وقد ركزنا تنظيراتنا على لهجتي المغرب والأندلس لنلمس من خلال هذه المقارنات كيف أن لهجة المغرب كانت أقرب إلى الفصحى منذ القرن الرابع الهجري، وكانت مصدر بحثنا كتاب "لحن العوام" للعلامة اللغوي الكبير أبي بكر محمد بن حسن ابن مذحج الزبيدي (316ه-379ه) وقد صدر هذا الكتاب (عام ) 1964 في سلسلة كتب "لحن العامة" بإشراف الدكتور رمضان عبد التواب أستاذ الآدب بجامعة عين شمس. والزبيدي هذا اشبيلي أندلسي أصله من حمص الشام وهو من تلاميذ أبي علي القالي البغدادي في اللغة والشعر روى عنه كثيرا في كتابه "لحن العوام" ومن تلاميذ الزبيدي إسماعيل بن سيده والد علي بن سيده المشهور صاحب "المخصص" وقد وصف الزبيدي في كل من "طبقات ابن شبهة"(2/37) والوافي بالوفيات (3/251) بأنه "شيخ اللغة والعربية بالأندلس" كما لقبه الفاتح بن خاقان بإمام اللغة والإعراب وابن خلكان ب "أوحد عصره في علم النحو وحفظ اللغة" وهو أيضا في نظر التعالبي "أحفظ أهل زمانه للإعراب والفقه واللغة والمعاني والنوادر" ولقد لخص المقري هذه الأنظار كلها بقوله: "وهو في المغرب بمنزلة إبن دريد في المشرق" وقد كتب الكثير في أخطاء العوام والخواص ونجتزئ الآن بذكر أربعة كتب مخطوطة في دار الكتب المصرية منها: 1. درة الغواص في أوهام الخواص للقاسم بن علي الحريري (516ه) مع تكملتها لأبي منصور الجواليقي (540ه). 2. رسالة في أغلاط العوام للسيوطي (911ه) مرتبة على حروف المعجم (بغية الوعاة). 3. التنبيه على غلط الجهال والنبيه لابن كمال باشا أحمد بن سليمان (940ه) (معجم رقم: 348 لغة). 4. تقويم العربي وصدر كاملا بإشراف المجمع العلمي العربي ببغداد كما سبقنا أن نشرنا في اللسان العربي (العدد الثاني) دراسة حول العامية في المغرب والأندلس استعرضنا المصنفات المغربية في هذا المجال كإنشاد الضوال وإرشاد السؤال" ويتضح من مائة مثال أوردها الزبيدي في كتابه بالنسبة للقرن الرابع الذي هو العصر الفني في حقب تطور اللغة العربية أن الكثير من ألفاظ العامية المغربية أقرب إلى اللسان الفصيح بنية وشكلا من الدرجة الأندلسية. وهاكم هذه الأمثلة: 1. بزيم للحديدة التي تكون من طرف حزام السرج أو المنطقة ..والصواب إبزيم؛ 2. دشيش.. والصواب جشيش؛ 3. يقولون للنبت الكثير الشوك المنبسط بالأرض خرشف.. والصواب حرشف؛ 4. يقولون لشجر يكون في الجبال عرعار والصواب عرعر.. عن كتاب اللغة العربية أم الساميات أو أصالة اللغة العربية لمؤلفه عبد العزيز بن عبد الله عضو أكاديمية المملكة المغربية والمجامع العربية (القاهرة، بغداد، دمشق، عمان والهند)، ص: 16-17 طبعة 2008م.