بقلم " محمد السعيد مازغ فجأة أصبح سيف المقاطعة الشعبية لبعض المنتجات الاستهلاكية حقيقة تمشي في الاسواق كرياح عاصفة، إذا لم تأت بالافلاس بالنسبة للمؤسسات المستهدفة، فإنها تأتي بالخسارة المادية وتهدد بفقدان مرتبة الريادة، وكلاهما اشد وطأة من وقع السيف البتار، ويبقى الحل في يد هذه الشركات وقدرتها على تدبير المرحلة وفق ما يعيد الامور الى نصابها. المقاطعة الشعبية واتخاذ موقف شبه موحد، هي احتجاج شعبي في قالب جديد، تقوده قنوات شبكات التواصل الاجتماعي التي احتلت مكان النقابات العمالية والمهنية، وأزاحت عن طريقها الهيئات السياسية، التي بدت كالمغمى عليها لا تقوى على جمع شتاتها، وبالاحرى ان تجمع المواطنين باختلاف اعمارهم ومراتبهم الاجتماعية على موقف موحد. نفس المصير لبعض القنوات الاعلامية التي تعاملت مع الموضوع بحذر شديد، ومنها من تغاضى عن الخوض فيه مقتديا بالمثل الشعبي القائل :" كم حاجة قضيناها بتركها". شبكات التواصل الاجتماعي كانت بمثابة بوابة فتحت صدرها للرأي والرأي الآخر، فكانت قبلة للتعبير الحر والنقاش المفتوح بين مساند للمقاطعة ومعارض لها، وبين ساخر من الموقف ومتوجس من عواقبه وما يمكن ان يترتب عن ذلك مستقبلا. وبذلك اصبحت المعلومة داخل تلك القنوات تفرض نفسها، وتنتشر بسرعة الضوء، وتشكل وعيا مجتمعيا يتجلى بشكل واضح في نجاح المقاطعة وسعي بعض الاسواق الى اعادة النظر في الاسعار المحددة. ورغم ما تشكله المعلومة أحيانا من خطر على بعض الفئات التي تتعامل مع كل ما يرد في الفضاء الازرق بسطحية وسداجة وعفوية، واعني تلك الفئات التي تفتقر الى الميكانيزمات للتمييز والتمحيص و فهم بعض الخلفيات والمرامي التي تدخل في إطار تصفية الحسابات السياسية الضيقة، أو تمرير أفكار مسمومة الغرض منها زرع الفتنة وضرب القيم الاخلاقية والدينية، وقصف العقول الضعيفة….، وفي المقابل نجد ان المعلومة باتت اكثر تحررا ودقة من خلال اشرطة سمعية بصرية تنقل الحدث بالمباشر، وتسمح بالتعليق والمشاركة وابداء الاعجاب ، وهي بمثابة اودية تصب في بحر المعلومات.