المسائية العربية بعض القياديين يتواضعون، فينزلون مشيا على الاقدام في فاتح ماي جنبا إلى جنب العامل المقهور، بعد أن ركنوا سياراتهم الفخمة، واستبدلوا بدلاتهم الانيقة بزي رياضي وقبعة، وحرصوا على ان يتقدموا الصفوف، ويبتسموا لعدسات المصورين الصحفيين، ويبدون استعدادهم للادلاء بالتصريح الصحفي الذي حفظوه ظهرا عن قلب. "نحن نقول لهم، كفى من هضم حقوق العمال، ومصادرة الحق في الإضراب، وتجميد الأجور، نحن نقول لهم:" الويل ثم الويل لمن اعتقد ان النقابات العمالية ستبقى ساكتة عن هذه المهزلة، سنعلن الاضراب تلو الاضراب، والمسيرة تلو الأخرى، وسنصرخ بأعلى أصواتنا: " يا رئيس الحكومة يا جبان..العامل لا يهان" وقد نرفع السقف فنطالب برحيل الحكومة ورحيل بنكيران ، دون ان نحدد الجهة التي ستستقبل هؤلاء عندما يرحلون، ومن أعددناهم ليحتلوا أمكنتهم ، وأخضعناهم للتكوين والتأطير، حتى لا يرتكبوا الاخطاء ذاتها، أو أكثر منها فداحة. في كل فاتح ماي، تكرر الشغيلة العاملة نفسها، فتخرج لتعيد المطالب ذاتها التي سبق للاجيال السابقة ان ناضلت من أجل تحقيقها، بل من المطالب ما كانت سببا في حرمان عمال من أجورهم وحقوقهم، ومنها من كان سببا في اعتقالهم وتشريد أسرهم، ومع ذلك فهي لم تتحقق على ارض الواقع، ولم تنذثر من ذاكرة الشعارات التي ترفع في فاتح ماي، ولم تكن لذى النقابات المهنية القدرة على تنزيلها أو غط الطرف عنها.والأنكى من ذلك، أن بعض النقابات العمالية أضحت تتخذ من فاتح ماي مناسبة لاستعراض العضلات، والتفاخر بأعداد المنخرطين والمنخرطات مكرسة سياسة الكم وليس الكيف بوضع "فتحة على حرف الكاف وسكون حي على الياء" ،ونظرا للتراجع المهول في المنتسبين للنقابات العمالية، فقد لجأ بعضها لإشراك الطلبة، وجمعيات المجتمع المدني التي لا علاقة لأهدافها المسطرة من قريب او بعيد بالقطاع العمالي وبمشاكل الشغل والشغالين. ومنها من جمع المنخرطين من كل الفروع على المستوى الوطني ووفر وسائل النقل، وأغرى كل من استهواه السفر إلى الرباط أو الدارالبيضاء عبر حافلة مكيفة وبالمجان، وقد غادرت 42 حافة مدينة مراكش تحت إشراف زعيم نقابي وسياسي في الصباح الباكر لفاتح ماي 2014 في اتجاه مدينة الرباط في إطار مسيرة موحدة مركزية . يغادرنا فاتح ماي كما غادرت حافلات الزعيم مراكش، وسيأخذ معه مطالب الشغيلة وهمومها وسيحرص على صيانتها والاحتفاظ بها سالمة غير منقوصة ولا زائدة ، إلى موعد لاحق في نفس اليوم والساعة من العام القادم، وكل فاتح ماي وأنتم بألف خير