قبل أسابيع، دلفت امرأة في الخمسينات من العمر رفقة ابنها المراهق إلى عيادة طبيب مختص في الأمراض النفسية والعصبية بمدينة وجدة لتسر له بأنها تساعد ابنها على تعاطي حبوب الهلوسة، حيث تقوم هي بشرائها له من مراكز معينة بالمدينة حتى تتفادى هيجانه. صدم الطبيب عبد المجيد كمي لسماعه رواية الأم، التي قررت أخيرا أن تصطحب ابنها البالغ من العمر 17 سنة إلى طبيب مختص في الأمراض العقلية والنفسية عله يجد حلا لمأساة ابنها المدمن منذ سن الرابعة عشرة. وقبلها حلت امرأة في الستينات من العمر بعيادة الطبيب ذاته، لتؤكد له أنها تعمل على شراء مخدر الشيرا من نقط بيعه بأحد الأسواق المعروفة بمدينة وجدة لابنها البالغ من العمر 27 سنة. وتؤكد الأم أنها صارت تعرف مراكز بيع مخدر الشيرا وحبوب الهلوسة التي تقتنيها بانتظام لابنها خوفا من أن يقتلها ذات يوم تحت تأثير الإدمان. لم تكن الحالتان معا خارجتين عن المألوف بالنسبة إلى طبيب مختص في الأمراض النفسية والعصبية، فمثل هذا النوع من الحالات يعد بالمئات بالنظر إلى خصوصيات المنطقة الشرقية المفتوحة على كل أنواع الإدمان الذي طال الأطفال في الآونة الأخيرة. ويؤكد الدكتور عبد المجيد كمي أن عيادته صارت تستقبل في الآونة الأخيرة ما معدله 15 إلى 20 حالة إدمان على حبوب الهلوسة في صفوف القاصرين في الأسبوع الواحد، وأردف قائلا: «ويمكن لهذا المعدل أن يقل مثلما يمكنه أن يرتفع»، مشيرا إلى أن خصوصيات المنطقة الشرقية وسهولة الحصول على المادة سببان رئيسيان في ارتفاع حالات إدمان الأطفال على حبوب الهلوسة، حيث أدى إغراق السوق بهذا النوع من الحبوب إلى انتشار تعاطيها في صفوف التلاميذ والتلميذات أيضا بعدما كان حكرا في فترات سابقة على الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 سنة. وقال الدكتور كمي إن «المثير في موضوع حبوب الهلوسة في الوقت الراهن هو صغر سن المتعاطين لها، والذي أصبح يقل عن عشر سنوات». في الإعداديات كما في الابتدائيات، وفي المدارس الخاصة كما في المدارس العمومية، ليس هناك تلميذ يجهل شيئا اسمه حبوب الهلوسة، أو ما يصطلح عليه ب«القرقوبي». يقول رضا، تلميذ في التاسعة من عمره: «نعم أعرف القرقوبي، وغالبية أصدقائي يتعاطونه لأنه يساعدهم على الدراسة»، نافيا تعاطيه هذا النوع من الحبوب. وأشار إلى أن أصدقاءه يشترونه بثمن زهيد من الدكاكين المقابلة للمدرسة، «فقط بدرهم واحد»، يقول. وتضيف سارة، ذات ال11 سنة، أنها تلجأ إلى القرقوبي خلال فترة الامتحانات، لأن صديقتها أخبرتها بأنه يساعدها على الحفظ وتنشيط الذاكرة. معظم التلاميذ ينفون تعاطيهم حبوب الهلوسة، لكنهم في الوقت ذاته لا ينكرون أنهم يعرفون أصدقاء كثرا يتعاطونها، أكثر من ذلك فهم يعرفون أين تباع ومفعولها. التتمة في الصفحة السياسية.