تعتبر نادية ياسين، ابنة القائد الروحي للعدل والإحسان، شخصية فريدة، ذكية ولكن في الوقت نفسه مناورة واستفزازية إلى أبعد الحدود. عايشت تكوين الجماعة وعاشت مواجهاتها مع السلطات الرسمية. قربها من الشيخ أهلها لتكون ناطقة باسم الجماعة. هذه اعترافات السيدة الأولى في العدل والإحسان. - ما هي حقيقة العدل والإحسان، علما بأنكم ترفضون الانخراط في النقاش السياسي وتوضيح نواياكم؟ < قواعد اللعبة يتم فرضها من خلال منظومة القوانين والطقوس المخزنية. بالنسبة إلي، لا توجد لا أحزاب سياسية ولا قصر، إنهما وجهان لعملة واحدة. كما لا يوجد جهاز تنفيذي وآخر تشريعي. الأحزاب ترى فينا، بطريقة أو بأخرى، خصوما ومنافسين لها لكوننا، في نظرها، نتطفل على الدور المنوط بها رسميا. الانتخابات الأخيرة أظهرت مدى فداحة كارثتهم. ونحن لسنا مستعدين لتبني خريطة طريقهم التي لا تؤدي سوى إلى نفق مسدود. - وهل هذا الاستنتاج صحيح أيضا بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية الذي يتقاطع معكم في المرجعية نفسها، لكنه اختار أن يعمل في إطار القانون؟ < ربما لم يدرك حزب العدالة والتنمية بعد أنه اقترف خطأ. الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، ربما ابتعد الآن بما يكفي، ليدرك أنه وقع في شباك سلطة فاسدة حولته من فارس اليسار المحارب إلى ممسحة لخدمتها. ربما وصل حزب العدالة والتنمية في وقت أبكر مما نتصور إلى استخلاص النتائج الجيدة، هذا إذا لم يكن قد وصل إليها فعلا بعد الصفعة الانتخابية الأخيرة. لكن، من الصعب على الأشخاص الاعتراف بأنهم أخطؤوا. في جميع الحالات، فإن صدقهم ليس محلا للشك على عكس رؤيتهم. - ألم تصنع هذه المواقف من أجل تغيير النظرة السلبية، المناهضة للديمقراطية، إلى الإسلام السياسي الذي تنادون به؟ < إطلاق الإسلاميين أصبح موضة السياسة الإمبريالية العالمية. ومن الأشياء التي يوصى بها جعل الإسلام العدو الذي يجب القضاء عليه، وتكريس أحكام مسبقة تجعله عدو المرأة، وعدو الأقليات، وعدو الحداثة، وعدو كل شيء حداثي، عن طريق الأسئلة الكبرى حول الديمقراطية والحريات العامة. هل تساءلنا يوما عن سبب هذا الحقد على الإسلام السياسي والذي يطلق عليه أيضا «الإسلاموية». إن العولمة تملك نفوذا كبيرا جدا وهي على الأبواب. أنا لا أتحدث هنا عن العولمة التواصلية بين الشعوب، وإنما أتحدث عن الوجه الآخر من العولمة الذي ينتظرنا. كنا مستعمرين، أما الآن فقد تمت إعادة استعمارنا. - هل يعن ي هذا أن الحل هو إقامة دولة إسلامية من طرف العدل والإحسان؟ < ليس الآن. العدل والإحسان لا يريد أن تورث مغربا يغرق. وحده الجهد المشترك بين كل القوى الحية في هذه الأمة يمكنه أن يخرج المغرب من الأزمة. - إنك تناقضين نفسك يا سيدة ياسين. فمن جهة، تتهمين اللاعبين السياسيين بكونهم «عملاء»، ومن جهة أخرى تؤكدين أن مساهمتهم مهمة من أجل التغيير؟ < لنقل إننا في الوقت الحالي، لن يتم خداعنا. إذا وجدنا فرصة، فرصة حقيقية، لتغيير واقع المغاربة من الداخل، فلن نرفض إطلاقا المشاركة. - هذا ليس موقفا شجاعا... < لكن الأمر بسيط للغاية. إن الدستور مصنوع على قياس شخص يجمع كل السلطات وكل الثروات في يده. إذن، فالأمر يتعلق بفتح أقفال النظام، الذي يعتبر من أكثر الأنظمة استبدادية، مع العلم بأن الجمع بين الديمقراطية والاستبداد ضلال. آخر مظهر من مظاهر استبداد هذا الدستور هو القضية الشهيرة لفؤاد مرتضى. هذا النظام هو نظام تعسفي يحتقر حقوق الإنسان. فأي ممارسة عادية على الأنترنيت تصبح جريمة يعاقب عليها. ترجمة سهام إحولين