احتضنت مدينة سعيدة، في غرب الجزائر، الملتقى الخامس للنقد الأدبي، في محور الأدبي والإيديولوجي في رواية التسعينيات بالجزائر، وذلك أيام 14-15 و16 أبريل الجاري، بمشاركة 17 ناقدا متدخلا ينتمون إلى الجامعات والمراكز الجامعية التالية: وهران، خنشلة، جيجل، الاغواط، بشار، تلمسان، سيدي بلعباس، معسكر، عنابة، المسيلة، الجزائر العاصمة، سعيدة، وكلية الآداب ابن مسيك بالدار البيضاء. الرؤية والتاريخ والإيديولوجيا افتتح شعيب حليفي (كلية الآداب – ابن مسيك الدار البيضاء) جلسة المداخلات الأولى بورقة بعنوان (قراءة ثقافية في رواية عرس بغل) من خلال محورين اثنين: الأول عرض فيه الرواية والتخييل والإيديولوجيا، لينتقل إلى المحور الثاني محللا رواية «عرس بغل» عبر تفكيك فشل الاجتياز، مبرزا كيفيات نهوض وتشكل المتخيل في الرواية من المناخ الاجتماعي المثقل بترسبات أوهام وهزائم وإحباطات، من رجات الصدام بين الطموح واليأس، ناحتا لذلك مرايا مكسورة تنعكس عليها الأوعاء.. ويستعير الكاتب في بناء دلالاته جملا سردية وأوصافا من التعبيرات البسيطة والشفوية والخالية من البذخ، كما يعمد إلى اقتصاد الصورة والتركيز على بناء الشخصية، بل بالأحرى بناء ما تهدم منها.. صور للحطامات تضيء الصراع الأزلي بين الحياة وأوهامها، بين الزيف والحقيقة،كما يلجأ إلى السخرية التي تفضح وتنتقد. وفي موضوع (ذاكرة ومزاد .. في أزمة الكساد. ورقة حول حارسة الظلال) تدخل بشير بويجرة (جامعة وهران) حيث قدم تحليلا فنيا وافيا بلغة نقدية أبرزت حقيقة الكينونة العلائقية الكامنة بين النص وبين فضاء مدينة الجزائر الذاكرة في رواية حارسة الظلال لواسيني الأعرج، وما تحفل به من قضايا تمتح من هدير الهزات الاجتماعية، ضمن سمفونية نصية راقية. الجلسة الثانية تدخل فيها حسين أبو النجا(المركز الجامعي المسيلة) بورقة نقدية تحمل عنوان: الإيديولوجيا الاجتماعية في «المشاهد العارية» لجيلالي عمراني، حيث استطاع الناقد الكشف عن هشاشة النص، فنيا، لينتقل إلى البحث عما أسماه الإيديولوجيا الاجتماعية، وهي تتكئ في تشكلها على أحداث اجتماعية مخصوصة. وحول الديني والإيديولوجي في الرواية الجزائرية المعاصرة، قارب محمد صالح خرفي(المركز الجامعي جيجل) روايات الطاهر وطار من خلال العتبات أولا، لينتقل إلى الديني ثم الإيديولوجي مفككا قيم الصراع والإجابات التي يقدمها الطاهر وطار في صياغات فنية متنوعة. أما قادة عقاق (جامعة بلعباس) فيختار رواية محمد ساري « الورم» للحديث عن النزعة الإيديولوجية وعلاقة الأدب بواقعه ومرجعية منتجه، ثم المضمون الاجتماعي وصور الشخصيات، باعتبارها تقدم دلالات إيديولوجية. ويختم هذه الجلسة محمد ملياني (جامعة تلمسان ) بالعودة إلى رواية «الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي»، من منظور اختيارات الكتابة، متوقفا عند ميثاق القراءة والأسلوب، ليخلص إلى أن الرواية هي مشروع ارتبط بمهمة الفضح والاحتجاج. الإيديولوجيا، اللغة، الأفكار افتتح عبد اللطيف محفوظ ( كلية الآداب ابن مسيك – الدارالبيضاء) مداخلات اليوم الثاني بدراسة تميزت بالنزوع نحو التنظير فكرا ولغة. وكانت بعنوان « بناء الفكرة الإيديولوجية في رواية سيدة المقام لواسيني الأعرج». وقد قسم مداخلته إلى قسمين، خصص الأول لمناقشة مفهوم الإيديولوجيا في كتابات أهم الفلاسفة الذين اهتموا بها، مقدما خلاصات معاني المفهوم عندهم ومظاهر اختلافه، منتهيا إلى اقتراح تحديد تركيبي مناسب للإيديولوجيا في الأدب انطلاقا من تركيب بين وجهتي نظر ريكور وإيغيلتون، ومضمونه أن النسق الإيديولوجي يتشكل من مراتب هي التشويه وإضفاء الشرعية والإدماج. وخصص القسم الثاني لتظهير أثر هذه المراتب في رواية سيدة المقام، معتبرا أنها تقف عند مستوى التشويه الذي يتغيا تفكيك رمزية الإيديولوجيتين السائدتين في العالم الممكن المحاكي للعالم المرجعي للرواية، وهما إيديولوجية السلطة وإيديولوجية المعارضة. أما حبيب مونسي (جامعة بلعباس) فقرأ الرواية الجزائرية انطلاقا من نص «ويصحو الحرير» لأمين الزاوي، متحدثا عن أمل الانتظار وخيبة التلقي ومحللا الكتابة الرواية وما يعتريها من اختلالات في تلقيها، على مستوى التعبير واللغة والدلالات، كما يقول الباحث. وحول الثابت الإيديولوجي في الكتابة الروائية، قارب وذناني بوداود (جامعة الأغواط) رواية «الشمعة والدهاليز عبر الحديث عن الانزياح من اللغة إلى الإيديولوجية لينتقل إلى استراتيجية الكتابة عند وطار والتفعيل الإيديولوجي للنص الروائي عنده. ليأخذ الكلمة بعد ذلك محمد تحريشي (المركز الجامعي بشار) متحدثا عن المستويات اللغوية في الخطاب السردي لدى واسيني الأعرج وكيف اشتغل عليها، خصوصا في روايته حارسة الظلال التي اعتبرها الباحث نصا يتحدى القارئ عبر ممانعته لفعل القراءة.