محله. 5. ابن الحَاج الفاسي أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري الفاسي المعروف بابن الحاج، أحد جهابذة المتصوفين وأعلام السنة الراسخين سمع ببلده من جلَّة الشيوخ، وقدم مصر فصحب الشيخ أبا أمحمد بن أبي حمزة وسمع بها وحدَّث. وكان عارفاً بمذهب الإمام مالك، من أهل الزهد والخير والصلاح، وأثرت فيه صحبة أهل القلوب فصنَّف كتابه المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات والتنبيه على كثير من البدع المحدثة، والعوائد المنتحلة، وهو كتاب حفيل جمع فيه علماً غزيرا والاهتمام بالوقوف عليه متعن. توفي رحمه الله سنة 737ه. 6. الشيخ زرُّوق أبو العباس أحمد بن احمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي، شهر بزرُّوق، الإمام الأشهر، العارف الأنوار، ولد عام 836، وتوفي والده قبل سابع ولادته، فكفلته جدَّته الفقيهة أمُّ البنين، واشتغل بالصناعة فتعلم السِّكافة، ثم طلب العلم في السادس عشر من عمره فدرس على مشاهير أهل بلده، ورحل إلى المشرق فأخذ به عن جماعة من الأعيان، ثم رجع وقد تضلع بعلوم الشريعة، وأتقنها غاية الإتقان، ولاسيما التصوف فقد انفرد بمعرفته وبجودة التأليف فيه لتحريره له على أصول الشريعة تحرير الجوهر وتصفيته تصفية الكبريت الأحمر فلذلك ما دعي "بمحتسب الأولياء والعلماء". له كتب عديدة يميل فيها إلى الاختصار والتحقيق منها، وهو أشهرُها قواعد التصوُّف، ومنها عدَّة المريد، ومنهخا النصيحة الكافية، وغيرها وهي تزيد على العشرين وتوفي بطرابلس الغرب عام 899ه. يتبع في العدد المقبل.. النبوغ المغربي في الأدب العربي تأليف عبد الله كنون، العدد 1-3 دار الثقافة، ج: الأول، ص: 206-208