عاجل.. عبد الإله بنكيران يفوز بمنصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية    طنجة تحتضن اجتماع المجلس الإقليمي للاتحاد الاشتراكي استعدادًا للمؤتمر المقبل    الرئيس الفرنسي يشيد بإعطاء جلالة الملك انطلاقة أشغال إنجاز الخط السككي فائق السرعة القنيطرة- مراكش    25 قتيلا جراء انفجار بميناء إيراني    الحسين رحيمي يثير اهتمام أندية عربية مع اقتراب نهاية عقده مع الرجاء    وفد اقتصادي مغربي من جهة سوس يزور الأندلس غدا الاثنين لتعزيز الشراكة المغربية الإسبانية    أنشيلوتي : قدمنا كل شيء أمام برشلونة ولا لوم على اللاعبين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    المحمدية .. هذه حقيقة فيديو الهجوم على حافلة النقل الحضري    بعد ارتفاع حالات الإصابة به .. السل القادم عبر «حليب لعبار» وباقي المشتقات غير المبسترة يقلق الأطباء    البيجيدي يتجه نحو تصويت كاسح على بنكيران وانتخابه على رأس المصباح    ماراطون الرباط الدولي 2025.. فوز العداءين الأوغندي أبيل شيلانغات والمغربية رحمة الطاهيري بلقب الدورة الثامنة    الفدرالية البيمهنية لأنشطة الحبوب وتكامل الفلاح: شراكة استراتيجية من أجل تجميع رقمي يعزز الإنتاجية والربحية    استثمارات عقارية متزايدة لشقيقات الملك محمد السادس في فرنسا    إصابات متفاوتة لأعضاء فريق حسنية جرسيف للدراجات في حادثة سير    استطلاع.. معظم الإسرائيليين يريدون إنهاء حرب غزة    إسبانيا.. توقيف مغربيين حاولا تهريب 50 ألف يورو إلى جبل طارق    جريمة بن أحمد.. الأمن يوقف شخصا جديدا    فرنسا.. مقتل مصل طعنا داخل مسجد    الصين تخطو بثبات نحو الاستقلال التكنولوجي: تصنيع شرائح 3 نانومتر دون الاعتماد على معدات غربية    ماراطون الرباط الدولي: الأوغندي أبيل شيلانغات يتوج باللقب والمغربي عمر أيت شيتاشن بنصفه    الجزائر.. انهيار أرضي يودي بحياة عدة أشخاص    انفجار مرفأ في إيران يودي بعشرات القتلى    9 صحفيين يحصدون الجائزة الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    الرباط: تتويج التلاميذ الفائزين بالدورة السادسة لجائزة 'ألوان القدس'    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    هذا موعد والقنوات الناقلة لمباراة نهضة بركان وشباب قسنطينة    اليوم يتعرف "البيجيديون" على أمينهم العام الجديد وسط غياب بارز للرؤية السياسية المستقبلية    تونس تتحول في عهد قيس سعيد إلى ظل باهت لنموذج سلطوي مأزوم    الجزائر في مواجهة مرآة الحقيقة: أكاذيب الداخل والخارج    مشروع ورش الدار البيضاء البحري يرعب إسبانيا: المغرب يواصل رسم ملامح قوته الصناعية    تصاعد التوتر بين الهند وباكستان بعد قرار قطع المياه    كندا.. قتلى وجرحى إثر دهس سيارة لحشود في مهرجان بفانكوفر    "العدل" تستعدّ لإصدار نصّ تنظيمي بشأن تطبيق قانون العقوبات البديلة    "المرأة البامبارية" تُبرز قهر تندوف    المديني: روايتي الجديدة مجنونة .. فرانسيس بابا المُبادين في غزة    احتجاج أمام "أفانتي" في المحمدية    جلسة حوارية "ناعمة" تتصفح كتاب "الحرية النسائية" للمؤرخ بوتشيش    فوزي لقجع نائب أول لرئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم    الأمن يصيب جانحا بالرصاص بالسمارة    الدوري الماسي: البقالي يحل ثانيا في سباق 3000 متر موانع خلال ملتقى شيامن بالصين    المباراة الوطنية الخامسة عشر لجودة زيت الزيتون البكر الممتازة للموسم الفلاحي 2024/2025    الكلية متعددة التخصصات بالناظورتحتضن يوما دراسيا حول الذكاء الاصطناعي    أدوار جزيئات "المسلات" تبقى مجهولة في جسم الإنسان    تتويج 9 صحفيين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    جديد نصر مكري يكشف عن مرحلة إبداعية جديدة في مسيرته الفنية    جيدو المغرب ينال ميداليات بأبيدجان    البشر يواظبون على مضغ العلكة منذ قرابة 10 آلاف سنة    تتويج الفائزين في مباريات أحسن رؤوس الماشية ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب 2025    المرتبة 123 عالميا.. الرباط تتعثر في سباق المدن الذكية تحت وطأة أزمة السكن    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باستقامة شباب الأسر تستقيم المجتمعات (8)
نشر في ميثاق الرابطة يوم 11 - 11 - 2011

إذا كان من الحق أن الأسر تنقل كثيرا من شمائلها، وخصائص تراثها إلى أبنائها وبناتها، فتسمهم بالقوة والإبداع أو الضعف والجمود، فتزرع في ضمائرهم الطموح والعزة والاستقامة، أو العجز والخنوع والانحراف، فالقضية إذن مصيرية، قضية حياة أو موت، فإذا سمت بأفكارهم وعقولهم وخلدت ذكراهم في العالمين كانوا أعزة خالدين، وإذا خنقت طموحاتهم تضعضعوا، وأصبحنا في عداد العبيد المشردين، وهنا لا مفر من رقابة واعية دائمة تشرف، وتحبب إلى الناشئة لغة القرآن الكريم، إن شبابنا في حاجة إلى هذه الرقابة أكثر من حاجتها إلى الرقابات السياسية القاتمة.
وأنا مع الكثيرين أن القرآن الكريم هو الحد المثالي الذي يرضى كرباط بين الماضي والحاضر، وكم هو مؤلم حقا أن يصبح القرآن الكريم غريبا بين أبنائه، لا يقرأ إذا قرئ إلا للتعبد بتلاوته، وإن المتتبع لمسيرة الأبناء والبنات وبغض النظر عن الانحراف الديني، ليكون على جانب كبير من الإنصاف، هي تلك النفحات الإسلامية الواضحة بفزعهم إلى الله وهم يوشحون كتاباتهم وأحاديثهم بالبسملة، أو يستشهدون ببعض الآيات القرآنية، وقد يحضرون بعض القصائد في مناسبة المولد النبوي، وعيدي الفطر والأضحى مستخلصين من مدلولهما المعاني العميقة، ذات مضمون روحي تصوفي، الرسالة العظيمة التي ملكت ضمائر الشباب المسلم جعلته لا يبالي بدسائس أعداء القرآن الكريم والسنة الغراء وعواقبها، مؤمنا بالمستقبل الزاهر لشباب الإسلام، والإيمان بالذات، والثقة في المستقبل، لأن النهضة لا يمكن أن تسلم الا إذا أقيمت على دعائم الكتاب والسنة، تمضي الأيام وهو يؤدي واجبه في إصرار يفهم الآخرين معاني الحياة المطمئنة في رحاب الإسلام والحق يقال إنه شباب يرسم الطريق المستقيم لإقناع المجتمع المسلم أن يهب لتعويض الأمس الضائع، في انسياب يصور للأمة أبعادا وآفاقا في عالم ينتظر الجميع، زاخر بآلاء الحياة مساهم في حضارة بني الانسان.
وللشباب مطالب لا تتصل بكسب العيش، فما الكسب وحده بغاية الإنسان الواحدة الوحيدة، إن للإنسان غايات غير المسكن والملبس والمأكل، غايات تتصل بالقلب وغايات تتصل بالنفس والوجدان، وأخرى تتصل بالعقل تدرج دائما إلى الأمام، وللأرواح حاجات غير حاجات الأجسام، ومن ثم لدخول المعترك المجتمعي والإنساني، وأمتنا إذ تتحصن خلف شبابها بشخصيته المتميزة التي لا تعتدي ولا تقبل العدوان، والشباب لا يعيش في المطلق، بل في واقع لا يمكن الإفلات من قبضته، ووجوده في الميدان يضرب في وجود الأشياء والأفكار ويتفاعل مع كل ما يحيط به، والمشكلة في عصرنا أن المأساة التي نعاني منها هي قبل كل شيء هي مأساة أخلاقية، وكفى بذلك نذيرا، فجميع القيم الروحية أخذت تتأرجح كما تتأرجح الأسهم المالية في سوق البورصة، وأصبح إنسان اليوم يعتقد أنه يمكن شراء كل ما في الحياة بالمال، وهذا ما يفسر أن الإنسانية بمقدار تقهقرها في الأخلاق لم يعد أمامها إلا شباب الإسلام الذي له القدرة على إرساء سلوك ومعاملات الناس بقسطاس القيم الروحية المستقيم، والأيام تمر وعجلتها تلف معها، والشباب يخشى الانزواء ويحدوه حب الإقدام إلى الأمام، والنهوض بعمل مجيد، واستئناف عهد جديد، يسابق يقظة الحياة ونزعة التطور، في انطلاق وتحرر، ولا معنى لليأس حتى لا يلقى به في ركن منبوذ لأنه يعلم أنه أمل الأمة المرتجى، والمسهم في الإضافة إلى الحضارة الإنسانية، إن قدس الأقداس عند الإنسان الشباب والصحة والذكاء والموهبة والنبوغ وحب الخير، والشباب له القدرة على الحسم، واتخاذ القرار السريع، وبالتالي هو شخصيات مؤمنة بما تفعل مصممة على تنفيذ ما تريد، لا يجوز أن يكون من طبيعته التردد، ولا وقت لديه للعزلة والانكماش، فهو يسعى للتطوير والتنوير، والمحافظة على المصابيح التي تنير طريقه والإيمان الذي يرعى قيمه وتقاليده وعقائده وأفكاره.
والدين عند الشباب المؤمن هو سياج الأخلاق للارتقاء بالإنسانية ومنع الشرور وحين ينبع الخير من ضمير المؤمن يتجرد من كل نوازع الأنانية وحب المنفعة وغرائز الشر الكامن في النفس البشرية، والأخلاق عند المؤمن التزام أكثر منها أوامر ونواهي، له القدرة على التوفيق بينما هو أبدي وما هو متغير، ويستطيع أن ينقل ما يعتقد إلى الواقع المحسوس، من عالم الضمير إلى عالم المشاهدة، ولا يكمل بدونها إيمان ولا يستقيم بغيرها سلوك، والحقوق عنده واجبات وتكليف.
وللإسلام أجيال ضخمة هائلة من الشباب والكهول أيضا مؤمنة بعقيدته مبصرة لنظرته الكلية إلى الحياة والخلق والإنسان، مدركة لدورها في ترشيد حياتها وحياة الدنيا من حولها، وفي تعمير الكون واستعمال العقل لتحقيق هذا التغيير، الإسلام الحي الذي جسده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيرته وأقواله والذي تابعه فيه الصحابة رضوان الله عليهم من أمثال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والذي كان إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب في الحق أوجع، والذي كان الناسك حقا، أفلا يستحق الإسلام من هذه الدنيا أن تجلس مع المؤمنين به ويفكرون معا، ويبحثوا معا لتظلهم سماحة الإسلام ، وخصوبة حضارته.
والإنسان المسلم عليه أن يجزم بأن من مقتضيات الحياة ما وجد في هذا العالم إلا ليتزود منه وليعرج به إلى عالم أرفع، ويرتحل به إلى دار أوسع، وجناب أمرع، خشية أن يهبط به الغرور إلى مراتع الجهل ودنس الرذائل، والخيانة ليفتح أبواب الرشوة والملق الكلبي والخداع الثعلبي، وخير الشباب من يوقظ فينا الإدراك والفهم لصور الحياة، ويمضي بنا في طريق يمكن أن نسير فيه ونحن لا نعرف ما الذي يخفيه عنا، ويفتح أمامنا الأبواب الموصدة لنمر من خلالها مهما كانت المشاق، فبعض هذه الأبواب كثيرا ما تخفي وراءها أجمل وأروع ما يأمل الإنسان في تحقيقه.
والفهم الذي يرتفع بشبابنا إلى العالمية، أن يكون فهما إنسانيا يرتفع بالعقل والوجدان معا، فوق حواجز اللون واللسان والانتماء القومي ويرى في البشرية أمة واحدة يخاطبها بالوحي، وتحتاج في مسيرتها إلى هداية الحق، فهم يتوجه إلى الحاضر والمستقبل، ويرى عظمة الإسلام الحقيقية في انعتاقه من نسبية الزمان، وفي تجدد وتعدد لمواجهة عالم متحرك دائم التغير والتجدد، والطريق طويل، والعمل فيه يحتاج إلى تنسيق على الصعيد الإسلامي والعالمي ومبدؤه الشباب المسلم الذي لا أحد غيره يستطيع توجيه السفينة الإنسانية المتأرجحة، وقيادة بأخلاقيات الصالحين وحنكة توجيهات حكمة أنوار، وصلابة المثابرين، لتنبض من جديد بالمعاني الإنسانية، كي تتحول الآمال من حلم متخيل إلى واقع معاش، ومستضيء برؤية واضحة هادفة في عمل مسؤول يشد بعضه إلى بعض، وبتحرك جاد يطرق الأبواب بلا كلل، وبدوافع خيرة أساسها الإيمان المطلق بحتمية التفاعل الأفضل وصدق الله العظيم إذ يقول: "فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه" [الزمر، 17-18].
ولقاؤنا إن شاء الله في الأعداد المقبلة حول الطفولة والهدر المدرسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.