ابن كيران يدعو وزارة الداخلية لصرف الدعم المالي المخصص للبيجيدي    ميناء العرائش يسجل تراجعًا في مفرغات الصيد البحري بنسبة 20% خلال الفصل الأول من 2025    رئيس CGEM الشمال "عمر القضاوي" يطلق قافلة اللقاءات حول التدابير الضريبية في قانون المالية 2025 من طنجة وتطوان    طنجة: توقيع اتفاقيات شراكة استراتيجية لتعزيز كفاءات صناعة السيارات والاندماج المحلي في القطاع    الركراكي: أسود الأطلس عازمون على الفوز بكأس إفريقيا 2025 على أرضنا    المغاربة يتصدرون قائمة المسجلين في الضمان الاجتماعي الإسباني    المركز الاستشفائي الجهوي بطنجة يوضح حقيقة صفقة اقتناء أدوية ويؤكد إلغاء الطلب    الصحراء المغربية .. دعم أمريكي-لاتيني متجدد للحكم الذاتي    "كاف" يغير توقيت نهائي "كان U17"    "تمغرابيت" تزين معرض الكتاب في باريس .. إبداع وذاكرة وشراكة متجددة    الجيش الإسرائيلي يعلن تحويل 30% من أراضي قطاع غزة إلى منطقة عازلة    دوري أبطال أوروبا.. إنتر ميلان يُقصي بايرن ميونخ ويتأهل لمواجهة برشلونة في النصف النهائي    بنك المغرب يعتزم إحداث صندوق دعم لتشجيع التجار على الأداء الإلكتروني    شغيلة التعليم تنتفض ضد العنف.. و"إضراب الكرامة" يحصد نجاحا كبيرا    المغرب يجلي 369 شخصا من غزة    "جيتكس" يشد انتباه آلاف الزوار    اتفاقيات جديدة ل"الانتقال الرقمي"    شهيد: حجج الحكومة للدفاع عن خياراتها السياسية ضعيفة ويطغى عليها التسويف والتبرير    برلمان أمريكا الوسطى في زيارة تاريخية لمدينة العيون.. دعم كامل لمغربية الصحراء    الاتحاد الأوروبي يُنشئ قائمة "الدول الآمنة" تضم المغرب لتسريع ترحيل طالبي اللجوء    حالة الطقس .. اجواء غير مستقرة وزخات متفرقة بعدة مناطق    تكريم المغربي طهور يتحول إلى مهرجان حبّ في مراكش    تقرير: مجموع المنشورات في المغرب خلال سنتين بلغ 3725.. 80% بالعربية والأدب في المقدمة    الدكتور نوفل الناصري يصدر كتابًا جديدًا بعنوان "مستقبل النظام الدولي في ظل التفاعلات الجيواستراتيجية الراهنة"    دي ميستورا تحت المجهر.. إحاطة مثيرة للجدل تعيد بعثة الصحراء إلى دوامة الانحياز والمراوغة    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    هل هي عزلة أم إقامة إجبارية دولية: هكذا تخلت القوى الكبرى ‮ والدول الصغرى أيضا عن دولة العسكر في الجزائر!    شرطي يُطلق رصاصة تحذيرية لإحباط محاولة فرار سجين من داخل مستشفى    أسعار الذهب تبلغ أعلى مستوى لها على الإطلاق    المكتب الوطني للمطارات: منطقة مغادرة جديدة بمطاري مراكش- المنارة وأكادير- المسيرة    بلقشور: إصلاحات "دونور" غير مسبوقة والمركب في أفضل حالاته    كلمة : البرلمان.. القضايا الحارقة    جامعة عبد المالك السعدي تُثري فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثقافي متنوع في دورته ال30    ملاحظات عامة عن المهرجانات السينمائية المستفيدة من دعم الدورة الأولى لسنة 2025    أنشطة سينمائية بعدد من المدن المغربية خلال ما تبقى من شهر أبريل    «أجساد في ملكوت الفن».. عبد العزيز عبدوس يفتح نوافذ الذاكرة والحلم بطنجة    تساهم في تفشي معدلاته المخدرات، التفكك الأسري، الألعاب الإلكترونية وغيرها .. تلاميذ وأطر إدارية وتربوية تحت رحمة العنف في مؤسسات تعليمية    طعنة في قلب السياسة : لماذا اعتدى شاب على نائب عمدة سلا؟    عمال الجماعات المحلية يعلنون إضرابا واحتجاجا أمام البرلمان بسبب تجاهل مطالبهم    المغرب يتسلح ب600 صاروخ أمريكي لمواجهة التحديات الجوية    هل ما زال للقصائد صوت بيننا؟    حادثة سير خطيرة تودي بحياة شاب بأكادير    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو لتعزيز الطلب المحلي في مواجهة التوترات التجارية مع واشنطن    بيلينغهام : واثقون من تحقيق ريمونتادا تاريخية أمام أرسنال    حكيمي: "الحقيقة أننا لا نهتم بهوية منافسنا.. لأنه للفوز بدوري أبطال أوروبا عليك أن تواجه الأفضل"    المنتخب الوطني المغربي للمواي طاي يشارك ضمن فعاليات البطولة الإفريقية بطرابلس    إسرائيل: "لن تدخل غزة أي مساعدات"    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    بطولة إسبانيا: توقيف مبابي لمباراة واحدة    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوادي التعرّف (25)
نشر في ميثاق الرابطة يوم 20 - 04 - 2012

التصوف على "طريقة الجنيد السالك" حَسب ما سُطِّر في منظومة فقيه القرويين ابن عاشر، ووِفق ما تَوارث في الأمة، يتقعّد على ثمانية شروط ومبادئ:
المبدأ الثاني في طريق التصوف: التقوى: بعد الحديث عن أهمية البصر والسمع واللسان في التقوى والسلوك، يستعرض الناظم رحمه الله آفة البطن، فيقول:
يحْفَظُ بَطْنَهُ مِنَ الحرامِ *** يَترُكُ ما شُبِّهَ باهْتِمَامِ
حفظ البطن من الحرام: أشار المصنف إلى البطن بقوله: "ويحفظ بطنه من الحرام"، مخبرا عن وجوب حفظ بطن السالك من كل أكلٍ أو شُربٍ غير حلال، لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الاَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ" [البقرة، 167]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "طلب الحلال فريضة على كل مسلم"[1]، وقوله عليه الصلاة والسلام: "كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به"[2].
والإجماع على أن طلب الحلال فرض عين على كل مكلف، وقد قدَّم الله تعالى أكل الحلال على صالح الأعمال في قوله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً" [المومنون، 52]، وذلك تنبيها على أن الانتفاع بالأعمال إنما يتوصل إليه إذا كان الكسب من حلال، فمن أكل الحلال شربت منه عروقه وجوارحه، ونشطت بها عبادته، ووجد لها قلبه حلاوة وذوقا، ومن أكل الحرام بعكس ذلك، بل يُخاف عليه ألا يُقبل عمله الذي أتاه بجوارح نبتت من الحرام، ففي الحديث: "لا يقبل الله صلاة من في بطنه حرام"[3]، وفي حديث آخر: "من أكل لقمة حرام لم يقبل الله منه عمله أربعين صباحا"[4].
قال عبد الله بن عباس: "عماد الدين وقوامه طيب المطعم، فمن طاب كسبه زكى عمله، ومن لم يطب كسبه خيف عليه أن لا تقبل صلاته وصيامه وحجه وجهاده وجميع عمله؛ لأن الله تعالى يقول: "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِين" [المائدة، 29]"[5]؛ لأن المراد بالتقوى في الآية اجتناب كل ما يؤثم. ونظر عمر إلى المصلين فقال: "لا يغرني كثرة رفع أحدكم رأسه وخفضه، الدين الورع في دين الله والكف عن محارم الله والعمل بحلال الله وحرامه"[6].
وورد أنّ "من أكل الحلال أربعين يوما نور الله قلبه، وأجرى ينابيع الحكمة على لسانه"[7]، والنور إذا دخل القلب انفسح وانشرح، وعلامة ذلك التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله كما في الحديث[8]، فيُصيب العبد من انشراح صدره بحسب نصيبه من هذا النور، ولا يتنور قلبٌ أكل الحرام أبدا.
ومن خاصية حفظ البطن من الحرام: استجابة الدعاء؛ فأكل الحرام من أكبر موانع استجابة الدعاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال: "يَا أَيُّهَا الَذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ"، وقال: "يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا"، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك"[9] فالرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم توفرت فيه بعض الأمور المعينة على إجابة الدعاء من كونه مسافرا ومفتقرا إلى الله ورافعا يديه إليه عز وجل، لكن حجبت الاستجابة عنه بسبب أكله للمال الحرام.
ومن ثم قال ابن حجر: "إن سبب تخلف الدعاء في أوقات الإجابة وقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء، كعدم الاحتراز في المطعم والمشرب والملبس.. "[10].
ويدخل في الحرام الذي يجب حفظ البطن منه كل ما حرم أكله: كالميتة والدم ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، والمنخنقة وما ذكر معها في الآية بشرطها، وكل ما يُسكر، وما أخذ من أموال الناس من غير حلها.. إلى غير ذلك[11] مما يسد باب السماء عن السالك، فلا حسناته ترفع ولا دعاؤه يستجاب.
وكما يجب حفظ البطن من الحرام، كذلك سائر الجسد وما يتعلق به من مأكل وملبس ومَركَب وكل ما ينتفع به، فلا يحل فيه إلا الطيب الحلال، قال الصوفي أبو علي الروذباري: "دخلت الآفة من ثلاث: سقم الطبيعة وملازمة العادة وفساد الصحبة، قيل له:
• وما سقم الطبيعة؟ قال: أكل الحرام؛
• وما ملازمة العادة؟ قال: النظر والاستمتاع بالحرام والغيبة؛
• وما فساد الصحبة؟ قال: كلما هاجت في النفس شهوة يتبعها"[12].
يُتبع..
-----------------------------------------------------------
1. صحيح البخاري، كتاب البيوع، ح: 2367.
2. رواه الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء، دار البيان الحديثة، الدار البيضاء، المغرب، ط 1، 2003م، (3/313).
3. رواه الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء، (2/114).
4. رواه الترمذي في السنن، كتاب الأشربة، ح: 1785.
5. المدخل لابن الحاج، المكتبة العربية الإسلامية الشاملة، ص: 211.
6. المصدر السابق.
7. الترغيب والترهيب للمنذري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 3، 1968م، (1/56).
8. البيهقي في الزهد الكبير، ح: 982.
9. رواه مسلم في الزكاة برقم 1686، والترمذي في تفسير القرآن برقم: 2915.
10. فتح الباري لابن حجر العسقلاني، مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة النبوية، ط1، 1996م، (3/32).
11. ذكر هذه الأقسام الإمام الجزولي كما في الدر الثمين والمورد المعين لميارة، مكتبة المنار، تونس، ص: 458.
12. أنظر "الغنية" للشيخ عبد القادر الجيلاني، دار صادر ببيروت ودار البشائر بدمشق، ط 2، 2007م، (2/209).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.