تتجه الحكومة نحو تبني آليات زجرية لمكافحة ظاهرة المضاربة العقارية، خاصة في الجانب المتعلق بالعقارات المدعمة من قبل الدولة، وذلك وسط مخاوف في صفوف عدد من المنعشين العقاريين. وشكلت الحكومة من أجل ذلك لجنة وزارية مصغرة، تضم كلا من وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الإسكان وكتابة الدولة لدى وزير الإسكان والتنمية المجالية المكلفة بالتنمية الترابية. وتعكف هاته اللجنة على إعداد خطة للحد من المضاربة العقارية، يكون عمودها الفقري صياغة نص قانوني يفرض جزاءات على المتورطين في هاته الأنشطة المضرة بسياسة الدولة في قطاع السكن الاجتماعي، يؤكد مصدر مسؤول. المصدر نفسه أكد ل «المساء» أن هاته الجزاءات، التي تبدأ بغرامات مالية وتتدرج عقوبتها، وفق حجم وطبيعة المخالفة المرتكبة، إلى عقوبات سالبة للحرية، ستكون معززة بنص قانوني آخر يروم فرض ضرائب مضاعفة على مالكي الشقق الشاغرة. وأوضح المصدر ذاته، أن الحكومة تتوفر على معطيات يجري تحيينها الآن تشير إلى وجود نحو 700 ألف شقة شاغرة بالحواضر المغربية، وأنها ستنفذ خطة مكافحة المضاربة العقارية بناء على «خارطة طريق» يحددها مكتب دراسات مختص عهد إليه أمر إعدادها، حتى تتسم مبادرة الحكومة بما وصفها ب«الدقة والفعالية». وأبرز نفس المصدر أن الحكومة وجدت نفسها مضطرة إلى تبني إجراءات جزائية للحد من المضاربات العقارية التي تهدد القدرة الشرائية للمواطن المغربي، خاصة بعدما تبين أن مضاربين حازوا مئات الشقق المخصصة للسكن الاجتماعي بثمن مدعم من طرف الدولة قبل أن يعاودوا ترويجها بأسعار خيالية. وفي الوقت الذي أكد فيه المصدر ذاته أن خطة الحكومة ستستثني الشقق الشاغرة التي هي في ملكية العمال المغاربة بالخارج والمنازل الثانوية للمواطنين، عبرت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين عن تخوفها من تكتم الحكومة على الخطوط العريضة لهاته الخطة. وقال يوسف بنمنصور، عضو الفيدرالية في تصريح ل«المساء»: «إننا داخل الفيدرالية مع مكافحة المضاربة العقارية على نطاق واسع، لكن كذلك مع كشف عمل الحكومة في هذا الاتجاه، قبل خروج النص القانوني إلى حيز التنفيذ». وأشار بمنصور إلى أن «الحكومة مطالبة بإعداد دراسة علمية، وعرض نتائجها للنقاش بين الهيئات ذات الصلة بالموضوع، قبل أن تحيل النص القانوني لمكافحة المضاربة العقارية على البرلمان». ودعا حمد المسكاوي، المنسق الوطني لهيئة حماية المال العام، الدولة إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة في مجال حماية المال العام وحقوق الشعب، التي تنهبها لوبيات المضاربة في العقارات الاجتماعية المدعمة من قبل أموال دافعي الضرائب. وحذر المسكاوي من مغبة تغاضي الدولة عن الفراغ القانوني الموجود على مستوى محاربة المضاربة العقارية، معتبرا أن عدم استدراك هذا الثقب التشريعي يسمح بنهب المال العام وصب الزيت على نار أسعار العقار أكثر بالمغرب.