الملك محمد السادس يهنئ محمد ولد الرشيد بمناسبة انتخابه رئيسا لمجلس المستشارين    الندوة الوطنية حول مشروع قانون المسطرة المدنية: أية رهانات؟    إيران وإسرائيل على حافة المواجهة العسكرية والسلاح النووي يهدد المنطقة    ابتدائية الحسيمة تدين متهمين بتزوير تأشيرات شينغن    المدرب البرتغالي بيتشاو: طردت من "الدفاع الجديدي" بعد المطالبة بالمستحقات    عادل رامي.. كان حلمي اللعب مع المغرب وهذا ما منعني من ذلك    طبيب سعودي يكشف مدة غياب بونو عن الملاعب ويوضح بشأن مدى خطورة إصابته    أمن الناظور يطيح بشبكة للهجرة غير الشرعية    مديرية الأرصاد الجوية: شتنبر كان شهرا غير مستقر وممطرا بشكل خاص    في اجتماع المكتب السياسي..الكاتب الأول إدريس لشكر: الخطاب الملكي يضع أفقا جديدا لقضيتنا الوطنية لدخول مرحلة الحسم        فرنسا تخطط لقانون هجرة جديد يشدد القيود على المهاجرين غير النظاميين    الاتحاد الدستوري: مجندون خلف الملك    الكاتب الأول يستقبل رجاء مسو، المستشارة الجماعية بالمجلس الجماعي لمدينة أكادير    منير الجعواني يعود إلى البطولة الإحترافية    الحفل السنوي لغرفة التجارة الأمريكية بالمغرب 2024.. تسليط الضوء على الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    العداء المغربي يونس بنار يفوز بماراثون موسكو    بعد "ريجيو دي كالابريا" في إيطاليا.. الصويرة ثاني أكثر الوجهات السياحية رواجا لدى الألمان    الذكرى ال26 لوفاة المغفور له الحسن الثاني مناسبة لاستحضار المسار المتفرد لموحد المغرب ومؤسس نهضته الحديثة        إسرائيل تأمر سكان 21 قرية في لبنان بإخلاء منازلهم وتعلن القيام "بتفكيك معاقل حماس" بغزة    الحلم الممكن.. الترامواي بين مدينة الجديدة ومنطقة الجرف الأصفر    جماعة فاس تمنع مهرجانا تضامنيا مع فلسطين والمنظمون يحتجون    وزير الخارجية الإيراني: لا نريد حربا ولكننا مستعدون لها    امطار وثلوج مرتقبة بعدد من مناطق المغرب    بسبب إصدار شيكات بدون رصيد.. توقيف مدير "سيتي كلوب" برفقة فتاتين وبحوزته الكوكايين    أول عملية مغربية لتجميد مبيض تحفظ خصوبة شابة تواجه سرطان الدماغ    الكاتب عبده حقي يدشن الدخول الثقافي بكتابين جديدين        شقيقة زعيم كوريا الشمالية تدق طبول الحرب وتحذر من "كارثة مروعة"    إصابة 20 شخصا في حادث تصادم قطارين بصعيد مصر    تسجيل هزة أرضية خفيفة بإقليم الحسيمة    مجلس جهة سوس ماسة يوافق على الاقتراض من جديد.. ومراقبون يتخوفون من تراكم المديونية    بلغت قيمتها 2.75 مليار دولار.. المغرب يتبوأ المركز 52 في تصنيف العلامات التجارية العالمية    مغربيتان تتوجان بجائزة أفضل قارئ عربي في مسابقة "إقرأ" بالسعودية    الحليمي: ارتفاع الأسعار سيصبح هيكليا.. والتضخم محلي وليس مستوردا.. وعلينا قول الحقيقة للرأي العام    ختان جماعي في شفشاون يتحول لمأساة بعد إصابة 5 أطفال بتعفنات خطيرة    غوتيريش: الكوارث تتفاقم جراء أزمة المناخ والأطفال أكبر ضحاياها    دوري الأمم الأوروبية.. اسبانيا تنتزع الصدارة بفوز بشق الأنفس على الدنمارك    تقرير بريطاني.. المغرب يتصدر قائمة أفضل 5 دول في تحسين مناخ الأعمال    العثور على بقايا قد تكون لمتسلق جبال شهير فُقد في إيفرست قبل 100 عام    مدرب إفريقيا الوسطى: "لاعبون خذلوني"    فوز المغربيتين مريم بوعود وفاطمة الكتاني بجوائز مرموقة في مسابقة "أقرأ" بالسعودية    العيسى: إقرار "بناء الجسور" نقلة مهمّة    فيلم "صحاري سلم وسعى" يتوج بالبنين    منصة إماراتية للفرجة تعرض المسلسل المغربي "حياة خاصة"    "البيضة ام الدجاجة اولا؟" .. علماء يحسمون الحدل أخيرا!    الرباط.. إجراء أول عملية لتجميد المبيض بالمغرب    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    المغرب يسجل إصابتين جديدتين ب"كورونا"    بروفايل l التصدي ل "هشاشة الحياة البشرية" يمنح "هان كانغ" جائزة "نوبل" للآداب    مرضى داء السل يشكون انقطاع الدواء وبروفيسور ل" رسالة 24 ": وزارة الصحة تتحمل المسؤولية الكاملة    وأْدٌ ضيَّع الورْد !    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين التسويف الحكومي والتسويق النقابي
نشر في المساء يوم 22 - 05 - 2008

تباينت ردود الفعل حول نتائج الإضراب الوطني، الذي دعت إليه المركزيات النقابية العاملة في قطاعات الوظيفة العمومية يوم 13 ماي الجاري، بين من يؤكد نجاحه وبين أطراف أخرى، والحكومية منها على وجه الخصوص، التي عبرت عن أسفها للجوء النقابات إلى استعمال هذه الآلية التي تعد حقا مشروعا للدفاع عن حقوق العاملين في كل القطاعات.
ويأتي هذا الإضراب في عز جلسات الحوار الاجتماعي التي تجريها الحكومة مع الأطراف النقابية من أجل صرف الزيادات في أجور الموظفين وإقرار الزيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الصناعي والخدماتي والقطاع الفلاحي، وتحسين دخل الموظفين والأجراء في القطاع الخاص، غير أنه يبدو أن كل هذه المطالب مازالت محل شد وجذب بين الحكومة والنقابات، وإلا ما معنى الدعوة إلى إضراب عام في هذه المرحلة، وهل هي محاولة من النقابات لاستعمال هذا الحق لرفع سقف مطالبها، أم إنها اشتمت من خلال الجلسات، التي أجرتها مع الحكومة، أنها مجرد وعود لن تعرف طريقها إلى حيز التنفيذ وستلقى نفس مصير جلسات الحوار السابقة.
لقد أعلنت النقابات، عقب مرور يوم الإضراب، أن نسبة النجاح وصلت إلى 80 %، فيما قالت الحكومة إنها تراوحت ما بين 40 و80 %، وذلك حسب ما نقلته وسائل الإعلام الرسمية عن الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة السيد محمد عبو الذي أكد هذه النسبة. وموازاة مع ذلك، أعرب عن «أسف الحكومة لكون بعض المركزيات النقابية التي اتخذت قرار خوض الإضراب العام لم تراع نتائج الحوار الاجتماعي بعد أربع جولات كانت قد جمعت بين الحكومة والفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين»، كما قال يوما قبل الإضراب للقناة الأولى، وأضاف أن الحكومة كانت «تتمنى أن تتفهم النقابات وتراعي المجهودات الاجتماعية الهامة التي بذلتها الحكومة من أجل تحسين الدخل والمحافظة على القدرة الشرائية رغم الظرفية الاقتصادية الخاصة التي يمر منها المغرب كسائر دول العالم بسبب ارتفاع أسعار العديد من المواد الأولية».
أما على المستوى النقابي، فقد خرجت النقابات الداعية إلى الإضراب، بعد تنفيذه، ببلاغات تؤكد فيها النجاح الذي حققته دعوتها إليه، كما هو الشأن بالنسبة إلى الفيدرالية الديمقراطية للشغل التي قالت إن «الإضراب الوطني الذي نفذته الشغيلة المغربية في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية لقي نجاحا ومشاركة مكثفة فاقت نسبة 85 %»، فيما قالت المنظمة الديمقراطية للشغل إن نسبة نجاح الإضراب بلغت «ما يقارب 90 في المائة» وهي نفس النسبة التي أشار إليها بلاغ للاتحاد النقابي للموظفين التابع للاتحاد المغربي للشغل.
ومهما يكن من تضارب في ما يخص الأرقام التي أعلن عنها كل طرف، سواء ذاك الداعي إلى الإضراب أو غيره، فإن ما يتناساه الجميع، في ظل هذه «اللخبطة» الرقمية، هو الإعلان عن المجهود الذي أضاعه المغرب خلال هذا اليوم، وعدد أيام العمل وعدد من تضرروا من توقف سير العمل داخل المؤسسات العمومية وغير ذلك، خاصة وأن الجميع يعرف أن يوما واحدا من الإضراب يؤدي إلى ضياع ملايين أيام العمل وإهدار مئات الملايين من المال العام نتيجة سياسة شد الحبل بين الحكومة والنقابات، في الوقت الذي كان فيه من الممكن استعمال المنطق والعمل على حل مشاكل المضربين من طرف الحكومة ولو بالتدرج، عوض اعتماد سياسة التسويف، فيما كان على النقابات أن تظهر نوعا من المرونة في تعاطيها مع الحوار الاجتماعي عوض اللجوء إلى الإضراب الذي أهدر موارد مالية كبيرة. فمثلا في قطاع الصحة الذي يقال إن نسبة الإضراب فيه خلال هذا اليوم تراوحت ما بين 30 و40 %، فإنه يعد من أكثر القطاعات تضررا من سلاح الإضراب نتيجة العناد الذي تتعاطى به الحكومة مع مطالب الشغيلة الصحية، حيث كانت السنة الماضية من أكثر السنوات إضرابا عن العمل في هذا القطاع حيث كانت تصل مدة الإضراب في بعض الشهور إلى ثمانية أيام دون أن يطرأ أي تغيير على مطالب الشغيلة الصحية، في الوقت الذي كان فيه بالإمكان تفادي هذا الأمر لو تمت الاستجابة إلى مطالبها، شأنها في ذلك شأن مطالب موظفي البلديات والجماعات المحلية الذين دخلوا العام الماضي في سلسلة طويلة من الإضرابات لم تؤد إلى أية نتيجة، فيما يعتبر قطاع التعليم أحد القطاعات التي تستعمل هذا الحق من أجل الحصول على عطل مؤدى عنها، مما يضيع على التلاميذ والطلبة مئات الآلاف من أيام الدراسة، خاصة بالجامعات والكليات التخصصية التي تستدعي ضرورة توظيف كل الجهود من أجل تخريج أجيال الغد التي بإمكانها ضمان السير العادي للمؤسسات بالبلاد.
إن الحديث عن الإضراب وانعكاساته على الطرفين، النقابات والحكومة، لا يعني هجوما على هذا الحق، أكثر مما نريد لفت النظر إلى أن أغلب الإضرابات التي يعرفها المغرب تأتي نتيجة لتضارب مصالح الطرفين على حساب طرف ثالث هو الشعب الذي يبقى المتضرر الأول منها، خاصة إذا علمنا أن أغلب النقابات التي تدعو إلى الإضراب تقوم بذلك من أجل حماية مصالحها التي تحاول تغليفها بالدفاع عن مصالح الشعب، في الوقت الذي لا يريد فيه هذا الشعب سوى أن تتوفر له سبل العيش الكريم بعيدا عن هذا السيل الجارف من الدكاكين النقابية التي تدعي كلها الحديث باسم الشعب.
من ناحية أخرى، أعتقد أن الحكومة بإمكانها مواجهة هذا الأمر بتوفير العمل الكريم والتمدرس والتطبيب والسكن للشعب، وبذلك فإنها تقطع الطريق أمام موجات الإضراب، أما غير ذلك، فإن أي حوار اجتماعي لن يكون سوى كلام في الهواء يهدف إلى تكريس سياسة التسويف الحكومي وتشجيع النقابات على تسويق نفسها ليبقى الخاسر الأكبر هو الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.