إن الإسلام يعتبر العلم بشتى أنواعه، طريقا أساسيا لمعرفة الله تعالى وخشيته: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" [فاطر، 28]، وضرورة لمعرفة النفس الإنسانية التي فيها نعيش: "اِن خلق السموات والاَرض ءَلايات لأولي الاَلباب" [اَل عمران، 190] وهذه المناحي الثلاثة ضرورية للحياة الفعالة السعيدة؛ وبما أن الهدف الأسمى للتربية والتعليم هو التهيئة لحياة فعالة سعيدة فالالتقاء بينها وبين فكرة الإسلام التقاء أصيل يمكن من خلاله النظر إلى عملية التعلم والتعليم في الإسلام كصورة من صور العبادة. قال صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة" رواه الإمام مسلم، وأصحاب السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقوله صلى الله عليه وسلم كذلك: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع...". قال الله عز وجل: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" [الزمر، 9]. وبذلك من يطلب علما فإنما هو في حالة عبادة، ومن يرد أن يتعبد على بصيرة يطلب المزيد من العلم، وهكذا يجد نفسه في وسط العملية التربوية، ومن ثم فلا انفصال بين العلم والعبادة في فكرة الإسلام أصلا، ولا تحتاج إلى عملية فصل اصطناعي بينهما فتضيع القدرة الكامنة في الإسلام التي تزيد من تشوق الأفراد الأصيل للعلم وطلبه. علما بأن التشويق حالة نفسية هامة يجب أن تبدأ بها كل عملية أو تعليم، وبدونها تقل فعالية عملية التعلم والتعليم إلى حد كبير. فالتراث الفكري لأمتنا الإسلامية في سائر مجتمعاتها إنما انبثق، وتم عن طريق فكرة الإسلام وعلماء الأمة الإسلامية كما أمن غايات أية مؤسسة تعليمية في أي قطر من الأقطار حسب أحدث النظريات التربوية يجب أن تعد جيلا متصلا بأجيال مجتمعه السابقة طامحا إلى المستقبل فلا مناص إذن من تربية أجيال أمتنا على أسس متينة من تراثنا العربي والإسلامي الذي يضمن لنا تميز شخصيتنا بين الأمم، وبذلك يتم الانسجام بين فلسفة الحياة في مجتمعاتنا وبين سياسة التربية والتعليم فيها. وهكذا يجب أن ننتبه إلى كل فكرة جديدة لنزنها بميزان قيمنا نرفضها أو نقبلها أو نهذبها بحيث تتلاءم مع حاجتنا ومجتمعنا. "والحكمة ضالة المؤمن أن وجدها فهو أحق الناس بها" والإسلام لم يقف في سبيل الاستفادة من آية فكرة نافعة أو علم مفيد مهما كان مصدره أو صاحبه. كما أن العلم يبتغيه الإنسان بقصد التفقه في الدين وإصلاح بيئته التي يعيش فيها ويبتغي به وجه الله عز وجل. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تعلم علما مما يبتغي به وجد الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" يعني ريحها..