تحية خاصة لنساء ورجال التعليم، أولئك الجنود الذين يناضلون في الخفاء ، ولا ينتظرون من مبادراتهم الانسانية جزاء ولا شكورا، فخلال الايام الماضية القليلة ، شهدت مؤسستان تعليميتان بمراكش حدثين هامين، وكانت يد الاطر التربوية والإدارية ومواقفهم النبيلة تنم عن قمة الوعي والشهامة، وتعيد إلى الأذهان الخصوصية التي يتميز بها قطاع التعليم عن باقي القطاعات الأخرى،المحطة الأولى كانت بثانوية ابن تومرت الإعدادية ، حيث تعرضت إحدى تلميذات المؤسسة إلى تسمم غذائي ، فنقلتها امها على وجه السرعة إلى مستعجلات مستشفى ابن طفيل وبعده إلى ابن زهر، هاتين المؤسستين الصحيتين اللتين تخلصتا من الضحية بالاكتفاء بتقديم وصفة لشراء بعض الأدوية المسكنة ، ومطالبتها بالعودة من حيث أتت، لأن الألم الذي تتجرعه الفتاة حسب الطبيب المعالج مجرد مغص معوي سرعان ما يختفي بتناول الدواء، إلا أن الألم انتقل من الجهاز الهضمي إلى باقي الاطراف ولم تعد قدما التلميذة قادرة على حمل جسدها النحيف، مما دفع بالأم إلى العزوف عن العودة إلى المستشفى العمومي ، و اللجوء إلى إحدى المصحات الطبية الخاصة بمراكش، رغم أن إمكانياتها المادية ضعيفة، فهي المعيلة للاسرة من خلال عرض بعض الأعشاب الطبية والتجميلية للبيع بأحد الأسواق الشعبية ، من حنة و كحل وزعتر... ، وهناك رحلت الفتاة التي لم يتجاوز سنها العقد الثاني إلى دار البقاء، وأصبح على الأم دفع مصاريف العلاج الباهضة للمصحة الطبية المستقبلة إن رغبت في تسلم جثة ابنتها، ابتلعت المرأة الأم ريقها، ومسحت دموعها الحارة وهي تودع البنت الوحيدة لذيها بعد أخ لها، شاكية امرها لله في صمت وعزيمة... لم تمد يدها بالسؤال لأحد أو استجدائه، كما أن الأطر التربوية ومجموعة من التلميذات والتلاميذ الذين كانوا على دراية بظروف المراة ، لم ينتظروا إشارة منها من أجل فتح باب التطوع وتقديم الدعم المادي والمعنوي للأسرة المكلومة ، علما أن الأسباب الحقيقية للوفاة ما زالت مجهولة، وبمعنى آخر ظل الجميع يتساءل إن كان الموت طبيعيا، أو من تدبير فاعل، وحده التحقيق الذي باشرته عناصر الشرطة القضائية كفيل بالإجابة عن مجموعة من الفرضيات والتكهنات التي تتناقلها الالسن داخل وخارج المؤسسة على كل فقد تمكن المتطوعون من جمع قدر من المال ، خفف العبء عن الاسرة التي كانت تتذرع بعدم تسلم الضحية إلى الإجراءات القانونية التي تتطلب مزيدا من الوقت وكثيرا من الصبر,وأبانوا عن خلق وقيم يستحقون عليها الثناء اما المحطة الثانية، فكانت ثانوية ابن عباد مسرحا لها، حيث ولجتها تلميذة توقفت عن الدراسة لأسباب صحية ناتجة عن مرض نفسي ، وكانت برفقة والدتها التي تقدمت إلى الإدارة بطلب السماح للبنت للدخول إلى المؤسسة ورفع العلم الوطني، لأن ذلك هوالرغبة التي ظلت تراودها وتحلم ببلوغها، التف حولها زميلاتها وزملاؤها وكلهم شفقة من زميلة لم تسعفها القدرات العقلية على مواصلة المشوار، وبسرعة كان الجميع يقف صفا أمام العلم الوطني، وتقدمت التلميذة، ورفعت العلم، مرددة مع الجميع النشيد الوطني، وقد بدا على محياها سعادة كبيرة وفرح عارم، وبذلك ودعت التلميذة المؤسسة تحت التصفيقات الحارة للحضور