الجامعة الوطنية للصحافة تدين التسريبات المنسوبة لأعضاء اللجنة المؤقتة وتطالب بفتح تحقيق مستقل    النبهان ينتقد "الولوج المطلق" لصناع المحتوى إلى مجال التمثيل الفني        وضع سيدة مولودها داخل إحدى عربات "الترامواي".. مستشفى مولاي عبد الله بسلا لم يسجل أي ولوج للمعنية بالأمر إلى مصالحه (بلاغ)    الجيش الملكي يستهل مشواره القاري بهزيمة أمام يونغ أفريكانز ويحتج على إلغاء هدف    الأميرة للا مريم تترأس حفل الاختتام الرسمي للمنتدى الإفريقي الأول لبرلمان الطفل        صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في القطاع إلى 69 ألفا و733            جلالة الملك يهنئ الجيش الملكي النسوي عقب تتويجه بدوري أبطال إفريقيا للسيدات    وكالة التنمية الرقمية تعقد مجلسها الإداري السابع وتصادق على خارطة طريقها الجديدة ل 2030    اليماني: مجلس المنافسة يتهرب من مواجهة الاحتكار في سوق المحروقات    بسبب عدم اختياره كأحسن حارس.. أحمد الشناوي يشن هجومًا لاذعًا ضد جوائز "الكاف"        الداخلة .. تنظيم لقاء علمي حول الذكاء الاصطناعي في أبعاده الاجتماعية والسيادية        موسيقى كناوة المغربية تلهب حماس الجمهور في مهرجان فني بالكويت    إجراء ناجح لعمليتين في القسطرة القلبية بمستشفى محمد السادس بأكادير    الغلوسي: مافيات الفساد تغولت على الدولة والمجتمع وأصبحت تدفع البلد نحو المجهول        الحسيمة .. قافلة نحتافلوا كاملين تحط الرحال بأجدير    البرازيل.. إيداع الرئيس السابق جايير بولسونارو رهن الاعتقال الاحتياطي    مجلس المستشارين يعقد الثلاثاء المقبل جلسة عمومية مخصصة للأسئلة الشفوية الموجهة لرئيس الحكومة حول السياسة العامة    لجنة الأفلام تُطلِق برنامج قطر لحوافز الإنتاج السينمائي والتلفزيوني (QSPI)    تنظيم مهرجان فاس السينمائي العربي الإفريقي    أكبر جمعية حقوقية بالمغرب تدين تواتر الأحكام القضائية القاسية في حق محتجي "جيل زيد"    جلالة الملك يهنئ الرئيس اللبناني بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الإنتربول تشيد بالدور الإستراتيجي للمغرب في مكافحة الجريمة العابرة للحدود    لجنة الأفلام في قطر تحصل على حقوق قصة "قيصر"    هل يصيب الذكاء الاصطناعي بعض الناس بالتوهم؟    قوات روسيا تعلن عن تحرير بلدتين    الطالبي العلمي بمؤتمر الاتحاد البرلماني الإفريقي: التنمية الحقيقية رهينة بتعزيز سيادة الدول الإفريقية على مواردها الطبيعية    أفراد طاقم فيلم "صوت هند رجب" وأبطال القصة الحقيقيين في مهرجان الدوحة السينمائي: صوت هند هو صوت غزة وكلّ الفلسطينيين    حادثة سير خطيرة تودي بحياة 4 أشخاص في بوجدور    ساركوزي يكتب عن السجن: كما هو الحال في الصحراء.. تتقوّى الحياة الداخلية في السجن    القاهرة تستعجل تشكيل "قوة غزة"    مونديال قطر لأقل من 17 سنة.. صحيفة "أس" الرياضية الإسبانية تشيد بالجيل الجديد من المواهب المغربية    ارتفاع الدرهم بنسبة 0,4 في المائة مقابل الدولار    عقار : ارتفاع مؤشر الأسعار في الفصل الثالث من سنة 2025    أرسنال يفقد مدافعه غابرييل لأسابيع    الأمم المتحدة: الإمدادات الغذائية لغزة تتحسن منذ وقف إطلاق النار    طقس مستقر في توقعات اليوم السبت بالمغرب    وفاة ثلاثيني وإصابة شاب آخر في حادثَيْ دراجة نارية متتاليَيْن داخل نفق "مركز الحليب" بطنجة    بوعرعار "كبير المترجمين".. سفير لغوي متجول بارع ودبلوماسي "فوق العادة"    الداخلية تلزم الجماعات بتحديد تسعيرة الضريبة على الأراضي غير المبنية لتشمل الدواوير... تغازوت نموذجا (فيديو)    بن هنية: "صوت هند رجب" يتخلّد حين يصل نفس الشعور إلى كافة الناس    "الأول يكشف تفاصيل استنطاق "بوز فلو".. الرابور أمام القضاء بسبب اتهامات مرتبطة بمضامين أغانيه    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحق ومرادفاته..
نشر في ميثاق الرابطة يوم 04 - 10 - 2012

عبر القرآن الكريم عن العقيدة بالإيمان، وعن الشريعة بالعمل الصالح، وجاء ذلك في كثير من آياته الصريحة، منها: "وَقَالَ الَذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ امَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ" [القصص، 80]، "وَأَمَّا مَنْ امَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءُ الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنَ اَمْرِنَا يُسْرًا" [الكهف، 86]. "وَالْعَصْرِ إِنَّ الاِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ اِلا الَذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر" [العصر، 1-3]ِ، ومن هنا لم يكن الإسلام عقيدة فقط، ولم تكن مهمته تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه فقط، وإنما كان عقيدة تنظم إيمانه وعقله، وكان شريعة توجه الإنسان إلى جميع نواحي الخير في الحياة[1].
وقد "أرست الشريعة الإسلامية أصولها على مقتضى من سنن الفطرة الثابتة في الكون، بحيث يسود تطبيقها ونتائج مقتضيات العدل والخير والرحمة والتعاون في دائرة البر، ولا سيما إبان ممارسة الإنسان لما منحه الشارع من حقوق، لا تغفل ما يستدعيه سير الحياة بالناس وتطورها من أحكام لهذه الأوضاع الجديدة، وما تتطلبه الحاجات الطارئة من وفاء تشريعي؛ لأن في سعة تلك الأصول الثابتة ما يفي بذلك كله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهي شريعة ثابتة في أصولها، متطورة في فروعها"[2].
ومن طبيعة الفقه الإسلامي أن أقام حياة الإنسان على الحقوق[3]، بمعنى أن له في الوجود ملكية في الأشياء والمعاني ما لو سلب منه فقد اعتدي عليه، فالحق ما يمتلكه الإنسان فطرة أو كسباً مشروعاً، سواء كان أمراً معنوياً فكرياً أو شيئاً مادياً، ولعل ذلك مستمد من المعنى اللغوي، فمن معاني كلمة الحق الوضوح، وقال قوم: يحق حقاً، إذا وضح فلم يكن فيه شك[4]، ومن معاني اللغة: حق: الحاء والقاف أصل واحد، وهو يدل على إحكام الشيء وصحته، فالحق نقيض الباطل، ثم يرجع كل فرع إليه بجودة الاستخراج وحسن التلفيق، ويقال حق الشيء: وجب"[5]، وجمعه حقوق، وحق الأمر يحِق ويحَق حقاً وحقوقاً: صار حقاً وثبت، قال الأزهري معناه: وجب يجب وجوباً، وحقيقة الرجل: ما يلزمه حفظه ومنعه ويحق عليه الدفاع عنه من أهل بيته[6]، فالحق الوضوح، والثبات، والصدق، والواجب، والصحة، وما يحفظ، وما يلزم، وما يدافع عنه، وكلها تصح مترادفات لغوية إيجابية، وهو نقيض الباطل في الترادف السلبي، ولكن أكثر ما يرتبط بمفهوم الحق هو مفهوم الواجب في اللغة العربية[7].
هذه المعاني اللغوية لكلمة الحق تظهر أن المعنى واضح، بل لا تكاد كلمة مرادفة لكلمة الحق تأخذ مكانها إطلاقاً، بل يمكن القول إن كلمة الحق لا تحتاج إلى بيان ولا تفسير ولا شرح لمعناها، وإنما هي بذاتها بلفظها ومعناها حجة على نفسها وغيرها، بل قد لا يصح أن يكون لها كلمة أخرى مرادفة لمعناها كاملاً، ولا توجد كلمة أخرى أكثر منها دلالة على معناها، ولذلك كان الحق اسما لله سبحانه وتعالى، فهو الحق كما في قوله تعالى: "فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ" [طه، 111]، وقوله: "ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ" [الاَنعام، 63]، وكل ما يصدر عن الحق سبحانه وتعالى هو حق، فقوله الحق وشرعه الحق ورسالته الحق وكتابه الحق وقضاؤه الحق، ومن هذه الآيات: "وَالَذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ" [فاطر، 31]، و "وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا" [الاِسراء، 105]. "فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ" [يونس، 32]، فالحق هو الله تعالى، والحق هو ما أنزله الله وما جعله الله تعالى حقاً، فكل حق في الوجود مستمد من الحق سبحانه وتعالى، وكل إحقاق للحق هو إرضاء للحق تبارك وتعالى.
وفي العصور المتأخرة نيط بالفقهاء تقنين الشرائع، وتشكيل الدساتير الدولية، بهدف تقنين الحق، وإحكامه وحمايته، وترتيب العقوبة على مخالفته، وقد عرف التقنين الحقوقي قبل هذه المرحلة في الحضارة الغربية بمرحلة إعلانات الحقوق، و"إعلانات الحقوق عبارة عن وثائق تسجل فيها الثورات عادة أصولها الأيديولوجية الجديدة، وما يجب أن يسود في المجتمع الجديد من مبادئ سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية حتى يعرف كل فرد، حاكما أو محكوماً، ما يطبقه النظام الجديد وما يستلهمه من فلسفات، وعادة لا تريد الثورات أن تجعل المبادئ التي تتضمنها الوثائق الصادرة عنها حبيسة إطار الدولة التي قامت فيها، وإنما تعمل على نشرها في غيرها من الدول حتى تكون هذه الإعلانات وسيلة لتقدم المواطن ورفاهيته وتقديس حقوقه وإعلائها، ومن أشهر إعلانات الحقوق (هو إعلان حقوق الإنسان والمواطن) الذي أصدرته الثورة الفرنسية عام 1789م، والذي اعتبر كمقدمة للدستور الفرنسي الصادر عام 1891م، كما تضمنت مبادئه مقدمة كل من دستور عام 1946 ودستور عام 1958 الفرنسي"[8].
يتبع في العدد المقبل بحول الله..
---------------------------------
1. الإسلام عقيدة وشريعة، شلتوت، ص: 22.
2. الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده، الدكتور فتحي الدريني، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1404ه 1984م، ص: 16.
3. القانون الإسلامي وطرق تطبيقه، أبو الأعلى المودودي، الدار السعودية، جدة، 1405ه/1985م، ص: 22.
4. جمهرة اللغة، ابن دريد، 1/85.
5. معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، ص: 244.
6. لسان العرب، ابن منظور 10/51 و52.
7. بحث مفاهيم الحقوق والعدل في النصوص العربية الإسلامية، الدكتور محمد عابد الجابري، في كتاب: حقوق الإنسان في الفكر العربي، دراسات النصوص، مجموعة مؤلفين، تحرير سلمى الخضراء الجيوسي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى، 2002م، ص: 27.
8. القانون الدستوري، الدكتور إبراهيم عبد العزيز شيحا، الدار الجامعية، بيروت، 1983م، ص: 187.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.