المغرب بدوره يحتضن أجانب يعملون بطريقة غير شرعية في قطاعات مهمة، إذ لم يعد الأمر مقتصرا على المهاجرين المغاربة في أوروبا الذين يضطرون للعمل ضدا على القانون دون أن يتوفروا على وثائق الإقامة هناك.. فقد اكتشف مفتشو الشغل التابعين لوزارة التشغيل والتكوين المهني، أن بعض القطاعات تشغل عمالا من جنسيات مختلفة، وغير حاصلين على تأشيرة وزارة التشغيل والتكوين المهني كما تفرض ذلك القوانين المرعية في هذا المجال. في دورية صادرة عن وزارة التشغيل والتكوين المهني في أواخر السنة، نبهت المندوبيات في جميع التراب الوطني، إلى ضرورة، تضمين التقارير الشهرية، التي يرفعها إليها المفتشون شهريا، معطيات عن وضعية العمال الأجانب في مختلف المؤسسات التي يترددون عليها في سياق عملهم العادي.. وأتت دعوة الوزارة تلك بعد أن لاحظت أن تلك التقارير قلما تتعرض لهذا الجانب، كما تلح على ذلك مدونة الشغل، علما أن تعدد المهام الملقاة على عاتق المفتشين ، حسب البعض، لا تسعفهم في الإحاطة بها جميعها. و يبدو أن دورية وزارة التشغيل والتكوين المهني، جاءت متوافقة مع روح المبادرة التي أقدمت عليها، مندوبية الدارالبيضاء –أنفا، التابعة للوزارة، حيث أطلقت في حدود مجالها الترابي عملية غير مسبوقة، تروم الوقوف على مدى احترام الضوابط القانونية في عملية تشغيل الأجانب في قطاع المطعمة والفندقة، أي التوفر على عقود شغل تحمل تأشيرة الوزارة. استغرقت العملية شهرين ونصف، في الصيف الماضي، وهمت 132 مطعما، يشغل 1800 عامل، حيث وقف المفتشون التابعون للمندوبية، على وجود 58 أجنبيا يعملون في هذه المطاعم، من بينهم 39 عاملا لا يتوفرون على عقود تحمل تأشيرة وزارة التشغيل والتكوين المهني، مما يعني أن هؤلاء العمال لا يتمتعون بالحقوق التي تخولها لهم قوانين الحماية الاجتماعية في المغرب. وتجلى في نهاية تلك العملية التي استنفرت لها المندوبية جميع مفتشيها، أن الهنود يأتون في مقدمة العمال غير الشرعيين الذين يعملون في قطاع المطعمة، متبوعين بالفلبينيين والبرتغاليين والفرنسيين واللبنانيين والروس والإسبان والكاميرونيين والماليزيين.. وجاء التركيز في البداية على قطاع المطعمة بالنظر لتوافر مؤشرات على تشغيله لأجانب، خاصة أن التكوين في هذا التخصص عرف تطورا ملحوظا في انسجام مع الرؤية الجديدة التي تروم توفير تكوينات تتماشى مع حاجيات مختلف القطاعات ذات الارتباط بالسياحة. ويتبين أن النتائج التي توصلت إليها العملية التي أطلقتها المندوبية الجهوية للتشغيل والتكوين المهني، حفزت الوزارة على حث المندوبيات على الصعيد الوطني، على إيلاء التحري عن العمال الأجانب الأولوية في المهام التي يقوم بها.. بل يتجلى أن الوزارة، عازمة على تركيز المراقبة على قطاعات معينة، تفيد المؤشرات أنها تلجأ إلى تشغيل أجانب، بحيث ستوجه مندوبية الدار البيضاء آنفا في الأيام القادمة، لمراكز الاتصال centres d’appelالتي يشغل بعضها رعايا بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، دون أن يكونوا متوفرين على عقود تحمل تأشيرة وزارة التشغيل والتكوين المهني، علما أن الدار البيضاء- آنفا تحتضن أكبر عدد من تلك المراكز في المغرب، وهو قطاع، ما فتىء يتطور في المغرب، خاصة في ظل لجوء العديد من المؤسسات الأجنبية إلى نقل هذا النشاط إلى المغرب، مراهنة على المزايا التي تجنيها من ضعف الأجور فيه. ويفترض في الأجانب، باستثناء، رعايا السنغال وتونس والجزائر، الراغبين في العمل في المغرب التوفر على تأشيرة من مصالح وزارة التشغيل والتكوين المهني بالرباط ، وهي التأشيرة التي تمنح لهم بعد أن يدلوا بشهادة تسلم لهم من الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، تثبت أن القطاع الذي يتطلع الأجنبي إلى العمل فيه، لا يتوفر فيه عرض من اليد المغربية. وقد نظمت مدونة الشغل مسطرة تشغيل الأجراء الأجانب في المغرب، حيث شددت على أنه يجب على كل مشغل يرغب في تشغيل أجير أجنبي، الحصول على رخصة من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل، مرتبا على ذلك عقوبات مالية على عدم الحصول على تلك الرخصة أو تشغيل أجير لا يتوفر عليها، لكن يعتبر بعض المراقبين يعتبرون أنها غير كافية لردع بعض المشغلين عن سلوك ذلك السبيل.