والمرأة عليها عبء أكبر، لأنها حتى وإن كانت تعمل خارج منزلها فهي تعود إلى بيتها وتربي أجيالا وتعيش حياتها مع شريك عمرها، فهي الزوجة الصالحة وهي الأم المعلمة، وهي في كل ذلك يجب أن تقدم القدوة الحسنة الطبية في سلوكها، وأن تعمل على تقويم ما تراه خطأ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"[1] لم يخص الرجال دون النساء بتغيير المنكر، ولكن طالب الجميع بذلك، ولعل المرأة تضطلع في هذا الصدد بدور مميز بحكم مسؤوليتها كأم وزوجة بل وتتحمل مسؤولية أي تقصير عن القيام بهذا الواجب المقدس فهذا التقاعس عند وقوعه يعني عدم الامتثال لأوامر الله تبارك وتعالى وهذا ينذر بغضب من الله وبسوء العاقبة يؤكد ذلك قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" [البقرة، 158-159]. وهذه المسؤولية التي تتحملها المرأة في هذا المجال تلقي على كاهلها ضرورة التبصر بأمور دينها والتفقه فيه والبحث والمعرفة في ذلك، فعليها أن تسعى إلى معرفة هذا الدين وأصوله وأحكامه بقدر ما تسمح بذلك قدراتها وإمكاناتها حتى لا تقع فيما تحمد عقباه من أن تتصدى لقول الباطل بحسن نية؛ فإن وقوع ذلك يعني أنها ستظل عن غير معرفة من تربيتهم، وتعلمهم بدلا من أن تهديهم سواء السبيل؛ أي أن المطلوب من المرأة أن تكون نموذجا طيبا في عملها وبيتها، وأن تدعو إلى دين الله في حدود معرفتها على أن تسعى لتوسيع وتعميق دائرة معارفها بكل السبل الممكنة تحقيقا لقوله تعالى: "إقرأ" وقول رسوله الكريم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"[2]. يتبع في العدد المقبل… —————————- 1. رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخذري. 2. أخرجه ابن ماجه في "سننه" بسنده عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه.