المسائية العربية / مراكش شهدت حديقة "عرصة البيلك" بساحة جامع الفنا صباح السبت المنصرم حفل إحياء ذكرى الاعتداء الإرهابي الغادر الذي ضرب مقهى " أركانة " منذ سنة وفي نفس ذات اليوم و الذي خلف 17ضحية من مختلف الجنسيات إضافة إلى 21 جريح و ما ترتب عن ذلك من أضرار مادية، معنوية ونفسية بليغة لأسر الضحايا. الحفل الذي أقيم بالمناسبة عرف حضور شخصيات حكومية و مدنية: ميشال ميرسييه وزير العدل والحريات الفرنسي و امحند العنصر وزير الداخلية، ومصطفى الرميد وزير العدل والحريات، ، بالإضافة إلى سفراء وقناصلة سويسرا وهولاندا والبرتغال، علاوة على أسر الضحايا ورئيسي " الجمعية الفرنسية لضحايا الإرهاب " و " الجمعية المغربية لضحايا الارهاب" وعدد من المسؤولين الحكوميين مغاربة وأجانب وكذا السلطات المحلية وفعاليات وهيئات حقوقية ومدنية وحزبية ونقابية. جلالة الملك محمد السادس و من خلال الرسالة الموجهة للحضور و التي تلاها وزير العدل و الحريات مصطفى الرميد أكد " أن هذا العمل الإرهابي الشنيع لم يستهدف المغرب ومدينة مراكش فقط، وإنما استهدف يائسا أيضا ما يجمع بلادنا بدول صديقة تربطها وشعوبها بالمملكة أواصر متينة من التشبث بالقيم المثلى للإيخاء والتضامن والتواصل والتفاهم والديمقراطية والتقدم". وأضاف جلالته :" إننا نجدد إدانتنا وبكل قوة للإرهاب المقيت بكل أشكاله ومهما كانت دوافعه وأسبابه لكونه يتنافى مع القيم الإسلامية السمحة ومع المبادئ الكونية السامية التي تقدس الحق في الحياة الذي حرصنا على تكريسه في صدارة حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا في الدستور الجديد للمملكة". و أبرز جلالته : " في ظرفية يتزايد فيها خطر الإرهاب دوليا وفي محيطنا الجهوي الإفريقي نؤكد التزام المغرب الراسخ بمواصلة انخراطه الفعال في الجهود الجهوية والدولية الهادفة للتصدي لهذه الآفة العابرة للحدود والتي لا دين لها ولا وطن ومحاربة شبكاتها وعصاباتها الإجرامية بلا هوادة والعمل على تجفيف منابعها". من جانبه، الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي " و في رسالة تلاها وزير العدل و الحريات الفرنسي عبر عن شكره العميق للملك محمد السادس على الجهود التي بذلها اتجاه أسر الضحايا الفرنسيين و وباقي الجنسيات كما شكر المغاربة قاطبة عن التعاطف و التضامن مع الضحايا فيما جدد رفضه لكل أشكال الارهاب مهما كانت دلالاته و أبعاده. و أردف قائلا: " الشعب المغربي كان على مر العصور، مضيافا وكريما، ومنفتحا على كافة الشعوب، محترما كافة الديانات والحضارات". وفي كلمة لرئيسة الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب أكدت سعيدة الخمال على أن اليوم و في ذكرى أحداث أركانة نلتئم و نتوحد رغم الاختلاف اللغوي و الديني، لكن نتكلم بلغة واحد و شعار موحد : لا للإرهاب. الخمال أكدت أن الحقد و البغض دفع بالإرهاب الظلامي إلى إطفاء مشاعر الحب و الانفتاح و التسامح الذي يشتهر به المغاربة و مدينة مراكش خصوصا لكن لن يزيدنا إلا محبة أكثر و حبا أكثر و احتراما أكثر لكافة الثقافات و الديانات في العالم أجمع. و في كلمة لممثلي عائلات الضحايا الفرنسيين أكد : "أننا رغم الألم و الأسى الذي خلفه رحيل أقاربنا في أركانة فأننا مستمرين في تلقين مبادئ الحب و احترام الأخر مهما كانت تقافثه و دينه." ممثلي السلك الدبلوماسي بالمغرب و الذي حضر الحفل من سويسرا و هولاندا و ايطاليا أكدوا بالمناسبة عن امتنانهم لجهود المغرب في ترسيخ ثقافة التسامح و التعايش و إصرار الجميع على نبذ العنف بكل أشكاله. الحفل عرف أيضا رفع الستار عن النصب التذكاري الذي يحمل أسماء الضحايا الذين قضوا في مقهى أركانة و قد تقدم الوزراء الثلاث لتخليد الحدث ووضع إكليل من الورود ترحما على أرواحهم. كما تم غرس شجرة زيتون لتخليد الذكرى و عربونا على أن المغرب و مراكش أرض التسامح و السلام. العدد 17 جعل من سماء جامع الفنا أيضا فضاء للسلام و المحبة و التسامح حيث أطل رواد الحلقة بساحة جامع الفنا على الحضور بسرب من الحمام الأبيض والذي يجسد أرواح الضحايا تعبيرا منهم عن تضامنهم و مشاركتهم في هذا الحفل و الذي عاش الجميع لحظة إطلاقه في سماء الساحة الشهيرة. بعد ذلك شهدت ساحة جامع الفنا مجموعة من الأنشطة و اللقاءات من مختلف الفعاليات إضافة إلى حضور مكتف لجمعيات من مختلف مناطق المغرب لتجديد المحبة و التضامن مع أسر الضحايا و التأكيد على نبذ الإرهاب. ما شكل الإثارة القوية هو حضور متسابق من الدارالبيضاء و الذي أتى من مقاطعة البرنوصي مشيا على الأقدام حاملا الأعلام الوطنية و صورة جلالة الملك إضافة إلى شعار : " من البرنوصي إلى أركانة" و الذي لقي ترحابا عميقا و تنويها من جمهور الساحة. 28أبريل ستبقى ذكرى خالدة حيث الإجماع على التنديد بالإرهاب و كل أشكاله، كما أن ساحة جامع الفنا هي فضاء للفرجة و المحبة و التسامح و لا مكان للعنف و التعنيف فيها. دلالة الزمان و المكان تؤشر على أن عزة أرواح الضحايا لازالت خالدة في ذاكرة المغاربة و أن مراكش و ساحاتها ستؤثث لمفخرة شاهدة على روح التضامن والتسامح و التعايش مع مختلف الشرائح و الجنسيات بتعددها الثقافي ، اللغوي و الديني. ذكرى أليمة ولكنها عميقة برمزيتها الإنسانية وكذا الحضور المكثف لفعاليات دبلوماسية و مدنية ، وطنية و دولية حيث اللقاء في أرض التسامح و الايخاء و إجماع على نبذ العنف و الإرهاب في ساحة الفرجة و المحبة و السلام. هشام البومسهولي