ملعب مولاي الحسن يحتضن النهائي الكبير للملحق الإفريقي المؤهل لتصفيات مونديال 2026    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    النسخة الثانية من الندوة الدولية المنعقدة بوجدة تصدر اعلانها حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    خبير يدعو لمراجعة جذرية للنموذج الفلاحي ويحذر من استمرار "التذبذب المناخي" في المغرب    تأجيل اجتماع بوتين وترامب ببودابست    بريطانيا تتجه إلى تشديد سياسات اللجوء سعياً لخفض الهجرة غير النظامية    وفاة شخصين على الأقل إثر عاصفة قوية بكاليفورنيا    "الجمعية" تسجل العودة المكثفة للقمع والاعتقالات وتؤكد التراجع في حريات التعبير والتظاهر    مونديال الناشئين: المنتخب المغربي يخوض حصته التدريبية ما قبل الأخيرة تأهبا لمواجهة مالي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض 20 فيلماً قصيراً في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة    نقابة تشكو الإقصاء من منتدى جهوي    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    تفكيك شبكة دولية لقرصنة تطبيقات المراهنة.. الامن يوقف خمسة اجانب بمراكش    حكم قضائي يقضي بإفراغ محلات بالمحطة الطرقية "أولاد زيان"    دراسة علمية تؤكد أن الشيخوخة تمنح الجسم حماية من الأصابة بالأورام السرطانية    إدراج ملف جمهورية القبائل في الأمم المتحدة يزلزل أركان الجزائر    ماكرون يعلن إطلاق سراح الفرنسي كاميلو كاسترو الموقوف في فنزويلا منذ أشهر    أمينة الدحاوي تمنح المغرب ذهبية في التايكواندو ضمن ألعاب التضامن الإسلامي    طقس الأحد.. أجواء غائمة مع نزول أمطار بعدد من مناطق المملكة    "تلوثٌ في منطقة الفوسفاط يفوق الحدود المسموح بها".. دراسة تكشف ما يحدث في تربة آسفي الصناعية    سفير أنغولا: تكريم الملك الراحل الحسن الثاني يعكس عمق الصداقة التاريخية بين المغرب وأنغولا    من الاستثمار إلى التحالف: زيارة سفيرة كينيا على رأس وفد هام إلى العيون تفتح فصلًا جديدًا في العلاقات الثنائية    الاتحاد البرتغالي يستأنف طرد رونالدو    لبنان سيقدم شكوى ضد إسرائيل لبنائها جدارا على حدوده الجنوبية تجاوز "الخط الأزرق"    مديرية الأمن الخارجي بفرنسا تشيد بتعاون المغرب في مجال مكافحة الإرهاب    عمر هلال: الدبلوماسية المغربية، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك، ترتكز على فلسفة العمل والفعل الملموس    هل تمت تصفية قائد الدعم السريع في السودان فعلا؟    حموشي يقرر ترقية استثنائية لمفتش شرطة بآسفي تعرّض لاعتداء عنيف    الذكاء الاصطناعي يراقب صناديق القمامة في ألمانيا لضبط المخالفين    إيران تدعو إلى الأخوة والسلام بالمنطقة    سيدات الجيش الملكي يواجهن مازيمبي الكونغولي في نصف نهائي أبطال إفريقيا    بلباو تُهدي فلسطين أمسية تاريخية.. مدرجات تهتف والقلب ينبض    أكاديمية محمد السادس، قاطرة النهضة الكروية المغربية (صحيفة إسبانية)    حكيمي يطمئن المغاربة بصور جديدة    أكنول: افتتاح الدورة التاسعة لمهرجان اللوز    اليونان تفوز على اسكتلندا في تصفيات كأس العالم    ابن الحسيمة نوفل أحيدار يناقش أطروحته حول تثمين النباتات العطرية والطبية بالريف    الناظور .. افتتاح فعاليات الدورة 14 للمهرجان الدولي لسنيما الذاكرة    أمين نقطى: زيارة أخنوش لمديونة سنة 2021 آتت أكلها بتنفيذ عدة مشاريع لفائدة الساكنة    في ظرف ثلاثة أشهر .. أنترنت الجيل الخامس (5G) يغطي 60 مدينة بالمغرب    المغرب... دولة الفعل لا الخطاب    رياض السلطان يقدم مسرحية الهامش وموسيقى لؤلؤة البحيرات العاجية ولقاء فكري حول ذاكرة المثقف    عامل العرائش و السلة الفارغة: كيف أنهى الأسطورة و تحققت نبوءة الانهيار!    ارتفاع سعر صرف الدرهم ب 0,2 في المائة مقابل الدولار الأمريكي ما بين 6 و12 نونبر 2025    تطور جديد في ملف "إنتي باغية واحد".. متابعة دي جي فان بتهمة تهديد سعد لمجرد    لحمداني ينال "جائزة العويس الثقافية"    وزارة الثقافة تعلن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل "فن زليج فاس وتطوان" على قائمة يونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    نواب "العدالة والتنمية" يطالبون بلجنة تقصّي حقائق في صفقات الدواء وسط اتهامات بتضارب المصالح بين الوزراء    "ترانسافيا" تطلق أربع رحلات أسبوعياً بين رين وبريست ومراكش على مدار السنة    إطلاق الموسم الفلاحي الجديد مع برنامج بقيمة 12.8 مليار درهم وتوزيع 1.5 مليون قنطار من البذور المختارة    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدى كتاب البارع في الأندلس لأبي علي القالي
نشر في تطوان نيوز يوم 30 - 01 - 2013

يعتبر "البارع" في اللغة أول معجم ظهر في بلاد الأندلس إبان القرن الرابع الهجري على يد مؤلفه أبي علي إسماعيل بن القاسم بن عيذون ابن هارون القالي البغدادي؛ وترجع أهميته الأولى إلى أنه أول معجم عربي عرفته الأندلس وكأنما قدر لتلك الربوع الأندلسية أن تنتظر إلى ذلك الحين حتى يفد عليها لغوي كبير من المشرق ويضع لها هذا المعجم الرائد. ومما يؤسف له أن حظ هذا المعجم لم يكن بأفضل من حظ معجم العين للخليل بن أحمد، فكلاهما عبثت به الأيام فلم يصل إلينا كاملا، وإن ما هو موجود لا يتعدى قطعا غير متصلة المادة وهي تشكل في واقع الأمر مخطوطا نادرا من مقتنيات المتحف البريطاني بلندن وآخر في دار الكتب الوطنية بباريس.
ومن سوء حظ هذا المعجم كذلك أن الأيام لم تحفظ له مقدمته، فقد وصلت إلينا قطعتان مصورتان تحت رقم 826، 831، وهاتان القطعتان موجودتان في قسم المخطوطات بدار الكتب المصرية، أما القطعة الأولى فقد كتبت بخط أندلسي ويرجع تاريخها إلى زمن يتأخر عن عهد المؤلف بحوالي قرن من الزمان، والثانية ترجع إلى نفس الزمن الذي كتبت فيه الأولى وقد نشرت مصورة في كتاب المستشرق فولتون في لندن سنة 1933، وقد قام الدكتور الطعان بتحقيق القطعتين كرسالة.
وقد أشار الدكتور الودغيري في دراسته عن القالي إلى أن هناك افتراضين حول تأليف هذا الكتاب:
الأول أنه ألف لسد فراغ في المكتبة المعجمية بالأندلس؛ لاسيما أن الأندلس في هذه الفترة كانت تعيش مرحلة تأجج فكري وتبحث عن شخصية لها تستقل بها عن الشرق أو تضاهيه، فكان البارع أول معجم يسد هذا الفراغ الهائل.
الثاني أن الخليفة الناصر أمر القالي بهذا التأليف وقد احتفظ القفطي بنص يرويه ولد القالي: « وشوهد بخط ولده ما مثاله: ابتدأ أبي رحمه الله بعمل كتاب البارع في رجب
سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، ثم قطعته علل وأشغال، ثم عاود النظر فيه بأمر أمير المؤمنين وتأكيده عليه، فعمل فيه من سنة تسع وأربعين وثلاثمائة فأخذه بجد واجتهاد وكمل له، وابتدأ بنقله، فكمل لنفسه إلى شوال سنة خمس وخمسين وثلاثمائة كتاب الهمز وكتاب الهاء، وكتاب العين، ثم اعتل في هذا الشهر».
وهكذا اندفع أبو علي يحدوه التشجيع وتدفعه الرغبة، حتى أخرج بارعه الذي قال فيه الناس أنه زاد على كتاب الخليل نيفا وأربع مائة ورقة مما وقع في العين مهملا، فأملاه مستعملا، ومما قلل فيه الخليل فأملى فيه زيادة كثيرة، ومما جاء دون شاهد فأملى الشواهد فيه. وتُلُقّف حينئذ بالإعجاب والإكبار حتى قال الزبيدي: « ولا نعلم أحدا من المتقدمين والمتأخرين ألف نظيره في الإحاطة والاستيعاب ».
وكان منتظرا أن يسير القالي على منهج أستاذه أبي بكر بن دريد رائد مدرسة التقليبات الهجائية في جمع اللغة، لكنه آثر العودة إلى طريقة الخليل، مُدخِلا عليها تغييرات كثيرة، وبذلك لم يؤسس معجمه على ترتيب الخليل لمخارج الحروف بل على ترتيب سيبويه مع خلاف يسير بينهما.
وقد كان التأليف المعجمي في القرن الثالث قد استوى على يد أبي بكر بن دريد على طريقة أسهل من طريقة الخليل في ترتيب الحروف في كتاب العين. ولما كانت الجمهرة في اللغة قد انتشرت بين الناس فتعددت نسخها، وأخذها القالي رواية من أستاذه ابن دريد فكان الظن أن أحدا لن يعود ليرتقي المراقي الصعبة التي صعدها الفراهيدي؛ بيد أن القالي آثر تلك الصعوبات وعاد إلى القرن الثاني ليقتبس من الخليل رغم احتكاكه الشديد بشيخه ابن دريد وتأثره به في أماليه وباقي كتبه الأخرى.
وكتابه هذا يأخذ من العين طريقته القائمة على الأركان الثلاثة وهي: الترتيب الصوتي نظام التقاليب نظام الأبنية.
وبمقارنة منهج الخليل والقالي في ترتيب الحروف يظهر لنا مواطن الاتفاق والاختلاف، فترتيب الخليل هو: ع، ح، ه،خ،غ/ق، ك/ ج، ش ، ض/ ص ، س ، ز/ ط، د، ت، ظ، ذ، ث/ ل، ن، ر/ف، ب، م/ و، ا، ى.
وترتيب القالي هو: ء، ه، ع،ح، خ، غ/ ك، ق/ ل، ر، ن/ ط، د، ت/ ص، ز، س/ ظ، ذ ، ث/ف، ب، م/ و، ا،ى.
وبالرغم من اختلافه مع الخليل في الترتيب للحروف، إلا أنه وافقه في جعل كل حرف من هذه الحروف كتابا مع التزام الترتيب السابق للحروف، وقد سار في منهجه على النحو التالي:
1) إنتاجه نظام التقليبات والأبجدية الصوتية في جمعه للمواد، فقد جمع الألفاظ حسب مخارجها مبتدئا بالحروف الحلقية ثم اللسانية ثم الشفوية.
2) تفريقه بين الأبنية المختلفة التي جعلها الخليل في باب واحد، فجعل لكل منهما بابا مستقلا وذلك في محاولة منه لإصلاح الخلل والاضطراب الذي أصاب الخليل.
3) الأمانة العلمية في نقله عن السابقين، فعندما يشرح لفظة ويأتي في شرحها بأقوال علماء اللغة فإنه يهتم بنسبة كل قول إلى صاحبه.
4) عنايته بالضبط خوفا من التصحيف والتحريف واللحن، وقد انتهج في ذلك طريقين: أحدهما ضبط الكلمة ضبط قلم المعروف بالشكل، وثانيهما ضبط الكلمة بالمثال ومثال ذلك قوله:« قال الأصمعي كنا على جِدة النهر بكسر الجيم وتشديد الدال، وقوله أيضا زج وزججه وزجاج على مثال فعل وفعله بكسر الفاء وفتح العين وفعال بكسر الفاء.
5) عنايته بالشواهد الشعرية غير مكتف بإيراد شاهد واحد لتأكيد المعنى الذي هو بصدده.
6) عنايته بالأوشاب والحواشي وقد انفرد به القالي فلم يسبقه إليه أحد، وقد ذكر فيه أسماء الأصوات ومحاكاة الطيور والحيوانات متبعا في الترتيب الفرعي لهذا القسم أن يذكر الكلمات تحت عناوين الثنائي والثلاثي والرباعي.
7) عنايته باللهجات العربية ولهذه العناية أثنى عليه تلميذه الزبيدي لاهتمامه في معجمه بهذه الظاهرة فقال: إنه قاموس واسع قد شمل اللغات كلها.
8) عنايته بالترجيح بين اللهجات العربية ونقد الآراء الضعيفة، فيقف مرجحا في قوله: يقال وهجت توهج بكسر الهاء في الماضي وفتحها في المستقبل وهي وهجة والعالي من كلامهم توهجت، ثم يقف ناقدا في قوله: قال الخليل تقول العجهوم طير الماء، كان منقاره جلم قال أبو علي ولا أدري صحته.
فهذه هي الأسس التي بنى عليها القالي معجمه البارع في اللغة.
المراجع المعتمدة:
أبو علي القالي وأثره في الدراسات اللغوية والأدبية بالأندلس، تأليف عبد العلي الودغيري.1403ه 1983م. جائزة المغرب في الآداب لسنة 1977.
إنباه الرواة على أنباه النحاة، تاليف الوزير جمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ج1، المكتبة العصرية/صيدا بيروت.
طبقات النحويين واللغويين، ابو بكر محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط2، دار المعارف/مصر.
المعاجم العربية المجنسة، محمد عبد الحفيظ العريان، الناشر دار المسلم 1404ه/1984 م.
إعداد الباحثة: هاجر الفتوح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.