حين أذن الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصدع بمقتضى الرسالة، صعد عليه الصلاة والسلام إلى الصفا باعتبارها مرتفعا كان معهودا عند قريش، يرى ويسمع صاعده، ومن الصَّفا اندهق اللسان الشريف بالصَّفا. وحين أذن الله بالأذان أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه بأن يصعد على مرتفع حيث يكون صوته أنفذ، ونداؤه أبلغ ثم تفتق العبقر الإسلامي عن أشكال مختلفة في تناغم تام مع السياقات والأعراف الحضارية والثقافية لكي ترمز هذه المآذن إلى الرفعة والتوحيد في آن، أليست هذه المآذن تشبه السبابات المرتفعة بشهادة التوحيد نحو السماء. يبدو أن اليمين الهلفيتي أصر على الجواب بلا عن هذا التساؤل الجمالي وألح على المماهاة بين هذه المآذن والصواريخ وأمعن في الإيماء عن طريق الصور الاجتيالية Images subliminales لأن الإسلام دمار والمآذن وسلية في ذلك .. ورغم كل ذلك، ورغم تقصير المسلمين والمسلمات في سويسرا في مجاراة ومواكبة هذا الجهد التضليلي بجهد هِدائي يقابله؛ فإن 43% من الشعب السويسري قد صوتت لصالح بناء المآذن مما يشكل خميرة طيبة تمكن تزكيتها بتصويب نظرة سائر الشعب السويسري إلى الإسلام فهؤلاء تقريبا نصف الشعب السويسري لم يستطع اليمين المتطرف أن ينكث في عقولهم ولا في وجداناتهم النظرة السوداوية للإسلام دون كبير جهد يذكر وكما سلف من لدن إخواننا وأخواتنا المسلمين في سويسرا، البلد الديمقراطي والذي من ديمقراطيته استدرج إلى اتخاذ هذا الموقف. لا يفصل، إذن، بين الشعب السويسري ومعانقة الصواب إلا كشف عدم سلامة الوسائل الدعائية التي استعملت في حملة اليمين ضد المآذن وتوظيف وسائل في الذكاء نفسه والبلاغ ذاته، ولكن بالصفاء لتبليغ الصفاء. الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء