قال الحبيب بن يحيى، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، إن الاحتفال بمرور خمسينية اجتماع طنجة للمنظمات والحركات التحريرية بالمغرب العربي «ما هو إلا شحنة جديدة لمواصلة النضال». وأضاف بن يحيى، في حوار أجرته معه «المساء»، أن المغرب العربي يوجد الآن أمام نضال جديد ومسائل عابرة كبيرة وكثيرة ومؤثرة على المستقبل. وأشار بن يحيى إلى أن أهم التحديات أمام المغرب العربي هو الجيل المغاربي الناشئ ومقاومة التصحر، مضيفا أن كل هذه التحديات الأمنية والوطنية متشابكة، ولا بد من إيجاد حلول مشتركة أمام تحديات مشتركة. - اتحاد المغرب العربي يوجد حاليا في «غرفة إنعاش»، هل هناك أمل في إنعاشه؟ < أنا أقول إن اتحاد المغرب العربي حي يرزق، لأن الإرادة السياسية موجودة لدى القادة. هناك طبعا مشاكل وكلنا بشر. لنا تصورات تختلف في بعض الأحيان، لكن هذا لا يمنعنا من الاجتماع تحت مظلة المغرب العربي الذي خلق سنة 1989 بمراكش. أنا أعرف أن القادة في دول المغرب العربي يتطلعون إلى مزيد من العمل المشترك في هذا الإطار، ولعل وعسى أن يفرّج عنا سبحانه وتعالى في حلول تأتي مستقبلا. -: من أين ستأتي هذه الحلول؟ < (يضحك) من نيويورك.. أنت تعرف من أين ستأتي. - ما الذي يقف عائقا في وجه اتحاد المغرب العربي؟ < منذ أن استقلت الدول المغاربية وكل واحدة منها كانت منغمسة في بناء الدولة العصرية بمؤسسات جديدة وبرلمانات وانتخابات ومقاومة التخلف وإنجاز العديد من البرامج الإصلاحية والقيام بالواجب نحو الأجيال الصاعدة. كل هذه الفرضيات تركت دول المغرب العربي تنكب في أولى أولوياتها على دعم هذا البناء. -: لكن، ما هي العوائق الجوهرية التي منعت تقدم هذا الاتحاد؟ < العوائق معروفة. فمنذ لقاء مراكش والتشاور متواصل. وهناك أجيال قامت بواجبها وعرفت أن النضال لا يمكنه الاقتصار على نضال بلد واحد وحركة واحدة، فتم التنسيق بين البلدان المغاربية الأخرى، وإن شاء الله أتمنى أن نسترجع هذه الروح النضالية. أنا متفائل لأن النضال أحيانا يمر بأوقات صعبة، فوقت النضال المسلح فقدت فيه الجزائر مليونا ونصف المليون جزائري، فلا بد أن نضحي بعدد من الأشياء حتى نصل إلى الخروج من هذا التحدي، وهو الآن أصعب من الاستعمار. إنه تحدي التغلب على التخلف الاقتصادي والفكري حتى تصبح الدول المغاربية كما كانت عليه وقت الأندلس. فتلك الحقبة تعتبر التربة الطيبة التي أتت بالعلامة عبدالرحمان بن خلدون وغيره من الذين أبدعوا وأعطوا للإنسانية الكثير، ولا أظن أن قريحة المغاربيين وقفت عند عبد الرحمان بن خلدون. - هل قضية الصحراء هي المشكلة الأساسية أمام تفعيل اتحاد المغرب العربي؟ < قضية الصحراء موجودة وطرحت على مستوى الأممالمتحدة ولدى وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي في اجتماعاتهم. نقول إن هذه القضية في يد الأممالمتحدة ونأمل أن تأتي بنتيجة سريعة حتى ننطلق في عمل بناء الأخوة. إن أهمية هذه القضية يشعر بها كل المغاربيين، المهم ألا نتشاءم مهما صعبت التحديات. مهما اختلفنا لابد أن نمضي قدما بهذا التفاؤل الذي ولد بطنجة ودعم فيها وسنواصل بهذه الروح النضالية. - ما الذي يمنع حل قضية الصحراء في إطار اتحاد المغرب العربي عوض البحث عن حلول خارجية؟ < لم تطرح هذه القضية على مستوى اتحاد المغرب العربي باتفاق بين القادة. هذا الملف موجود بين أيدي الأممالمتحدة، بل حتى الجامعة العربية لا دخل لها في هذا الموضوع. - هل يمكن أن يكون مقترح الحكم الذاتي للصحراء حلا مناسبا؟ < هناك مبادرة مغربية طرحت لدى الأممالمتحدة، والتي نأمل أن تؤدي إلى حل نهائي. - ما هو موقف بلدان المغرب العربي من مشروع الاتحاد المتوسطي الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي؟ < في الجلسة الاستشارية، في شهر يناير الماضي، لوزراء خارجية اتحاد المغرب العربي بالرباط في الأمانة العامة، تم تدارس هذا الاقتراح. وسنجتمع في يوليوز المقبل بطرابلس على مستوى وزراء الخارجية وسنواصل دراستنا لهذا المشروع. نأمل أن نخرج بنظرة موحدة حول هذا المقترح الفرنسي. - أزمة المياه والغذاء وارتفاع الأسعار من بين أهم المشاكل التي تواجه العالم يوما بعد يوم، هل هناك إمكانية تعاون بين بلدان المغرب العربي لتدارسها بغض النظر عن المشاكل السياسية؟ < هناك العديد من المشاريع بهذا الخصوص. لقد عقد اجتماع وزراء الزراعة والفلاحة بنواكشوط في شهر دجنبر الماضي، وتم التطرق إلى هذه المواضيع لإيجاد حلول مشتركة واختيار الأراضي الخصبة المغاربية من موريتانيا إلى ليبيا بتمويل مشترك حتى يكون الإنتاج أوسع ويمكن أن يسدد حاجيات الدول المغاربية. هذا التصور الذي طرحه الإخوة الوزراء نأمل أن يتم تتبعه. كما أن هناك لجانا فنية تشتغل بعيدا عن أضواء الإعلام. لكن أؤكد، وهذه أول مرة أقولها للصحافة، أن العمل بين اللجان المغاربية مستمر وهي تلتقي مرتين كل أسبوع، بما فيها لجان الخبراء وكبار الموظفين ووزراء يشتغلون ويتناقشون. إنهم يختلفون أحيانا، وهذا طبيعي، لكن غالبا ما يخرجون بتوافقات حول الحلول. وقبل نهاية هذه السنة ستثبت هذه الرؤية لأنني متفائل، وكل مشكلة لها حل. - هل يمكن أن نطمح قريبا إلى إلغاء محتمل «للتأشيرة» بين بلدان المغرب العربي؟ < هناك بعض البلدان لا توجد بينها تأشيرة كما هو الحال بين المغرب وتونس أو بين تونس وليبيا. وطبعا فحرية التنقل أساس معاهدة مراكش، فالطريق السيار الذي تدشنه كل دولة ومشروع السكك الحديدية المغاربية كلها من المشاريع الوحدوية التي يمكننا أن نركز عليها، لأننا قريبا سنجني ثمار هذه المشاريع الكبرى.