هل يتجه صناع القرار في المغرب إلى إجراء تعديل وزاري بعد مرور أقل من 6 أشهر على تنصيب حكومة عباس الفاسي أم إن أمر التعديل مجرد إشاعة يراد بها بث الحياة في مشهد سياسي جامد؟ في هذا السياق، يرى العديد من المهتمين أن كل مبررات التعديل قائمة، منها أن حكومة عباس الفاسي ليست فقط حكومة أقلية، وإنما هي أيضا أضعف حكومة في تاريخ المغرب ومشدودة بفاعل سياسي من خارجها هو فؤاد عالي الهمة الذي أضحى له وزراء يمثلون جمعيته «حركة لكل الديمقراطيين» داخل الحكومة. ومن مبررات التعديل الوزاري، هناك من يطرح فشل الحوار الاجتماعي مع النقابات وعجز الحكومة الحالية عن الاستجابة لمطالب الفئات الاجتماعية من ذوي الدخل المحدود ووضع البلد أمام فوهة الإضرابات العامة، فيما يشير البعض الآخر إلى اعتبارات أخرى قد تعجل بتعديل حكومي في الأيام المقبلة، وهي اعتبارات متعلقة بتركيبة الحكومة نفسها من حيث ارتفاع عدد وزرائها وعدم الانسجام الحاصل في ما بينهم. وليس هذا فحسب، فهناك من يرى في الوضع الصحي لكل من الوزير الأول عباس الفاسي وعبد الصادق ربيع الأمين العام للحكومة والمسؤول عن تجميد العديد من مشاريع القوانين مبررا لتعديل حكومي قريب. أما لحسن الداودي، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فيقول إن الوضع الحالي للمغرب والأزمة السياسية والاجتماعية التي دخلها مع حكومة عباس الفاسي لا تتطلب تعديلا وزاريا، وإنما تتطلب رحيل الحكومة نفسها والتحضير لانتخابات سابقة لأوانها تفرز بشكل شفاف حكومة أغلبية قادرة على إنقاذ البلاد من هذه الأزمة، مضيفا في تصريح ل«المساء»: «إن هناك أكثر من مبرر لرحيل حكومة عباس الفاسي بعد أن أدخلت البلاد في سياسة التقشف التي تعني أن بلدنا في أزمة». غير أن التعديل الحكومي في نظر أستاذ العلوم السياسية عمر بندورو لا يخضع لاعتبارات سياسية موضوعية، بل يخضع لاعتبارات تحلل وتحدد من طرف القصر الملكي، مشيرا في تصريح ل«المساء»، إلى أن المغرب لا يتوفر على أغلبية ومعارضة وفق المعايير الديمقراطية المتعارف عليها دوليا، حتى يكون التعديل الوزاري خاضعا لضغط سياسي داخل البرلمان، وإنما تبقى الرغبة الملكية هي المتحكمة في أي تعديل. «ولأن الأمر كذلك، يقول بندورو، فإن الحركة الشعبية الموجودة حاليا في المعارضة، مثلا، يمكن أن تصبح غدا في الحكومة إذا ما أراد الملك ذلك». وحسب بندورو، فكل المعطيات التي تساق لتبرير التعديل الحكومي تبقى مجرد تبريرات ثانوية خارج الإرادة الملكية.