كشف محمد جمايلي، رئيس حي «ألف 1 و2» الذي كانت تتواجد به زنزانتا سجناء «السلفية الجهادية» الفارين من السجن المركزي، عن معطيات جديدة بخصوص فرار المعتقلين التسعة، وقال جمايلي، في حديث خص به «المساء»، إن عملية هروب المعتقلين التسعة، تمت خلال الفترة الممتدة ما بين الساعة السابعة والنصف من مساء الأحد ما قبل الماضي، إلى حدود الساعة التاسعة إلا خمس دقائق من صباح اليوم الموالي، وقال: «لقد قمت بالإشراف شخصيا على إجراءات دخولهم إلى زنازينهم»، لكنه في اليوم الموالي أثناء فترة النداءات، لاحظ عدم تواجد بعض السجناء بإحدى الزنزانتين، التي وجد صعوبة في فتحها على غير العادة، ليفاجأ بحفرة عميقة، و«جعبة» حديدية سوداء موصولة بقضيب، وأكياس من الرمال، متناثرة هنا وهناك وفوق «السدة»، مضيفا، أن عبد الرحمان سينيف، سائق مدير السجن، هو من أكد له خبر الفرار، بعدما اكتشف هو الآخر حفرة بحديقة منزل المدير تحتوي على ألبسة خاصة بالفارين، وكذب المسؤول السجني ما راج حول هروب المعتقلين في وقت سابق للتاريخ المذكور، وزاد موضحا: «لقد وقعت بنفسي على سجل النداء، مساء الأحد 6 أبريل الجاري، وتأكدت شخصيا من تواجد كل المعتقلين، بمن فيهم الهاربون، وأنهيت عملي تاركا مكاني للحارس الليلي، حيث غادرت السجن المركزي متوجها إلى بيتي». وحمل المصدر نفسه، مدير المؤسسة السجنية، المسؤولية الكاملة عن هروب المعتقلين التسعة، الاثنين الماضي، وأوضح قائلا: «لقد التقيت بالمدير في الساحة الشرفية، وأخبرني بأنه سوف يقوم بتفتيش عام، يوم الخميس 27 مارس المنصرم، بحي ألف 1 و2، واستحسنت الفكرة كثيرا، لكنني فوجئت، في اليوم الموالي، بالسيد المدير وهو يحيط علما السجين عمر معروف، ذو الجنسية الدانماركية، والمحسوب على السلفيين الجهاديين، بأمر إجراء التفتيش، ويطلب منه بأن يخبر أصحابه المعتقلين بالحي المذكور بهذا القرار، قصد أخذ الاحتياطات اللازمة»، للأسف، يقول جمايلي، «إن المدير بالإضافة إلى مخالفته للقانون المتعارف عليه، بعد إفشائه السر المهني أمام السجين السلفي، لم يبادر إطلاقا، بعدها، إلى الوفاء بما وعد به، ولم يقم بعملية تفتيش، كانت بلا شك، في حالة القيام بها، ستحبط عملية الفرار». وما حصل، يضيف رئيس الحي، هو أن جميع عناصر السلفية الجهادية المعتقلين بحي «ألف»، أخفوا العديد من الهواتف النقالة، وسيديات، ومجموعة من الكتب والأجهزة الإلكترونية، التي كانوا يحوزونها، ودفنوها بباحة حي «ألف 1»، وهي المحجوزات، نفسها، التي تم العثور عليها من قبل لجنة التفتيش، المكونة من مدير السجن المدني بالقنيطرة وموظفيه، والتي جرى تشكيلها من قبل الإدارة العامة للسجون، يوم اكتشاف عملية الفرار. وقال رئيس حي «ألف»، الذي مازالت مصالح الأمن تستمع إلى إفاداته رفقة موظفين آخرين، إن من أهم الأسباب التي ساهمت كثيرا في اختمار فكرة الهروب من السجن المركزي عند السجناء الفارين، انعدام إجراءات تفتيش الزنازين، وضعف عملية تركيب المراحيض الجديدة بها، وسهولة تحريكها من مكانها، دون إحداث أي ضجة، ما أدى إلى تسرب المياه العادمة خارج قنوات الصرف الصحي إلى الرمال الجوفية، وهو ما جعل عملية جرفها والحفر فيها، حسب المصدر ذاته، تتم دون أدنى عناء، إضافة، إلى وجود إحدى الجرافات، التي كانت تحفر خلف زنزانتي الهاربين، لبناء خزان كبير للماء، حيث لفت انتباه المعتقلين التسعة الهاربين، الذين كانت نوافذ زنازينهم، تطل مباشرة على موقع الحفر، أن الجرافة ترفع الرمال فقط، دون أن تصادف أي حاجز، سواء كان إسمنتا أو حجرا أو ما شابه ذلك، وهو ما شجعهم، يضيف الجمايلي، على القيام بخطوة مماثلة، لكن في هذه المرة، بأدوات بسيطة. ورجح المسؤول السجني أن يكون الهاربون حصلوا على معدات الحفر، إما عن طريق تواصل زملاء لهم، يقبعون بحي «جيم»، مع سجناء الحق العام، حيث يتمتع هؤلاء بامتيازات فوق العادة وفرها لهم المدير، أو جرى تسليمها إليهم، من قبل سجناء انتدبوا، مقابل 50 درهما، للاشتغال، دون فرض مراقبة عليهم، مع الشركة المكلفة بتجديد المراحيض وإصلاح الحمامات وتزليجها، والتي ظلت مرابطة بالسجن لأزيد من سنة ونصف. ويؤكد الجمايلي أن مهمته تنحصر في مراقبة أقفال أبواب الزنازين والشبابيك الحديدية، المتواجدة بها، وأن العناصر الفارة استغلت عددا من الثغرات، منها عدم تواجد العدد الكافي من الموظفين لحراستهم، وزاد قائلا: «لقد أصبح عملي منصبا فقط على الاستجابة لطلبات مجموعة السلفية الجهادية، من تطبيب، ومقابلات، وزيارات عائلية، والهاتف، والمراسلات، واقتناء الكتب، وكان قيامي بهذه المهام، يقتضي مني مغادرة حي «ألف» وتركه بدون مراقبة أو حراسة»، للأسف، يضيف الجمايلي، «لقد كنت مكلفا بالإشراف على 95 سجينا بين السلفية الجهادية، تتراوح أحكامهم من 20 عاما والإعدام، حيث أمارس عملي لوحدي، في الوقت الذي يكون فيه مساعدي في راحة طوال الأسبوع، أو يغادر إلى مستشفى الرباط، أما الحارس الليلي فيتم تكليفه بالذهاب إلى مستشفى الإدريسي بالقنيطرة، أو يقوم بتفتيش السجناء خارج الحي، لقد كان منتظرا أن تتعزز وسائل المراقبة بعد فرار النيني، لكن شيئا من ذلك لم يحصل، والمدير لم يغير من سلوكاته وطريقة تدبيره السيئة لأمور السجن». إلى ذلك، علمت «المساء»، من مصدر مطلع، أن الاستعلامات العامة بولاية أمن القنيطرة، استمعت إلى شخص يدعى زاكور، 48 يشتغل «لحاما» بالحي المستعجل المجاور للسجن المركزي، يدعي أنه شاهد ليلة يوم الفرار، في حدود الساعة السابعة والنصف، سيارة سوداء من نوع مرسيدس، تقف في وضع مشبوه بالقرب من السجن، من جهة ضفة وادي سبو، يستقلها شخصان، أحدهما يضع قطعة ثوب على رأسه، قبل أن يلتحق بهما شخص ثالث يلبس زيا أفغانيا، ووفق المصدر ذاته، فإن عناصر المصلحة المذكورة، تأخذ على محمل الجد كل ما يصلها من أخبار وشائعات تتعلق بحادث الفرار، ولا تستهين بأية معلومة، على أمل أن يقودها التحقيق بشأنها، إلى العثور على خيط يدلها على مكان تواجد الفارين والجهة التي سهلت لهم عملية الهروب.