" و مدينة نكور بين رواب منها جبل يقابل المدينة يعرف بالمصلى و بها جامع على أعمدة من خشب العرعر و هو الأرز أكثر خشبها و لها أربعة أبواب، في القبلة باب سليمان و بين القبلة و الجوف باب بني ورياغل و في الغرب باب المصلى و في الجوف باب اليهود ... و هي بين نهرين أحدهما نكور و مخرجه من بلاد كزناية ... و الثاني نهر غيس منبعه من بلد بني ورياغل. ... و الذي أسسها و بناها سعيد بن إدريس بن صالح بن منصور الحميري و صالح هو المعروف بالعبد الصالح و هو الذي افتتحها زمن الوليد بن عبد الملك و دخل أرض المغرب في الافتتاح الأول فنزل مرسى تمسمان ... و على يديه اسلم بربرها و هم صنهاجة و غمارة. تم ارتد أكثرهم لما ثقلت عليهم شرائع الإسلام و قدموا على أنفسهم رجلا يسمى داود و يعرف بالرندي و كان من نفزة، وأخرجوا صالحا من البلد ثم تلافاهم الله بهداه و تابوا من شركهم و قتلوا الرندي و استردوا صالحا فبقي هنالك إلى أن مات بتمسامان... و كان له من الولد المعتصم و إدريس أمهما صنهاجية و عبد الصمد. فولوا المعتصم فمكث فيهم يسيرا و مات فولى سعيد بن إدريس. ... و غزى المجوس لعنهم الله مدينة نكور سنة أربع و أربعين ومائتين، فتغلبوا عليها و انتهبوها و سبوا من فيها إلا من خلصه الفرار ... و قامت المجوس بمدينة نكور ثمانية أيام. ... و مات سعيد بن إدريس بعد أن ملكهم سبعة و ثلاثين عاما و ولى ابنه صالح بن سعيد. ... و قام على صالح أخوه إدريس في بني ورياغل و كزناية فالتفوا بجبل كزناية المعروف بكوين فانهزم صالح و انتهب إدريس معسكره. ... و مات صالح بن سعيد بعد أن ملك ثمانية و عشرين عاما فولوا ابنه سعيدا، و كان اصغر ولده فلما توطد له الأمر و استوسق دخل عليه عبيدهم الصقالبة فسألوه العتق... و لما تغلب عبيد الله الشيعي كتب إلى أهل المغرب يدعوهم على الدخول في طاعته و التدين بإمامته، فكتب بمثل ذلك على سعيد بن صالح ... و كتب عبد الله الشيعي إلى مصالة بن حبوس عامله على تاهرت يأمره بالمسير على بلد نكور و محاربة سعيد بن صالح ... فاخرج (سعيد) كل من كان في قصره و ما معهم و صاروا بجزيرة في مرسى نكور. ... و ركب من نجا من ذرية سعيد و أهله البحر من مرسى نكور و نزلوا مالقة ... فأمر عبد الرحمان بن محمد الناصر لدين الله بإنزالهم و التوسع لهم ... و اختاروا المقام بمالقة لقربه من بلدهم". أبي عبيد البكري، المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب، ص. 90-96