يبدو أننا أمام مرحلة جديدة من تاريخنا العربي المعاصر، ربما يطلق عليها مستقبلا اسم مرحلة أو عصر النهضة العربية تشبيها بعصور النهضة الأوروبية التي انطلقت بالكشوف الجغرافية ليعقبها ثورة صناعية وصولا إلى ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، صحيح تخللها حروب طاحنة ودماء ودمار بين محافظين ومجددين ، بين طغاة وشعوب مقهورة تمخضت في النهاية عن استقرار أوروبي ودعوات [ومحاولات إلى لم الشمل بعد تفريق الحروب لتدخل أوروبا عصرا جديدا من التطور والتقدم والتنمية واحترام حقوق الإنسان بكل ما تعنيه الكلمة ، وصولا إلى عصر الوحدة الأوروبية ليكون الفرق بين إنسان وآخر هو درجة العلم والعمل والإنتاج ، وهو ما يفتقده الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج ، والسبب هو ما ابتلي به من زعامات وقيادات عاشت معاناة الإنسان العربي في مختلف نواحي الحياة قبل أن تصعد وتتولى مقاليد الأمور في بلدانها ، وما أن قدر لها بلوغ سدات الحكم نسيت ما كانت هي فيه ، وتجاهلت ما وعدت به شعوبها لتمكينها من السيطرة والبقاء ونسجت حولها إمبراطوريات ومافيات السلطة والمال والجاه لتكوي شعوبها بنيران الفاقة والحرمان والاستعباد . نقول هذا الكلام ونحن نتابع تصريحات من اعتقدنا يوما انه قائد تعقد عليه الآمال ، آمال في الانعتاق من ذل العبودية والقهر ، عبودية الاستعمار والفرقة العربية ، وإذا به يفاجئ شعب عربي أبي مشهود له بالعزة والكرامة بأنه شعب يتعاطى حبوب الهلوسة ، إذا كان الشعب العربي الليبي شعب يتعاطى حبوب الهلوسة، فهذا يعني إن الشعب المصري والشعب الفلسطيني والشعب التونسي وبقية الشعوب العربية شعوبا تعاني من الهلوسة ، بل إن كل شعب على وجه هذه الأرض يخرج مطالبا بحقوقه المغتصبة واحترام إنسانيتيه وآدميته هو شعب مهلوس إذا جاز لنا هذا التعبير . مفاهيم غريبة ، واصطلاحات اغرب خارجة وغير مألوفة ليس في تراثنا وارثنا الحضاري العربي بل في الإرث الحضاري العالمي أيضا، فعلى مر التاريخ القديم والحديث لم نسمع قائدا أو رئيسا أو ملكا حتى في أحلك ظروفهم أن وصف شعبه بهذه الأوصاف، وما لحق بها من أوصاف أخرى كالجرذان والكلاب ، وليس بعيدا عنا ثورة الشعب المصري ، والتونسي ، والبحريني واليمني وغيرهم من الشعوب التي ثارت في الماضي القريب والبعيد وشعوب ثائرة الآن . يؤلمنا كثيرا ونحن نتابع سلوك القائد الواعد بعد خذلانه لشعبه الأعزل بتوجيهه نيران أسلحته الفتاكة إلى صدورهم، مواطنيه الذين صبروا عليه كثيرا يهتفون له ولخطواته آملين في التغيير والتطور والمضي نحو الأفضل . لقد تعاملنا مع الشعب العربي الليبي ، دخلنا بيوتهم وأكلنا من طعامهم، وشربنا من شرابهم وجلسنا معهم كثيرا شاركناهم في السراء والضراء ولم نجد منهم إلا كل طيبه ودفء كل حب واحترام ينم على كرم الضيافة العربية والنخوة والشهامة ، وعلى الرغم من محاولة الحاكم غرس روح الحقد والكراهية فيهم للأخ والجار والصديق، إلا انه فشل في ذلك لتمسك الشعب العربي الليبي بأصالته العربية وأخلاقه الإسلامية . إنها ليست حبوبا للهلوسة ، إنها في الحقيقة هلوسة السلطة التي استمرأها الحالكم الليبي والحكام العرب ، هي هلوسة المال والجاه والسلطان ، مليارات الدولارات تتكدس في بنوك خارج البلاد والغالبية العظمى من أبناء الشعب يرزحون تحت طائلة الفقر والفاقة ، نستمع إلى أرقام خيالية لحجم الأموال العربية، يتحكم فيها حفنة قليلة من البشر يعيشون بين أبناء هذا الوطن الكبير وكأنهم منهم وليس منهم ، اعتبروا أنفسهم فوق البشر، أموال وإمكانات هائلة طالما تمنيناها أن تأخذ طريقها إلى تنمية وتطوير بلاننا وشعوبنا ، أين هذه الأموال من الشعب الفلسطيني المحاصر من أعدائه أعداء ألامه ، هذا الشعب الذي يقف في الخندق الأول دفاعا