مراكش : المسائية العربية : تحتضن مدينة مراكش فعاليات الدورة 46 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية من 29 يونيو إلى 3 يوليوز المقبلين، ونظرا لما يرمز إليه هذا المهرجان الذي يستلهم مقوماته من التراث المغربي الاصيل، كان للمسائية العربية لقاء بالمخرج التلفزيوني ورئيس النقابة الوطنية للفنون الشعبية السيد عباس فراق ، أثار فيه مجموعة من القضايا المرتبطة بالمكان والزمان والتدبير المالي والتنظيمي المسائية العربية: فضل المنظمون هذه السنة، إحياء المهرجان الفني للفنون الشعبية بمراكش في فضاء على شكل قرية تنصب بين حدائق الزيتون بغابة الشباب بدلا من قصر البديع، كيف ترون هذا الاختيار عباس فراق: بالفعل اعتقد ان هناك استعدادات لإحياء هذا المهرجان الذي ارتبط بمدينة مراكش، ويأتي في وقت تحتاج فيه مدينة مراكش إلى التنشيط السياحي خاصة بعد تعرض مقهى اركانة للعمل الارهابي الغاشم، إلا أن إسناد المهرجان لعناصر أجنبية، وتهميش الكفاءات المحلية يعتبر خطوة غريبة، ولحد الآن لم أجد تفسيرا مبررا لهذا الإختيار، هل يرجع إلى عقدة الأجنبي، والذي يستحق أن نوفر له ولمحيطه كل وسائل الإقامة والنقل والتعويض المادي السمين، او لأن الكفاءات المغربية ليست في المستوى المطلوب، مع العلم أن الطرق الشفاهية والفنون اللامادية تعتبر ذاكرة ثقافية مشتركة للمجموعة البشرية المكونة للشعب المغربي، فكيف تتصورون تعامل الأجنبي مع الذاكرة الوطنية، اضف إلى ذلك أن المهرجان ربما قد ينقل من فضائه المعتاد اي قصر البديع إلى مكان آخر، علما أن فضاء قصر البديع لم يختر عبثا لإيواء 45 دورة الماضية، بل لأنه يمثل مرجعية تاريخية وحضارية كبرى، وهي الفترة الذهبية للدولة السعدية وامتدادها عبر تاريخ حافل بالأمجاد والمنجزات إلى يومنا هذا؟ وأحب أن أذكر أن قصر البديع كنموذج حي للفنون المادية المعمارية المغربية الأصيلة يتناغم مع الفنون اللامادية العريقة التي ترد عليه خلال المهرجان مرة في السنة من جميع ربوع مختلف الجهات الثقافية للبلاد. لتكتمل لوحة تعبر عن خاصية قل ما امتازت بها بلاد اخرى، وهي خاصة الوحدة في التنوع الثقافي، وبالتالي يجب ان يفهم الجميع أن المهرجان الوطني للفنون الشعبية ليس مجرد فرجة، بل هو أهم من ذلك، لأنه ملتقى ثقافات المغرب العميق، ولهذه الغاية انشئ ليساهم أولا في تواثر هذه الفنون الاصيلة، باعتبارها من مقومات الهوية الوطنية، وللتعريف بأصالة المغرب وبموروثه الثقافي العثيق. المسائية العربية : لا شك ان المهرجان يكلف مبالغ مهمة، فمن هي الجهات التي تمول هذا المهرجان، وهل أنتم مرتاحون للتدبير المالي والتنظيمي للمهرجان؟ عباس فراق : إن الجهات التي تمول المهرجان متعددة، منها المجلس الجماعي، ووزارة الثقافة، والمكتب الوطني للسياحة، والولاية وغيرها من المؤسسات، زيادة على بعض المستشهرين، وقد تصل الميزانية المخصصة للمهرجان إلى ما يزيد عن 600 ألف درهم، إلا أن ما يؤخذ على المهرجان من حيث التسيير والتدبير المالي هو أن الفنان المشارك لا يتقاضى سوى 150 درهم للفرد الواحد في اليوم، وهو أجر هزيل جدا خاصة إذا علمنا أن مصاريف التغذية تدخل فيه، في الوقت الذي يتقاضى فنانو الموسيقى العصرية او العالمة اجرا يصل إلى 80 ألف درهم، ومن هنا لا بد من ذكر ما يقع من خلط بين الفنون الشعبية وأنواع أخرى دخيلة لا علاقة لها بالثراث، ويرجع هذا إلى عدم دراية المكلفين بالطرق الشفاهية والفنون اللامادية الوطنية، سواء تعلق الأمر بالإدارة الفنية، أو بالإخراج السينوغرافي للعروض، أما محلات إقامة المجموعات الأصيلة فغالبا ما يتخذ في داخلية بإحدى الثانويات بمراكش، وهو مكان غالبا غير مريح، ولا تتوفر فيه شروط الإقامة الصحية والملائمة لهؤلاء الفنانين الذين يساهمون في الحفاظ على هذا الثراث من الأندثار. المسائية العربية : هل من وسيلة أخرى للمساهمة في الحفاظ على استمرارية هذا التراث الاصيل، أم لا ترون بديلا عن مهرجان الفنون الشعبية عباس فراق : الآن سأتحدث بصفتي كرئيس النقابة الوطنية للفنون الشعبية عضوة الإئتلاف المغربي للثقافة والفنون، والتي أسست سنة 2008 ، وتضم أزيد من 1700 منخرط ومنخرطة عبر مختلف الجهات الثقافية للبلاد، إننا في هذه النقابة نناضل من أجل الحفاظ على هذا التراث الأصيل، ونقترح في هذا الصدد التدابير التالية: إدماج مادة الطرق الشفاهية والفنون اللامادية في البرامج التعليمية، مع مراعاة خصوصيات كل الجهات الثقافية للبلاد ضرورة إنشاء أكاديمية وطنية للفنون الشعبية أو مؤسسة مماثلة ترعى هذه الفنون،وتعمل على استمراريتها واستمرارها. العمل على توثيق الفنون الشعبية بالوسائل الثقنية والعلمية الحديثة من السمعي البصري وغيره العناية بالفنانين الممارسين لهذه الفنون ماديا ومعنويا كي يتسنى لهم الاستمرار في الحفاظ عليها سن قوانين تحمي هذه الفنون كمثيلاتها من القوانين التي تحمي الفنون المادية وأخيرا أوجه نداء إلى الجهات المعنية بالمهرجان الفني للفنون الشعبية بمراكش قصد إعادة النظر في السياسة الحالية، في التعامل مع التراث الوطني كغرث ثقافي لا يسمح بأن تلوثه الأيادي الأجنبية ولا الأطراف البعيدة عن الميدان والتي لا يهمها إلا الإثراء الفاحش ولو على حساب المال العام والموروث الثقافي الاصيل.