«التجارة بالفتيات المغربيات تحدث أكثر مما كنا نعتقد»، هذا ما تقوله الأخصائية في علم الاجتماع، منية خطيب. جاء هذا التعليق بعد أن اعتقلت الشرطة، قبل أسابيع، شبكة لتهجير الفتيات المغربيات نحو الخليج. ويشتبه في كون المعتقلين يعملون في إطار تنظيم إجرامي دولي واسع النطاق ينشط في تهريب القاصرات من المغرب إلى الإمارات والبحرين وأقطار أخرى... يقول «ع.ث»، أحد الوسطاء من مهجري الفتيات المغربيات: «نعمل على استقطاب الفتيات، واللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و20 سنة بذرائع زائفة، ونخضعهن للعمل في الدعارة في الخليج». اعتقلت الشرطة عددا من المشتبه فيهم وداهمت بيوتا في عدة مناطق بمدن مختلفة، لكن سلطة وسطاء الدعارة قوت نفوذهم ليصبحوا مهربين أكثر مما كبحت نشاطهم المكثف. ويضيف: «أمل كل مومس أن تغادر إلى الخليج بعد تجربتها الأولى في المغرب، لأن الأسعار هناك جد مرتفعة وما يمكن أن تحصله هنا في سنة يمكن أن تجنيه هناك بسهولة وفي ظرف قياسي لا يتعدى شهراً». وأردف قائلا: «عمل الوسطاء لا يقتصر على القوادة الداخلية، فغالبيتهم يعملون مع شبكات التهجير الدولية، لأن غالبية الفتيات المحترفات يفضلن الخليج حيث المال». ويؤكد بقوله: «بالنسبة إلينا كوسطاء، الأمر مغر جدا لأننا نجني من عملية تهجير واحدة أكثر مما نجنيه من ترتيب سهرة على شرف أحد الأثرياء، وخصوصا إذا كان مغربيا». منظمة واسعة النطاق يقوم تجار الرقيق الأبيض بتزويد الفتيات المستقطبات بجوازات سفر مزيفة، وتذاكر للسفر، وتعليمات عن كيفية التصرف عند وصولهن إلى مطار دبي الدولي أو أي مطار آخر. يقول مصدر أمني، فضل عدم ذكر اسمه: «لم نر من قبل منظمة كالمنظمات التي تعمل في الوقت الراهن في تهجير الفتيات، فمثل هذه الشبكات المنظمة تعمل بخطط محكمة، ولها جذور وامتدادات نافذة لا يمكن إنكارها بأي حال من الأحوال». يغري تجار الرقيق الأبيض ضحاياهم أو يسيطرون عليهن بتخويفهن بكشف حقيقتهن لعائلاتهن. ويتم إقناع الفتيات بالتعهد بدفع الديون التي تترتب عليهن من خلال تسفيرهن إلى الخليج وإجبارهن على العمل في الدعارة لتسديد تلك الديون. رحلة إلى المجهول على الرغم من تضييق السلطات الأمنية الخناق على الفتيات الراغبات في السفر إلى الخليج، فإن مصدراً أمنياً أكد أنه من خلال عملية جرد قامت بها الشرطة تبين أنه منذ يناير من العام الفائت غادر ما لا يقل عن 140 فتاة مغربية إلى الخليج دون أن تعرف السلطات وجهتهن، فيما تمكن طاقم من المحققين من منع بعض الفتيات من المغادرة. يقول المصدر الأمني: «تمكنا من إنقاذ عدد من الفتيات اللواتي عملن في الدعارة، كما تمكنا من منع بعضهن من المغادرة إلى الدول التي تختفي فيها الفتيات في سوق الدعارة». كانت الحملة التي قامت بها الشرطة، يقول المصدر الأمني، ناجحة لكن الفتيات ال140 اللواتي تمكن من المغادرة يشكلن جزءاً ضئيلاً من مشكلة ضخمة ومستعصية. نظريا، تعتبر مشكلة وسطاء الدعارة من المشاكل التي تستحق منحها الأولوية على سلم المعالجة وإيجاد الحلول. ولكن عمليا، هنالك الكثير لتحسينه على المستوى التنفيذي، توضح الأخصائية في علم الاجتماع مونية خطيب قبل أن تردف قائلة: «هنالك عدد قليل من الشرطة والمعدات المؤهلة لإجراء التحقيقات ومساعدة الضحايا على النجاة من أيدي الوسطاء من تجار اللحوم الأنثوية». أعادت السلطات بعدد من الدول الخليجية، وخصوصا الإمارات، عددا من الفتيات اللواتي عثرت عليهن في شوارع الدعارة إلى بلدهن. يقول مصدر أمني: «إذا تعاونت الضحية مع المحققين وقامت برفع دعوى ضد المجرمين فستحصل على تصريح إقامة مؤقت ومحدود المدى، لكن غالبيتهن يرفضن ذلك لأنهن يرغبن في العودة إلى هناك، وفي نهاية الأمر تقوم السلطات بترحيلهن إلى بلادهن». وغالبية الفتيات لا يرغبن في الرجوع إلى بلادهن، ذلك أن هدفهن هو البحث عن «مستقبل أفضل.»