من جديد وأمام وزارة التربية الوطنية والتي تحرم مذكراتها إستعمال العنف المادي والمعنوي ضد المتعلمين، والتي تقود من آن لآخر، حملات تحسيسية في هذا الشأن رافعة شعار: لا للعنف! إلا أن ما حدث أمام وزارة التربية الوطنية يتنافى تماما مع هذه المذكرات حيث أعدمت التربية وإغتيلت الوطنية.. أساتذة وأستاذات الكثير منهم في سن متقدمة بل ومنهم من لا تفصله عن التقاعد إلا شهور قليلة لا غير.. لتمرغ مبادؤه التربوية في التراب، ويضرب بعرض الحائط مواطنته التي ما فتئ يتشدق بها أمام تلاميذه صباح مساء لا لشيء إلا رفعه لمطالبه النقابية.. مطالب يعتبرها هو على الأقل حقا له.. وهذا حقه طبعا.. فحاول التعبير والتظاهر بشكل سلمي وحضاري.. وهذا حقه أيضا.. لكن آلة العنف تحركت، وآلة العنف هذه لا تفرق بين طبيب وأستاذ ومعطل... لتأتي على الأخضر واليابس كما يقولون.. تحرك ألصق بدولتنا سمة العنف.. ودشدش شعار الإستثناء المغربي.. لتلقط الإشارة من الإعلام الدولي وبالضبط من الجزيرة الفضائية وتبثهاهنا وهناك... والشيء نفسه لمواقع التواصل الإجتماعي المتعددة... في غياب تام أو الأصح في تغيب تام لإعلامنا الوطني والذي يمارس بدوره عنفا في حق مواطنيه البسطاء من خلال حرمانهم الممنهج من حقوقهم في المعلومة.، اللهم إشارات محتشمة لإذاعات محلية.. المهم أن عنف 30 ماي لم يكن حادثة معزولة، فقبل يوم واحد فقط وبالضبط يوم 29 من نفس الشهر كان لشباب حركة 20 فبراير موعدهم مع القمع والتنكيل.. قمع على إمتداد التراب المغربي.. قمع ترك آثاره على أجساد المعنيين وأيضا على الصفحات الأولى للعديد من المنابر الدولية ، وهكذا يعلن موقع إذاعة فرنسا الدولية لكل الفرنكفونيين: مناضلو 20 فبراير في المغرب مقموعون أكثر فأكثر، أما صحيفة أبي سي الإسبانية فعنونت موضوعها: الشرطة تفرق متظاهرين مطالبين بالديمقراطية في الرباط والدار البيضاء، أما وكالة الأنباء الإسبانية أوربا بريس فكتبت: البوليس المغربي يفرق متظاهرين بعنف.. لتعيد يومية إلموندو وعدد آخر من الصحف الإسبانية نشر المقال نفسه. وببلاد العم سام نشرت لوس أنجلس تايمز على موقعها الإلكتروني تلاث مقاطع ڤيديو لقمع البيضاء.. أما صوت أميركا فكان عنوانها في الموضوع ذاته: البوليس المغربي يفرق بعنف متظاهرين مطالبين بالديمقراطية.. أما الغارديان البريطانية فسجلت تحول المغرب لمغرب يمارس قمعا أمنيا في وجه الديموقراطية... مقالات وتعليقات ستساهم لا محالة في تسويق صورة سيئة عن المغرب.. وحتما ستكون لها تداعيات في الأوساط المدنية والحقوقية وبالتالي السياسية والدبلوماسية في الغرب . لنعد إلى قمع مدرسينا من جديد يحكي يوسف: قوات الأمن كانت مصرة على إذاية المحتجين ولم تكتف بتفريقهم مما أدى إلى العديد من الإصابات في أوساطهم.. قمع أخذ أشكالا متعددة ضرب، رفس، شتم، تعنيف لفظي... ولكن الجميع بقي مصرا على النضال..بل أكثر إصرارا ليتم رفع شعار الكرامة قبل كل شيء ليبقى السؤال الأكثر ملحاحية في هذه الظرفية هو هل ستعمل الجهات المسؤولة على تجاوز حالة الإحتقان هذه خلال الأيام المقبلة؟ أم ستواصل دورانها في دوامة العنف هذه؟ مع العلم أن العنف لا يولد إلا عنفا. ...