/ مراكش / عبد المجيد آيت أباعمر أثار حقوقيون بمراكش إشكالية غياب قانون تنظيمي لحق الإضراب في المغرب، بالرغم من مرور خمسين سنة من الإنتظار، حيث يعد دستور1962 أول من اعترف بهذا الحق، وأحال على القانون التنظيمي لبيان كيفية ممارسته. كما كرست الدساتير اللاحقة نفس الصيغة، ومنها دستور فاتح يوليوز2011... أثير هذا النقاش، في سياق أشغال اليوم الدراسي، الذي نظمته لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في موضوع الإضراب، يوم السبت2 مارس 2013، تحت شعار:" الحق في الإضراب، كيف نمارسه، وكيف نحميه ؟". وقد ورد في الورقة المؤطرة لهذا اللقاء، أن ممارسة الحق في الإضراب يعد من المكاسب التي تحققت بفضل نضالات الطبقة العاملة، والمثقفين، والقوى الديمقراطية، والمجتمع المدني، والجميع ملتزم على الأقل أدبيا وأخلاقيا بإخضاع ممارسة حق الإضراب لضوابط قانونية ومسطرية، وفي غيابها يتدخل القضاء الذي سيبقى له دور التحكيم في جميع الأحوال. لهذا اقترح الأستاذ ميلود لغدش في مداخلة بعنوان:" رقابة القضاء على مشروعية الإضراب"الإلتجاء إلى وسائل بديلة للإضراب من قبيل التحكيم أي الوساطة وفض النزاعات ، داعيا إلى عدم التعسف في استعمال حق الإضراب خاصة في القطاعات الحيوية ، وإبعاده عن أية مساومات سياسية. وفي عرض تحت عنوان:" الإضراب كحق مكتسب وأفقه المنظور"أكد الأستاذ عبد الله لفناتسة أن النقابات تلجأ للإضراب من باب أبغض الحلال، وأن هذا الحق اليوم مستهدف لخلفيات سياسية، لأن المتحكمين في الثروة غير مستعدين للتنازل عنها، وإلا كيف نفهم تهافت الباطرونا للإسراع بإصدارقانون الإضراب دون التفكير في تطبيق مدونة الشغل،لذا- يقول عبد الله لفناتسة – يجب أن يخضع قانون الإضراب لنقاش مجتمعي، ولا يبقى حكرا على وزارة التشغيل. وفي هذا الصدد قدم الأستاذ لفناتسة ملاحظاته حول المشروع الجديد لقانون الإضراب(مارس2011) مشيرا إلى استهدافه في الصميم لما هونقابي حيث يراد حصر مفهوم الإضراب في كونه حق جماعي، وفيما هو مهني صرف. بينما هوليس بالضرورة "توقف جماعي"بل حق للأفراد أيضا،وليس "من أجل مطالب مهنية"فقط ، وإنما يمكن أن تكون هناك إضرابات ضد السياسة الضريبية، أو ضد نهب المال العام، أو في مواجهة الحرب... أما الأستاذ عبد المجيد أبوغازي- من كلية الحقوق بمراكش- فقد تطرق في مداخلته إلى:" تنظيم الإضراب في القانون المقارن"من خلال مقارنة دساتير المغرب مع القوانين الفرنسية في اعترافها بهذا الحق، متسائلا: لماذا منحت الدولة حق الإضراب، ولم تصدر قانونا تنظيميا له منذ سنة 1962 ؟ وعزا ذلك إلى خلفية سياسية في العمق. وانتقد انتهاج الحكومة أسلوب الإقتطاع في ظل غياب سند قانون تنظيمي يبين الشروط والإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق الدستوري. وارتكز عرض أحمد أبادرين - محام وعضو سكرتارية لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان- حول:"أدبيات منظمة العمل الدولية والمواثيق الدولية في شأن ممارسة الإضراب"أما الأستاذ الهادي أبوبكر القاسم – محام بالدار البيضاء- فقد أفرد مداخلته للحديث عن:" السند القانوني لتطبيقات مبدأ الأجر مقابل العمل" . ولوحظ من خلال مجريات النقاش أن الإضراب في القطاع العام هو الذي يستأثر بالإهتمام أكثر منه في القطاع الخاص لإرتباط خدماته بالمرفق العام، ولإضفاء الصبغة السياسية عليه لمساندته من قوى المعارضة، ومال رأي آخر إلى عدم التفريق بين الإضراب في القطاعين الإقتصادي والإداري، بينما دعا آخر إلى تجاوز معضلة الموقع السياسي الذي أصبح يملي الموقف من الإضراب، حتى غدت الأغلبية لاتجرؤ على عرض مشروع القانون التنظيمي مخافة تأثير ذلك على شعبيتها الإنتخابية. وفي الأخير حيى الحضور مبادرة لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان وجرأتها في طرق هذا الموضوع، في غفلة من الهيئات النقابية والسياسية ، مؤكدين على ضرورة تحمل الجميع مسؤوليته من أجل اتخاذ القرار وسد الفراغ التشريعي لتحقيق أكبر قدر من التوازن في علاقة الشغل من خلال تحديد شروط وشكليات ممارسة حق الإضراب وحمايته ، بما يضمن حق الأجير المضرب ، وحرية العمل بالنسبة للأجير غير المضرب، ويحافظ على المصلحة العامة، وسلامة المؤسسات وممتلكاتها.