منذ دخول قرار وقف إطلاق النار بالصحراء المغربية عام 1991 وقوات «المينورسو» الأممية تتواجد بالمنطقة في سياق رغبة منتظم الأممالمتحدة في البحث عن حل نهائي لقضية المغاربة الأولى في مواجهة جماعة البوليساريو الخارجة عن الإجماع المغربي. ومنذ هذا التاريخ، وإلى يومنا هذا، وقضية الصحراء المفتعلة بدعم من حكام الجزائر، تعرقل كل جهود قيام اتحاد مغاربي وخلق وحدة واندماج وتكامل اقتصادي واجتماعي بين شعوب المنطقة، خاصة وأن المغرب لم يترك أي مبادرة وأي مقترح إلا وتقدم به من أجل وضع حد لهذا النزاع. فمن مقترح الاستفتاء إلى مختلف الحلول التي حملها مبعوثو الأمين العام الأممي المختلفين من جيمس بيكر إلى فان فالسوم، سواء للمغرب أو للطرف الآخر، كان المغرب دائما يعتمد سياسة اليد الممدوحة وفتح الأبواب أمام إخواننا للالتحاق بركب التنمية بالمغرب عموما وبالأقاليم الصحراوية خصوصا، دون أن تجد دعواته آذانا صاغية من طرف القابضين بزمام القرار داخل البوليساريو الذين أثبتت الأيام أنهم ليسوا أسياد قرارهم بل يتم تحريكهم من وراء الكواليس المغلقة لقصر المرادية بالجزائر ومكاتب جنرالات الجيش الجزائري. اليوم، ومنذ ما يزيد عن السنة طرح المغرب مقترحه الأخير القاضي بمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا، ودخلنا في مفاوضات مع البوليساريو لم تتجاوز حد بيانات وتصريحات للمبعوث الأممي بيتر فالسوم تتحدث عن وجود صعوبات في إقناع البوليساريو التي تريد من هذه المفاوضات إضاعة الوقت أكثر ما يمكن للاستمرار في استغلال القضية لاستجداء المساعدات ومحاصرة المحتجزين المغاربة بتيندوف. فأربع جولات من المفاوضات تؤكد أنه لن يكون هناك أي تقدم في مسار المفاوضات ما دامت الأممالمتحدة تستعمل الليونة مع الطرف الآخر لإقناعه بمدى جدية قرارها الأممي رقم 1745. وبالتالي يمكن أن تستمر المفاوضات لعقد أو أكثر من الزمن دون تحقيق أي نتائج تذكر. وإلى هنا، يحق لنا أن نتساءل إلى متى يمكن للأمم المتحدة أن ترعى هذه المفاوضات؟ وإلى متى يمكنها أن تطلب من مجلس الأمن إمدادات مالية إضافية لتمديد مهام بعثتها إلى الصحراء؟ وإلى متى يمكن لها أن تستمر في صرف ملايين من الدولارات ما أحوج المنتظم الأممي إليها لمواجهة مشاكل أخرى في مناطق من العالم عوض صرفها من أجل إرضاء غرور جماعة مارقة عن الإجماع المغربي ومحاولة إقناعها بعدالة المقترح المغربي الذي يريد المغرب من خلاله الوصول إلى حل مرض لجميع الأطراف رغم التنازلات الكثيرة التي قدمها من جانبه لحل هذا المشكل المفتعل. إن الإجابة عن هذه التساؤلات تكمن في ضرورة لجوء الأمين العام الأممي بان كي مون إلى استعمال صلاحياته، كمسؤول أول عن أكبر تجمع لدول العالم، من أجل منع البوليساريو في استغلال الأممالمتحدة، ومن ورائها الجزائر التي تدعمها ليس لسواد عيونها ولكن لتصريف أزماتها الداخلية. وبالتالي فإن ما نأمله كمترقبين لبزوغ الحل الأممي هو أن يفعل الأمين العام القرارات الأخيرة الصادرة بخصوص الصحراء ويترجمها على أرض الواقع، خاصة وأن المغرب مستعد لمنح إخواننا في الصحراء كل الآليات والضمانات التي ستخول لهم تدبير شؤونهم بأنفسهم. ومن ناحية أخرى، أعتقد أن الأمين العام، الذي صرح مؤخرا بأن الأطراف المعنية بالنزاع في الصحراء عليها إيجاد حل عاجل، أقول عليه أن يعرف أن المغرب لا يعرقل جهود التسوية التي تقوم بها الأممالمتحدة، وعوض وضع البيض كله في سلة واحدة واتهام الطرفين بأنهما الحجرة التي تعرقل عجلة السير بالملف إلى نهايته، عليه أن يقتنع بأن المغرب عندما قدم مقترح الحكم الذاتي كان يقدم أقصى التنازلات، وإلا ما كان له أن يولي أي اهتمام لهذا الملف ما دام يبسط سيطرته على الأقاليم ويعترف سكانها بولائهم للسلطة المغربية، وبالتالي، فإذا كان لا بد من حل لهذا النزاع، فإنه يجب أن يكون من طرف السيد الأمين العام وأن يفرضه ولو بقوة الحديد والنار، عوض انتظار أن يقبل الطرف الآخر، الذي أصبح مع مرور الوقت يتقن ممارسة الاتجار في السياسة وتسول المواقف من بعض ضعاف النفوس بعد أن توفر لهم الجزائر الغطاء اللازم بعد أن يعمد حكامها إلى تسويق أسلوب دبلوماسي جديد يتجلى في ما أصبح يعرف ب»النفط مقابل الاعتراف بالبوليساريو». فالمغرب الذي يتوفر على شهادات عديدة من طرف كبار العالم بعدالة قضيته، آخرها ما قاله وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته الأخيرة للرباط، أول المتطلعين للحل النهائي وأول من سيقبل بما سيتم تقريره، لكن لا أعتقد أن الحل يجب أن يمر بالضرورة عبر خلق كيان جديد في المنطقة، خاصة في ظل التوجه العام الجديد الذي أصبح يشجع التكتلات. لقد قلناها مرات عديدة ونعيد قولها مرة أخرى: إن أي حل خارج ما يطرحه المغرب وما قررته الأممالمتحدة لن يكون له أي صدى في قلوب المغاربة من طنجة إلى لكويرة، وما على السيد بان كيمون إلا أن يفصح عما يتوفر عليه من حلول لهذه القضية وهل لديه آليات لتطبيقها.