توصلت دراسة ميدانية أنجزها تلاميذ ثانوية مولاي إدريس بالدار البيضاء حول ظاهرة الشغب في ملاعب الكرة، إلى استنتاج جميل يقول «إنه مادامت كرة القدم رياضة شعبية فإن الزيادة في أسعار تذاكر ولوج الملعب لا تختلف كثيرا عن أثمان المواد الاستهلاكية الأساسية»، وأكدت أن 79 في المائة من مثيري الشغب في المدرجات اعترفوا بولوجهم الملاعب دون الحاجة إلى أداء ثمن التذكرة، وهو رقم يؤكد أن الملعب «مثقوب» وأن السليت عملة رائجة بالرغم من الحواجز الحديدية الأشبه بفزاعات الحقول. تتأكد الظاهرة حين نقارن بين عدد المتفرجين الذين يملأون المدرجات والعدد الحقيقي للتذاكر التي سحبت من الأكشاك، مما يكشف عن وجود جمهور لا يقف في طابور بيع التذاكر ويكتفي بمراوغة المنظمين ليحتل مكانه بين المشجعين بأقل تكلفة وأكثر جهد، بل إن بعض مرتادي الملاعب يحولون سحناتهم إلى بطائق دعوة حتى أصبحت مطالبتهم بالتذكرة سبة قد تنتهي بتأديب السائل. في الأسبوع الماضي أصدرت جمعية رجاويون بلا حدود بلاغا تندد فيه بالزيادة غير المشروعة في أسعار التذاكر، خاصة التذاكر المتعلقة بالمدرجات المكشوفة والتي ارتفع سعرها من 20 إلى 30 درهما، وطالب البيان المكتب المسير بمراعاة القدرة الشرائية للمشجعين الذين يقتصون ثمن ولوج الملعب من كسرة خبزهم اليومي، علما أن الفرجة المقدمة لا توازي الثمن المقترح، بل إن أحد المتشائمين صاح في وجه بائع التذاكر في السوق البيضاء حين فوجئ بالزيادة قائلا «خاصكم تخلصونا حيت باقين كنجيو للتيران» في إشارة لغياب فرجة تبرر السعر. ولأن البلاد تعيش فورة قلق من جراء تناسل الزيادات في أسعار المواد الأساسية، فإن المظاهرات المنددة بالغلاء على امتداد ربوع الوطن، لم تشر للزيادات غير المشروعة في أثمان تذاكر ولوج الملاعب بالرغم من أن المسألة تهم نسبة كبيرة من المواطنين الذين يكتوون كل أسبوع بلهيب الزيادات ولهيب الإحباطات، لو انضم آلاف مشجعي الفرق المغربية لجحافل الغاضبين من الزيادات الأخيرة في الزيت والحليب والدقيق والغاز وعززوا الوقفات والحركات الاحتجاجية، لعشنا وضعا غريبا يردد فيه المتظاهرون شعارات معادية للجامعة ويصفونها بالنعت المعلوم، بل إننا سنكتشف قدرة منشطي المدرجات على زعامة المسيرات الاحتجاجية ولن نفاجأ إذا تخللتها قذائف الشهب النارية وقرع الطبول وتعويض اللافتات بميساجات الملاعب، مع احترام الألوان الرسمية للفرق. حين قررت الجهات الأمنية تهريب الديربي إلى الرباط فإنها ساهمت من حيث لا تدري في إضعاف القدرة الشرائية لفئة واسعة من عاشقي الناديين، لأن مصاريف المباراة تتعدى تذكرة الدخول إلى نفقات أخرى كالنقل والمأكل وغيرها من المصاريف التي تستنزف ميزانية الجماهير العاشقة لهذا النادي أو ذاك، وهي اعتبارات خارج اهتمام المسؤولين، لذا كانت خلاصة البحث الميداني المشار إليه موفقة حين أكدت أن تكسير كرسي في الملعب أقل ضررا من تدمير ميزانية النادي أو الجامعة من طرف مسؤول. تلغي التنسيقيات المحلية لمناهضة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار من مفكرتها فئة زبناء الملاعب الذين يعانون من الارتفاع السري والتقلب المزاجي لأثمان التذاكر دون علم صندوق المقاصة أو نزار بركة وزير الإقتصاد والشؤون العامة، ودون علم منشط الوصلة التحسيسية التلفزيونية التي تذكرنا بلازمة «استهلك بلا ما تهلك».