اليقظة الصومالية تفضح الآلة الدعائية الجزائرية حول قضية الصحراء المغربية    الصيد المستدام والبنية الصناعية يقودان المغرب لزعامة سوق السردين العالمي    اعتقالات في بنين بعد محاولة انقلاب    المنتخب السعودي يتوعد المغرب في قمة نارية بكأس العرب    مصرع شخص جراء حادثة تصادم بين شاحنة وسيارة بضواحي تطوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مسيرة حاشدة في طنجة تنديدا بالعدوان الإسرائيلي وتضامنا مع غزة    من قلب درعة تافيلالت.. أخنوش يعلن انطلاقة تحول فلاحي كبير يعيد رسم خريطة الإنتاج بالجهة    طارق السكتيوي: نسعى للفوز أمام المنتخب السعودي وحجز تذكرة العبور للربع في الصدارة    "لا نخشى أحدا".. مفيد يبعث رسالة ثقة قبل مواجهة السعودية الحاسمة في كأس العرب    أزمة المجلس الوطني للصحافة: من أجل تحويل التحدي إلى فرصة    السودان.. هجوم لقوات الدعم السريع بمسيّرة يخلف عشرات القتلى بينهم أطفال بجنوب كردفان    عودة إلى سيرك العبث ومسرحية الأهداف المفضوحة    أزيمّارْت        رونالدو نازاريو: المغرب يلعب "كرة القدم بأسلوب مذهل" خلال السنوات الأخيرة    رسوم مفاجئة تشعل غضب موظفين مرشحين لولوج سلك الدكتوراة بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان    أكادير تستعد ل"كان 2025″ بحزمة إجراءات لرفع جودة خدمات سيارات الأجرة    دماغ العدو !!!    المنتخب المغربي للفوتسال يعزز تركيبته بابن بني بوعياش رشيد أفلاح    إبراهيم أوشلح يستعيد في سيرته الذاتية ذاكرة جيلٍ عاش تحولات المغرب من زمن الاستعمار إلى سنوات الرصاص    الغفولي يعيد تقديم "شويخ من أرض مكناس" بأسلوب الجلسة الخليجية    ارتفاع قياسي في حوادث الطائرات مع المسيرات في الأجواء الألمانية    "سي دي جي" تجهز 100 مليار درهم لضخها في مونديال 2030    الصحافة البرازيلية تعتبر مباراة المغرب والبرازيل في مونديال 2026 "قمة مبكرة"    الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقات التطبيع.. "جبهة دعم فلسطين" تعلن عن تنظيم يوم وطني احتجاجي    تجدد الاضطرابات الأمنية في نيجيريا بعد خطف 13 مزارعا    هايتي تعود إلى المونديال بعد 52 سنة    العلماء الأفارقة يشيدون بتوجيهات الملك    فيلم "سماء بلا أرض" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    مطاردة هوليودية تنتهي بحجز سيارة محمّلة بنصف طن من المخدرات بسيدي علال التازي    رد مكتب حقوق المؤلف على مغالطات نشرتها بعض المواقع الإلكترونية    عناصر الدرك بمراكش تطيح بمتورطين في سرقة سائحتين وتخريب سيارات بتسلطانت    المخرجة آن ماري جاسر: فيلم "فلسطين 36" يقدم أرشيفًا حيًا لمرحلة مفصلية في التاريخ    هرو برو: العناية البالغة للحكومة أنعشت جهة درعة تافيلالت ب17 مليار درهم من المشاريع    الأسود يدخلون المونديال بخيبة 1998 وفخر 2022 وطموح 2026    بكين وموسكو تجريان مناورات عسكرية مشتركة مضادة للصواريخ على الأراضي الروسية    14 قتيلا في انقلاب حافلة بالجزائر    عودة مهرجان مواهب الدار البيضاء في دورته الثانية... فضاء يفتح الأبواب أمام الطاقات الشابة    حملة لتحرير الملك العمومي داخل ''مارشي للازهرة'' تقودها الملحقة الإدارية الخامسة    تجديد مكتب هيئة المهندسين التجمعيين بالجديدة وانتخاب قيادة جديدة للمرحلة المقبلة    النجمة الذهبية تزين "سماء بلا أرض" في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    توقيع ثلاث اتفاقيات لتطوير البنيات التحتية اللوجستية والتجارية بجهة الداخلة–وادي الذهب    جمعيات حماية المستهلك تثمن تحرك مجلس المنافسة ضد التلاعب بالأعلاف        أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    المكتب الشريف للفوسفاط يستثمر 13 مليار دولار في برنامجه الطاقي الأخضر ويفتتح مزرعته الشمسية بخريبكة    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدى كتاب البارع في الأندلس لأبي علي القالي
نشر في تطوان نيوز يوم 30 - 01 - 2013

يعتبر "البارع" في اللغة أول معجم ظهر في بلاد الأندلس إبان القرن الرابع الهجري على يد مؤلفه أبي علي إسماعيل بن القاسم بن عيذون ابن هارون القالي البغدادي؛ وترجع أهميته الأولى إلى أنه أول معجم عربي عرفته الأندلس وكأنما قدر لتلك الربوع الأندلسية أن تنتظر إلى ذلك الحين حتى يفد عليها لغوي كبير من المشرق ويضع لها هذا المعجم الرائد. ومما يؤسف له أن حظ هذا المعجم لم يكن بأفضل من حظ معجم العين للخليل بن أحمد، فكلاهما عبثت به الأيام فلم يصل إلينا كاملا، وإن ما هو موجود لا يتعدى قطعا غير متصلة المادة وهي تشكل في واقع الأمر مخطوطا نادرا من مقتنيات المتحف البريطاني بلندن وآخر في دار الكتب الوطنية بباريس.
ومن سوء حظ هذا المعجم كذلك أن الأيام لم تحفظ له مقدمته، فقد وصلت إلينا قطعتان مصورتان تحت رقم 826، 831، وهاتان القطعتان موجودتان في قسم المخطوطات بدار الكتب المصرية، أما القطعة الأولى فقد كتبت بخط أندلسي ويرجع تاريخها إلى زمن يتأخر عن عهد المؤلف بحوالي قرن من الزمان، والثانية ترجع إلى نفس الزمن الذي كتبت فيه الأولى وقد نشرت مصورة في كتاب المستشرق فولتون في لندن سنة 1933، وقد قام الدكتور الطعان بتحقيق القطعتين كرسالة.
وقد أشار الدكتور الودغيري في دراسته عن القالي إلى أن هناك افتراضين حول تأليف هذا الكتاب:
الأول أنه ألف لسد فراغ في المكتبة المعجمية بالأندلس؛ لاسيما أن الأندلس في هذه الفترة كانت تعيش مرحلة تأجج فكري وتبحث عن شخصية لها تستقل بها عن الشرق أو تضاهيه، فكان البارع أول معجم يسد هذا الفراغ الهائل.
الثاني أن الخليفة الناصر أمر القالي بهذا التأليف وقد احتفظ القفطي بنص يرويه ولد القالي: « وشوهد بخط ولده ما مثاله: ابتدأ أبي رحمه الله بعمل كتاب البارع في رجب
سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، ثم قطعته علل وأشغال، ثم عاود النظر فيه بأمر أمير المؤمنين وتأكيده عليه، فعمل فيه من سنة تسع وأربعين وثلاثمائة فأخذه بجد واجتهاد وكمل له، وابتدأ بنقله، فكمل لنفسه إلى شوال سنة خمس وخمسين وثلاثمائة كتاب الهمز وكتاب الهاء، وكتاب العين، ثم اعتل في هذا الشهر».
وهكذا اندفع أبو علي يحدوه التشجيع وتدفعه الرغبة، حتى أخرج بارعه الذي قال فيه الناس أنه زاد على كتاب الخليل نيفا وأربع مائة ورقة مما وقع في العين مهملا، فأملاه مستعملا، ومما قلل فيه الخليل فأملى فيه زيادة كثيرة، ومما جاء دون شاهد فأملى الشواهد فيه. وتُلُقّف حينئذ بالإعجاب والإكبار حتى قال الزبيدي: « ولا نعلم أحدا من المتقدمين والمتأخرين ألف نظيره في الإحاطة والاستيعاب ».
وكان منتظرا أن يسير القالي على منهج أستاذه أبي بكر بن دريد رائد مدرسة التقليبات الهجائية في جمع اللغة، لكنه آثر العودة إلى طريقة الخليل، مُدخِلا عليها تغييرات كثيرة، وبذلك لم يؤسس معجمه على ترتيب الخليل لمخارج الحروف بل على ترتيب سيبويه مع خلاف يسير بينهما.
وقد كان التأليف المعجمي في القرن الثالث قد استوى على يد أبي بكر بن دريد على طريقة أسهل من طريقة الخليل في ترتيب الحروف في كتاب العين. ولما كانت الجمهرة في اللغة قد انتشرت بين الناس فتعددت نسخها، وأخذها القالي رواية من أستاذه ابن دريد فكان الظن أن أحدا لن يعود ليرتقي المراقي الصعبة التي صعدها الفراهيدي؛ بيد أن القالي آثر تلك الصعوبات وعاد إلى القرن الثاني ليقتبس من الخليل رغم احتكاكه الشديد بشيخه ابن دريد وتأثره به في أماليه وباقي كتبه الأخرى.
وكتابه هذا يأخذ من العين طريقته القائمة على الأركان الثلاثة وهي: الترتيب الصوتي نظام التقاليب نظام الأبنية.
وبمقارنة منهج الخليل والقالي في ترتيب الحروف يظهر لنا مواطن الاتفاق والاختلاف، فترتيب الخليل هو: ع، ح، ه،خ،غ/ق، ك/ ج، ش ، ض/ ص ، س ، ز/ ط، د، ت، ظ، ذ، ث/ ل، ن، ر/ف، ب، م/ و، ا، ى.
وترتيب القالي هو: ء، ه، ع،ح، خ، غ/ ك، ق/ ل، ر، ن/ ط، د، ت/ ص، ز، س/ ظ، ذ ، ث/ف، ب، م/ و، ا،ى.
وبالرغم من اختلافه مع الخليل في الترتيب للحروف، إلا أنه وافقه في جعل كل حرف من هذه الحروف كتابا مع التزام الترتيب السابق للحروف، وقد سار في منهجه على النحو التالي:
1) إنتاجه نظام التقليبات والأبجدية الصوتية في جمعه للمواد، فقد جمع الألفاظ حسب مخارجها مبتدئا بالحروف الحلقية ثم اللسانية ثم الشفوية.
2) تفريقه بين الأبنية المختلفة التي جعلها الخليل في باب واحد، فجعل لكل منهما بابا مستقلا وذلك في محاولة منه لإصلاح الخلل والاضطراب الذي أصاب الخليل.
3) الأمانة العلمية في نقله عن السابقين، فعندما يشرح لفظة ويأتي في شرحها بأقوال علماء اللغة فإنه يهتم بنسبة كل قول إلى صاحبه.
4) عنايته بالضبط خوفا من التصحيف والتحريف واللحن، وقد انتهج في ذلك طريقين: أحدهما ضبط الكلمة ضبط قلم المعروف بالشكل، وثانيهما ضبط الكلمة بالمثال ومثال ذلك قوله:« قال الأصمعي كنا على جِدة النهر بكسر الجيم وتشديد الدال، وقوله أيضا زج وزججه وزجاج على مثال فعل وفعله بكسر الفاء وفتح العين وفعال بكسر الفاء.
5) عنايته بالشواهد الشعرية غير مكتف بإيراد شاهد واحد لتأكيد المعنى الذي هو بصدده.
6) عنايته بالأوشاب والحواشي وقد انفرد به القالي فلم يسبقه إليه أحد، وقد ذكر فيه أسماء الأصوات ومحاكاة الطيور والحيوانات متبعا في الترتيب الفرعي لهذا القسم أن يذكر الكلمات تحت عناوين الثنائي والثلاثي والرباعي.
7) عنايته باللهجات العربية ولهذه العناية أثنى عليه تلميذه الزبيدي لاهتمامه في معجمه بهذه الظاهرة فقال: إنه قاموس واسع قد شمل اللغات كلها.
8) عنايته بالترجيح بين اللهجات العربية ونقد الآراء الضعيفة، فيقف مرجحا في قوله: يقال وهجت توهج بكسر الهاء في الماضي وفتحها في المستقبل وهي وهجة والعالي من كلامهم توهجت، ثم يقف ناقدا في قوله: قال الخليل تقول العجهوم طير الماء، كان منقاره جلم قال أبو علي ولا أدري صحته.
فهذه هي الأسس التي بنى عليها القالي معجمه البارع في اللغة.
المراجع المعتمدة:
أبو علي القالي وأثره في الدراسات اللغوية والأدبية بالأندلس، تأليف عبد العلي الودغيري.1403ه 1983م. جائزة المغرب في الآداب لسنة 1977.
إنباه الرواة على أنباه النحاة، تاليف الوزير جمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ج1، المكتبة العصرية/صيدا بيروت.
طبقات النحويين واللغويين، ابو بكر محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط2، دار المعارف/مصر.
المعاجم العربية المجنسة، محمد عبد الحفيظ العريان، الناشر دار المسلم 1404ه/1984 م.
إعداد الباحثة: هاجر الفتوح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.