الإسلام دين قائم على العلم، بل على الرسوخ فيه، والعلم نوعان: علم دنيوي وعلم ديني، ولكل واحد منهما منهجه وأركانه وأدلته، وكونهما نوعان لا يدل على أنهما خصمان، بل هما درجتين في الصعود المعرفي والعلمي، الأولى ممهدة للثانية، والثانية مكرمة للأولى، فالعلم الدنيوي يهدي للعلم الديني، والرسوخ في العلم يهدي إلى الإيمان[1]. فالعلم الدنيوي علم بحث ومشاهدة بالحواس والعقل والتجربة والمختبر والاستقراء والاستقصاء، أي بحث في كل ما هو مدرك بالحواس أولاً ومدرك بالعقل ثانياً، وما هو مدرك بالحواس ومدرك بالعقل يجيب عن أسئلة مادية عن الأشياء مثل ما هو؟ وكيف يعمل؟ أي في اكتشاف الأشياء، واكتشاف قوانين عملها، وهو ما يدفع الباحث للسؤال عن خالق الأشياء، من هو؟ وكيف ينتفع الإنسان بالأشياء التي خلقها الله تعالى. هذه الأسئلة ليست بسيطة في التأسيس المعرفي الصحيح والانتفاع به من الناس، بما يكفل تحقيق أهداف العلم ومقاصد الشرع والعقل معاً، فالمعرفة مفتاح الحياة العلمية السعيدة دنيوياً، ولكنها سعادة غير كاملة حتى تستنير بنور الله تعالى، وبنور الكتاب المنزل شفاء لما في الصدور، وحتى لا يتحول العلم أداة هدم للإنسان، ولا هدر لطاقاته المعرفية، ولا انتهاك لحقوقه، ولا تدمير لممتلكاته ولا هتك لكرامته، ولا قتل للناس جميعاً.. ————————————————————– 1. انظر: الإيمان والحياة، الدكتور يوسف القرضاوي، مصدر سابق، ص: 333.