لم يكن المدعو عادل رماش، وهو أحد أطر وزارة العدل، يدرك أنه سيقف أول أمس الاثنين أمام وكيل الملك لدى ابتدائية سيدي سليمان، ليس في إطار مهمة رسمية بصفته نائب الوكيل العام التي طالما نفذ عمليات نصب باسمها، ولكن كمتهم بتهم ثقيلة. كان رماش (42عاما)، الذي هزت واقعة اعتقاله وزارة العدل بالرباط بتهمة التورط في تزعم أكبر شبكة نصب باسم القضاء المغربي، يسير بخطى متثاقلة وهو يدخل مكتب الوكيل المذكور مربوط اليدين إلى الوراء ورأسه في الأرض، بعدما سحب ملف قضيته من محكمة القنيطرة. فلم يشفع كرم رماش مع موظفي استئنافية القنيطرة ولا قيمة الهدايا التي كان يقدمها إلى عدد من أطرها ولا حجم الخدمات التي ظل يسديها لكثير منهم، في جعل أحدهم يجرؤ حتى على التحدث إليه وهو مركون رفقة أصحاب السوابق في قضايا القتل والنصب والمخدرات بزنزانة الاعتقال الاحتياطي بابتدائية سيدي سليمان. وقوف نائب الوكيل العام المزور أمام وكيل الملك جعله ينهار في لحظة ويشرع في رواية حكايته مع تهمة «انتحال صفة نائب الوكيل العام». التي بدأت على سبيل المزاح من قبله قبل أن يخترق عبرها القضاء من الداخل وترمي به وراء قضبان. سقوط رماش في قبضة العدالة جاء عقب وضع جهاز الاستخبارات المدنية، المعروفة اختصارا باسم «الديستي»، تحركاته المشبوهة شهورا تحت المراقبة، إلى أن رأى الوكيل العام لاستئنافية القنيطرة بعين محترفة أن نائبه المزور بات على مرمى حجر من السقوط في الشباك. التحقيقات التي باشرتها (فرقة مكافحة العصابات بأمن القنيطرة)، المعروفة بفرقة (الرعب)، مع المتهم قادت إلى اعتراف رماش باستغلال وضعيته المهنية بوزارة العدل لانتحال صفة نائب الوكيل العام للملك بالقنيطرة، وهي الصفة التي مكنته من إسقاط عدد من الضحايا في شباكه. رماش لم يكن وحده ينصب باسم القضاء، بل ساعدته في ذلك شبكة سماسرة أسست فقط لاستقطاب الضحايا تحت قيادة امرأة تدعى «الشوافة». «الشوافة» التي حررت مذكرة بحث وطنية في حقها، بالموازاة مع بحث الشرطة عن مطلوبين آخرين في قضية رماش، كانت، وفق معطيات حصلت عليها «المساء»، مسؤولة عن تنظيم ليال وترتيب مواعيد لنائب الوكيل العام المزور ومن معه، قبل انفجار هاته القضية التي من المرجح أن تطيح شظاياها برؤوس أخرى.