ولكم فى الرؤساء العرب عبرة.. فهم بين هارب ومخلوع ومحروق وتايه.. والباقى مرعوب ومذعور.. لعنة الله على الكراسى ونظرية الديموكراسى.. التى وضعها العقيد معمر القذافى.. صاحب أشهر خيمة وجمل، فأصبح صاحب أشهر خيبة وجمل، وحارسة فاتنة أنثى.. يعنى امرأة.. كما يقول.. فالأنباء الواردة تؤكد أن «الزعيم» فر إلى النيجر.. ويقال إنه تخفى فى زى امرأة.. يعنى أنثى! فلابد أن نشرح فى كل مرة أن الذكر يعنى الرجل، وأن الأنثى تعنى امرأة.. فهى من عبقريات القذافى فى كتبه النادرة.. والتى وجدت من يمدحها، ويكتب فيها الكتب.. ويدبج فى محاسنها القصائد.. حتى إذا ذهب القذافى ذهبوا عنه.. وحتى إذا انفض المولد انفضوا.. وكانت القصائد تُكتب فى خيمته.. فلما انقضى الأمر لا كتبوا ولا مدحوا.. تحولت الخيمة إلى عار، وتحولت إلى خيبة أمل راكبة جمل! فكيف يدير القادة العرب أزماتهم؟.. لا الهارب فكر ولا المخلوع، ولا المحروق ولا التايه، ولا المرعوب، ولا المدعوق.. كلهم واجه مصيره برأسه.. ينطح الثوار.. فلم يضرهم، وأوهى قرنه الوعل.. لم يفكر أحد.. ولم يقبل فكرة التفاوض.. لأنه لا يصح، من وجهة نظره، أن يتفاوض مع رعيته.. فهو الإله وهو الملك، وهو عميد الرؤساء العرب، وملك ملوك أفريقيا وإمام المسلمين! لا تفاوض ولا تنازل.. هكذا كانوا يديرون أمورهم، ويديرون أزماتهم، إن صح أنها أزمة.. وفضّل «بن على» أن يهرب.. بعد أن قال «فهمتكم».. وفضّل «مبارك» أن يموت على أرض مصر، ثم تنحى.. وفضّل «صالح» الحرق على أن يترك الرئاسة.. وهو الآن يعيش شريداً.. أما «القذافى» فهو رئيس تايه يا ولاد الحلال.. لم يحمل من حطام الرئاسة والملك سوى خيمة وجمل، وحارس أسود ذكر، يعنى «رجل»! لم يعد هناك مجال لحارسة فاتنة أنثى.. جاء وقت الرجال.. لا مجال للتمثيليات، ولا مجال للدلع.. فمن ينصب الخيمة رجل، ومن يشد الجمل رجل.. ومن يعرف جغرافية ووديان أفريقيا رجل.. لا مجال لأنثى، ولو كانت ابنته عائشة أو زوجته.. فهو لا يدرى أين يتجه؟.. ولا يدرى أين يدق خيمته؟.. كان أيام العز يدقها فى عواصم الغرب.. ولعلكم تذكرون قصة خيمة نيويورك! كانت الخيمة تثير الجدل.. وكانت جماله تصاحبه فى كل مكان.. فى أوروبا أو أمريكا.. فقد اعتاد الأخ العقيد أن ينصب خيمته البدوية المثيرة فى أسفاره خارج ليبيا، وهو ما يثير عادة انتقادات فى الدول التى يزورها، ولاسيما الدول الأوروبية، حيث لاقى الأمر استهجاناً كبيراً خلال زيارة القذافى إلى فرنسا وروسيا وإيطاليا.. أما زيارته إلى نيويورك فكانت مسخرة! الفرق شاسع بين تنقلات «القذافى» الآن بالخيمة والجمل وتنقلاته زمان.. زمان كانت فى وضح النهار.. يصاحبها جدل وإعلام وخطب نارية، وشعوب تسمع لتضحك.. الآن اختلف الأمر.. فأنت أمام رئيس تايه.. يختلف تماماً عن زين العابدين.. زين العابدين كان تايه فى السماء.. أما القذافى فهو تايه بين السهول والجبال.. داهية تشيله وداهية تحطه! ومن الآن لن تعرف مكان القذافى، فقد ذهب واختفى.. ومن الآن لن يخطب فى شعبه، فقد انتهى.. ومن الآن لن تجد من يمدحه، ويكتب فيه القصائد، فلم يعد يملك سيفاً ولا ذهباً.. ولكم فى الرؤساء العرب عبرة.. ولكم فى خيمة القذافى عظة وعبرة.. ولا تضحكوا فالأخ العقيد يتخفى فى زى امرأة! محمد أمين